الشريط الاخباريسلايد

رحل مانديلا.. قصة حرية وعدالة باقية بقاء البشرية

رحل نيلسون مانديلا.. هذا الاسم الذي ارتبط بكل نضال إنساني منذ بداية ستينيات القرن الماضي ليصبح أيقونة الأحرار في العالم تضيء طريق المقاومة للشعوب المناضلة من أجل حريتها واستقلالية قرارها وكرامتها الإنسانية في عالم بات متخما بأشكال الظلم كافة.

 الجدير بالذكر أن نيسلون مانديلا كان قد زار سورية في العام 2000 واستقبله القائد الخالد حافظ الأسد و الدكتورة بثينة شعبان

b6964f68-aee3-4f4e-bde4-68a52891fe82

1c11bb78-b00e-49b7-9d33-0edaa885f9e0

على طريق المقاومة كانت عبارته.. “الجبناء يموتون مرات عديدة قبل موتهم والشجاع لا يذوق الموت إلا مرة واحدة”.. نعم ذاق مانديلا الموت هذه المرة الواحدة إذ لم يعرفه قبلها ولن يعرفه بعدها وهو الخالد أبدا فكرا وعقيدة ومسلكا ومنهجا ونجمة سلام.

 رحل مانديلا جسدا وهو الخالد قصة حرية وعدالة باقية بقاء البشرية.. هذا المناضل البطل الذي جمع الشجاعة والطيبة ولد في قرية مفيزو بمنطقة ترانسكي التي تبعد مئات الأميال عن جوهانسبورغ جنوب أفريقيا في 18 تموز عام 1918 لوالد بمثابة زعيم قبيلة لم تستمر زعامته طويلا إذ كان ضحية لحكم جائر من سيد أبيض.

عاش مانديلا قرابة القرن95 عاما كانت حقبة إنسانية أطول من الواقع بكثير لما شهدته من نضال وما حققه فيها من نجاحات وضعت أسس النظام الديمقراطي في جنوب أفريقيا قضى منها 27 عاما في السجون حيث بدأ كفاحه منذ كان طالبا جامعيا ضد سياسات التمييز العنصرية في بلاده واتسع نشاطه عام 1961حيث ألقي القبض عليه في العام التالي ليواجه حكما بالسجن مدة خمس سنوات وقبل أن تنتهي صدر بحقه حكم آخر في عام 1964 بالسجن مدى الحياة.

 ولمانديلا صاحب البشرة السمراء شخصية مميزة تطفو عليها الطيبة رغم المعاملة القاسية التي عانى منها على أيدي النظام العنصري ما يزيد من رصيده العالمي كشخصية محبوبة في مختلف أنحاء العالم حيث أكثر صور المناضل الافريقي انتشارا تلك التي يحيي بها الجماهير الغفيرة التي تستقبله في كل ظهور وهو يرفع يده بإشارة محبة ونظرة سلام مرتديا زي بلاده الشعبي.

ومن حياة أسطورة النضال مانديلا أنه تلقى دروسه الابتدائية في مدرسة داخلية ثم بدأ الإعداد لنيل إجازة من جامعة فورت هار ولكنه فصل من الجامعة مع رفيقه أوليفر تامبو عام 1940 بتهمة الاشتراك في إضراب طلابي ما جعله يعيش فترة دراسية مضطربة تنقل خلالها بين العديد من الجامعات ليتابع دراسته بالمراسلة من مدينة جوهانسبورغ في وقت كانت جنوب إفريقيا خاضعة لحكم يقوم على التمييز العنصري الشامل الذي يسلب السمر حق الانتخاب والمشاركة في الحياة السياسية بل كانت الأمور تصل لدرجة انه يحق لحكومة الأقلية البيضاء أن تجردهم من ممتلكاتهم أو أن تنقلهم من مقاطعة إلى مقاطعة.

وانتسب مانديلا عام 1944 إلى حزب “المجلس الوطني الإفريقي” المعارض للتمييز العنصري الذي بدأ عام 1952 بما عرف بـ “حملة التحدي” وكان مانديلا مشرفاً مباشراً على هذه الحملة وفي نفس العام افتتح مع رفيقه أوليفر تامبو أول مكتب محاماة للسمر في جنوب إفريقيا ما زاده تمسكا بمواقفه بعد أن سمح له عمله بالاطلاع مباشرة على المظالم التي كانت ترتكب ضد أبناء الشعب الضعفاء إذ كان حصول مواطن أسمر على حقوقه نوعا من المستحيل.

مانديلا الذي غادر بهدوء على فراش المرض عاش حياة لم تعرف الهدوء فبعد مجزرة شاربفيل التي راح ضحيتها عدد كبير من السمر عام 1960 وتم حظر نشاطات حزب المجلس الوطني الإفريقي.. اعتقل مانديلا وسجن قرابة ثلاثة عقود وظل متمسكا بثوابته داخل السجن كما خارجه إذ رفض عرضا في السبعينيات بالإفراج عنه في حال قبل العودة إلى قبيلته والخلود للسكينة كما رفض عرضاً آخر في الثمانينيات مقابل إعلانه رفض العنف ولكنه بعد الإفراج عنه يوم الحادي عشر من شباط 1990 أعلن وقف الصراع المسلح وبدأ سلسلة مفاوضات أدت إلى إقرار دستور جديد في البرلمان نهاية 1993 وفي العام نفسه منح جائزة نوبل للسلام عام 1993والعديد من شهادات الشرف الجامعية.

وبعد نحو ثلاثة عقود في السجن أفرج عن مانديلا وانتخب بعدها رئيسا لجنوب أفريقيا في انتخابات تاريخية متعددة الأعراق حدثت في 29 نيسان 1994 ولم يستمر إلا فترة رئاسية واحدة حتى أعلن في عام 1999 تقاعده وأسس في نفس العام مؤسسة مانديلا الخيرية وتحولت جهوده فيما بعد إلى مكافحة مرض الايدز في جنوب أفريقيا.. ومع بلوغه التاسعة والثمانين شكل مجموعة حكماء تضم شخصيات قيادية عالمية لتقديم الخبرات والإرشادات بخصوص بعض أصعب المشاكل في العالم.

يذكر أن آخر ظهور لمانديلا على الساحة العالمية كان في عام 2010 عندما حضر مباراة في نهائيات كأس العالم لكرة القدم حيث لقي استقبالا حافلا من 90 ألف مشاهد في الاستاد بسويتو الحي الذي شهد بزوغه كزعيم للمقاومة إذ كان قبل ظهوره ذاك قد أعلن اعتزاله الحياة العامة عام 2004 حيث تحدثت وسائل الاعلام عن دور بارز لعبه مانديلا في قرار منح جنوب إفريقيا حق تنظيم نهائي كأس العالم حينها.

“الحرية لا يمكن أن تعطى على جرعات فالمرء اما أن يكون حرا أو لا يكون حرا” .. “العظمة في هذه الحياة ليست في التعثر ولكن في القيام بعد كل مرة نتعثر فيها ” كلمات نيلسون مانديلا هذه عاشها بكل تفاصيلها وتركها لأحرار العالم شعلة نضال أمس بإعلان رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما رحيل مانديلا بعبارة” مواطني في جنوب أفريقيا.. رحل حبيبنا نلسون مانديلا الرئيس المؤسس لبلدنا الديمقراطي” وأضاف “فاضت روحه إلى بارئها بسلام في منزله.. توفي بهدوء في منزله بجوهانسبورغ مساء الخميس بعد مرض طويل في الرئة وسيشيع جثمانه في جنازة رسمية”.. كما أمر زوما بتنكيس الأعلام في البلاد.