سورية

لحام: سورية دخلت ضمير العالم وأدعو أبناءها للوقوف صفاً واحداً

أكد البطريرك غريغوريوس الثالث لحام بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك أن من كبريات التحديات أمام المجتمع العربي حالة الانقسام التي يعيشها ونمو الحركات التكفيرية المتطرفة التي لا مجال فيها للآخر أو للفكر الآخر والرأي الآخر داعيا الجميع إلى الوقوف صفا واحدا لمواجهة هذه الحركات وأفكارها الهدامة.

وحذر البطريرك لحام في رسالة وجهها إلى المؤمنين اليوم بمناسبة عيد الميلاد المجيد أبناء المجتمعات العربية بمختلف أطيافهم من مؤامرات تحاك ضدهم من قبل بعض أفراد هذه المجتمعات مشددا على أن من مصلحة الجميع الوقوف بوجه هذه المؤامرات ومحاربة التكفير والتطرف.

وقال البطريرك لحام إنني “أعايش يوميا في سورية وخارجها ليلا ونهارا في حلي وترحالي الأزمة التي تمر بها ومعاناة المواطنين جميعا على اختلاف معتقدهم ودينهم وتوجههم” ولهذا أدعو جميع أبناء هذا البلد “ألا يتركوه وأن يصبروا وألا يخافوا لأننا جميعا يجب أن نبقى معا مسيحيين ومسلمين ونبني معا سورية المتجددة والعالم العربي المتجدد”.

وتابع إن هناك أحزانا كثيرة تتفجر في كل مكان في مشرقنا العربي ولاسيما في سورية الحزينة حيث يسقط المئات من الضحايا الأبرياء وأحرقت ودمرت وتضررت بعض دور العبادة والكنائس بخاصة في معلولا التي تعتبر من أقدس وأقدم المواقع المسيحية والتراث المسيحي وأيضا في حمص والرقة ويبرود وصدد وكل أنحاء سورية وهذا ما لم تعرفه في تاريخها مشددا على أن ما نشهده هو “أعمال إجرامية غريبة عن تاريخ بلادنا العربية عموما”.

وأضاف البطريرك لحام “إضافة إلى المآسي التي تشهدها سورية لا يزال الأطفال كما جرى في بيت لحم قبل ألفي سنة ضحية الحروب والنزاعات وهم الآن نازحون مشردون مع أو دون أهلهم” لافتا إلى حجم المآسي التي تعانيها الأسر السورية بفقدان أبنائها نتيجة للأعمال الاجرامية التي ترتكب من قبل المتطرفين والتكفيريين.

وقال “إنها السنة الثالثة للحرب والأزمة في سورية وعلى الرغم من اشتدادها فإننا نتذكر دائما كيف أطلق البابا فرنسيس عندما اشتدت الأزمة وبلغت ذروتها في آب 2013 نداءه القوي برفض توجيه ضربة عسكرية ضد سورية ودعا إلى الصوم والصلاة لأجلها في العالم أجمع لينضم العالم كله إلى البابا” مضيفا إن سورية دخلت إلى ضمير العالم بطرق ثلاثة هي “التهديد بضربة عسكرية عليها وسقوط معلولا صرخة في ضمير العالم والدعوة للصوم والصلاة لأجلها من قبل قداسة البابا فرنسيس المحبوب ليلي ذلك تغير الصورة وهدوء العاصفة بعد أن انضم العالم في توجه واحد إلى البابا.. إلى طريق السلام وإلى جنيف واللقاء والمصالحة وبناء مستقبل أفضل”.

وأوضح البطريرك لحام أنه مستمر في دعوته إلى حملة كنسية عالمية محلية عالمية إقليمية لرفض الاحتكام إلى السلاح والعنف والحرب والتوجه نحو السلام والمصالحة والحوار والذهاب إلى مؤتمر جنيف2 والعمل على متابعة العيش المشترك في المشرق العربي لأن هذا هو المستقبل الواعد وهو التوجه الذي يجعل شعلة الأمل دائما مشتعلة في قلوبنا في سورية والمشرق والعالم كله.

ولفت إلى أن الأعمال الإجرامية لا تقتصر على سورية بل شملت مصر والعراق ولبنان حيث تتوالى التفجيرات والأعمال الإرهابية التي تستهدف المدنيين ودور العبادة والمنشآت داعيا أبناء المجتمعات العربية إلى الصبر في خضم الأزمات “الخانقة المدمرة الدامية والمأساوية” التي يمر بها عالمنا العربي ولاسيما في سورية والعراق ومصر ولبنان وعدم الهجرة والثبات في الأرض بالرغم من الصعوبات التي نشعر بها وبذل أقصى الجهود لتخفيف معاناة المهجرين ولأجل إطلاق سراح المخطوفين مطارنة وكهنة ومواطنين أبرياء.

وشدد البطريرك لحام على أن التنوع الحضاري الذي شهدته منطقتنا هو أساس العيش فيها وهو ضرورة أساسية لتحقيق العيش المشترك والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والانفتاح.

وفيما يخص القضية الفلسطينية اعتبر البطريرك لحام أن عدم حل هذه القضية وعجز الأنظمة العربية والمجتمع الدولي عن حلها هو الذي يعرض مجتمعاتنا للمزيد من التطرف والتكفير والانحراف وهو ما يسبب هجرة أبناء المنطقة وتركهم لبلادهم.

وأشار إلى أن عدم حل هذا الصراع حال دون تطور البلاد العربية نحو الأفضل كما كان أيضا السبب في انقسام العالم العربي وحال دون وحدته الحقيقية وتقدم شعوبه وهكذا ما زالت نسبة الأمية مرتفعة وهناك فقر وجوع وهناك أيضا أنظمة لا تساعد على التطور الحقيقي البشري والإنساني ولاسيما في مجال حقوق المرأة والتطور العلمي وسواه.

ولفت البطريرك لحام إلى أن هناك ضرورة حقيقية وجدية لحل القضية الفلسطينية والعمل بجد على تطوير القيم الدينية بعيدا عن التكفير والتطرف وعن كل الأوصاف السلبية التي تلصق بالدين الإسلامي للحفاظ على حالة العيش المشترك التي تعتز بها منطقتنا على مر التاريخ.