مساحة حرة

هل عاد بندر ثانية بخف حنين من موسكو ؟؟

في غضون أربعة اشهر ذهب بندر السعودية الى موسكو مرتين والتقى الرئيس بوتين مرتين ايضا وأثارت زيارة بندر الثانية اسئلة ربما اكثر من الزيارة الاولى بسبب فشله في الحصول على اي مكسب رغم الاوراق القوية التي حملها آنذاك وظن انه من خلالها سيدخل فاتحا ابواب الكرملين ويفرض شروط الفاتحين بشأن الأزمة في سورية مما اضطره لمعاودة الحج الى موسكو مرة ثانية وبأوراق أقل وأ ضعف بعد ان جرت دماء كثيرة تحت جسر الأزمة السورية خلال الأشهرالأربعة الماضية لغير صالح الحكم السعودي ولعل هدفه الاول من وراء ذلك ان يجد مخرجا لحالة الارتباك والفشل والعزلة الدولية التي وصلت اليها السياسة السعودية وحتى لا يفوتهم قطار الحل السياسي المتجه الى جنيف فتخرج المملكة المتحجرة ذهنيا ودبلوماسيا من المولد السوري بلا حمص كما يقال وإلا ما معنى ان يجمع العالم على ان إسقاط النظام في سورية عسكرياً انتهى وبات غير مطروح من اية جهة مؤثرة ، وبالتالي فالعالم ذاهب عاجلا ام آجلا الى حل سياسي، ماعدا السعودية وحدها التي ما زالت مصرة على القتال حتى آخر قطرة دم ..؟؟ الا يعني ذلك انها لاتريد ان ترى أي حل وطني يتوافق عليه السوريون وتريد فقط بل وتصرعلى ان ترى استمرار شلالات الدماء في سورية الى مالانهاية .. لكن ماحصل على الارض السورية من انجازات وما تبعه من اتفاق امريكي ايراني ومن استدارات اقليمية ودولية متسارعة ومناقضة لاستمرار آل سعود في لعبة الدم السورية منذ زيارة بندر الاولى الى موسكو  الامر الذي جعل هؤلاء يستشعرون الخطر الداهم عليهم فسارع كبير جواسيسهم ليطرق ابواب بوتين مرة ثانية …
وللمقارنة فقط نرى كيف استغرقت المحادثات بين بوتين وبندر في المرة الاولى مايقارب اربع ساعات بينما في المرة الثانية كان الحديث رسميا وقصبرا وكان بالدقائق وليس بالساعات ولايوحي بان هناك مشروع صفقة ثانية يعرضها الموفد السعودي وتستغرق وقتا طويلا كما في المرة الاولى لان الموقف الروسي ثابت وغير قابل للتغيير بالنسبة لسورية الامر الذي يوحي ايضا ان سيد الكرملين بات في الموقف الاقوى ويعرف ان اوراق القوة التي كان يحملها بندر في المرة الاولى فقدت الجزء الاكبر من مفعولها ان لم يكن كلها فلا عدوان عسكري امريكي على سورية يهدد به بندر بعد الآن ولاورقة الحرب الامريكية الاسرائيلية على ايران قائمة بعد الاتفاق النووي معها وهي ورقة أساسية فقدتها السعودية، في أولوية الأمن الخليجي ومحورية الدور السعودي في المنطقة , ولم يعد هناك من حديث حول التدخل العسكري المباشر من الناتو او الغرب في الازمة السورية وغاب اي حديث من حلفاء بندر الاساسين في الغرب عن تنحي الرئيس بشار الاسد ولم تنجح الفصائل السبعة التي أُعيد توحيدها، بأمر من بندر شخصيا ، في ما يسمى «الجبهة الإسلامية»، في تحقيق أي اختراق في المناطق التي كان الجيش السوري قد استعاد السيطرة عليها، سواء في الغوطة الشرقية الاستراتيجية في ريف دمشق، أو في جبهات حلب التي أصيبت فيها المعارضة بهزائم كبيرة في السفيرة وخناصر وريف حلب الشرقي والشمالي وريف حمص وادلب الشمالي وكذلك خسائرهم الكبيرة في قارة ودير عطية والنبك ومعارك القلمون الجارية  على اشدها ..
ومن ناحية اخرى شارفت المدة التي طلبها بندر لتأخير انعقاد مؤتمر جنبف 2 على الانتهاء بعد ان استنفد جزءاً كبيراً من المهلة التي منحها له الأميركيون والأتراك لإعادة تعديل ميزان القوى لمصلحة العصابات المسلحة، قبل الاضطرار إلى تحديد موعد لمؤتمر «جنيف 2 وإطلاق عملية سياسية لا تزال غير واضحة المعالم، لكنها باتت اوضح من جهة عدم تكرار معزوفة تسليم مقاليد الامور في سورية للمعارضة الارهابية المسلحة بل بدأت ترتفع الاصوات العربية والغربية والدولية المطالبة بالابقاء على نظام الحكم الذي يشنّ بندر بن سلطان حرباً تكفيرية وحشية شاملة عليه لإسقاطه بأي شكل وبأي ثمن ..
ويمكن القول ان مهلة الستين يوما التي طلبها بندر لتغيير موازيين القوى على الارض كانت محبطة لاحلامه ولم يفلح بتغيير شيء رغم خسارته آلاف الرجال في عشرة أيام ولذلك اقر في هذه الزيارة بالحديث عما انكره سابقا حول التحضير لجنيف ، من خلال إعلان الكرملين بعد لقاء بوتين – بندر انّ الطرفين تناولا التحضيرات لمؤتمر جنيف 2 رغم نفي المملكة بعد الزيارة الاولى وبَعد الاتصال الهاتفي بين بوتين والملك عبدالله بن عبد العزيز منتصف الشهر الماضي، ان يكون الأخير قد وعد بالمساعدة في التحضير لمؤتمر جنيف المرتقب وهذا ان دل على شيء انما يدل على التخبط في السياسة السعودية  كما يدل بوضوح ايضا الى انّ السعودية لحست مواقفها من “جنيف – 2″ واضطرت لطلب العون من الجانب الروسي من اجل الالتحاق بقافلة مؤتمر جنيف2 دون شروط و بالرؤية الروسية الى حد كبير ..
وبغض النظر عن ان هناك ملفات اخرى قيل انها كانت على طاولة المحادثات بين بندر وبوتين وخاصة الملف النووي الايراني فان الملف السوري يبقى هو هاجس السعودية وهاجس بندر بالذات والخلاف عليه استمرّ بين روسيا والسعودية وعاد بندر من الزيارة الاولى بخفي حنين ولم تنفعه الاوراق القوية التي ظنها سارية المفعول وقادرة على أخذ الطرف الروسي بعيدا عن سورية واطلاق يد السعودية فيها ولم تنفعه سياسة الاغواء بالمال أ والصفقات التي برع بها منذ ما قبل صفقة اليمامة المعروفة ولا تقليده لسياسة العصا والجزرة التي تعلمها من اسياده الاميركان في اية مفاوضات ..
وماعجز عن تحقيقه في المرة الاولى وهو يحمل كل هذا الزخم القوي وعاد خائبا ولم يتمكن من شراء الملف السوري سيكون عاجزا عن الحصول على اكثر من خفي حنين هذه المرة ايضا ولن تمنحه موسكو شرف الانتصار وهو في الموقع الاضعف ميدانيا وسياسيا ولاسيما بعد ان فقدت السعودية اهميتها في الحسابات الامريكية وصارت سمعتها ومكانتها في الحضيض اقليميا وعالميا نتيجة انخراطها المكشوف والتام بالارهاب التكفيري الذي بات يهدد دول العالم قاطبة بدعم مباشرمن البيت السعودي وبتشجيع منه مكشوف للوحوش السلفية لارتكاب افظع جرائم هذا العصر على الاطلاق …

البعث ميديا  || د.تركي صقر