مساحة حرة

المعارضة السورية ..وشهوانية السلطة ؟؟

 في العرف السياسي العام تُشكل المعارضة في أي بلدٍ سواء كانت ممثلةً بحزب أو مجموعة أحزاب أو شخصيات وطنية مستقلة ، حالة من الوعي الوطني الإضافي وتحمل مشروعاً وطنياً شاملاً يختلف كلياً أو جزئياً مع طبيعة النظام المعتمد من قبل السلطة الحاكمة في هذا البلد ، وأما عن صوابية الموقف أو المشروع فهذا يتعلق بنوعيته ومدى قبوله من الجماهير الشعبية أو رفضها له ، في حالتنا السورية الأمر يختلف كلياً مع بعض الشواذ القليلة ، فقد أكدت الأحداث الجارية منذ قرابة الثلاث سنوات بأن من يسمون أنفسهم معارضة سورية هم  في الحقيقة عدة  نماذج جميعها لا ينطبق عليها التعريف السياسي للمعارضة الوطنية في بلد من العالم ، وعندما ندخل في تفاصيل ما يُسمى بالمعارضة السورية نجد أنها مكونة من ثلاثة نماذج متباينة في كل شيء :

   النموذج الأول  : يتألف من عدة شخصيات ذات خلفية فكرية أو اقتصادية أو اجتماعية انشقت عن أحزاب قائمة كانت تنتمي إليها سابقاً ، ثم تركتها وذلك لغايات مختلفة ، بعض هذه الأحزاب داخل التحالف الوطني للأحزاب التي تُشكل السلطة القائمة في سورية اليوم  ” الجبهة الوطنية التقدمية ”  ، استطاع هؤلاء الأشخاص فيما بعد من تشكيل أحزاب جديدة لها امتدادات شعبية على الأرض يختلف تعدادها في كل محافظة ، لكنها لم تصل إلى درجة من الشعبية تؤهلها لخوض انتخابات – أي انتخابات – منفردة على الأرض وتحقق نتائج كبيرة ، هذا النموذج يُشكل حالة طبيعية في المجتمع وأفراده ملتزمون بالثوابت الوطنية ، لذلك يُمكن تسميتهم بالمعارضة الوطنية .

  النموذج الثاني : هو عبارة عن مجموعة من الشخصيات الاعتبارية التي كان لها يوماً ما دور في السلطة وأصبحت بحكم تطور الحياة خارج السلطة ، وجدت الفرصة مناسبة لإبراز مواهبها القيادية القديمة من جديد تحت يافطة معارضة النظام ، وهؤلاء لا يُشكلون ظاهرة متكاملة لذلك يبقى تأثيرهم في الحياة العامة السورية بحدوده الضيقة التي قد لا تتجاوز أسرهم .

  وأما النموذج الثالث وهو الأخطر على حاضر ومستقبل الوطن والأمة ، أفراده هم أشخاص لكل منهم حكاية أو مشكلة مع أسرته أولاً ومع النظام ثانياً ، أدت إلى خصام و عداوة وأحقاد شخصية ضد النظام والسلطة الحاكمة ومع كل القيم الإنسانية والوطنية ، فمنهم المختلس للأموال العامة ، ومنهم رجال مافيا المخدرات وتهريب قوت الشعب وصولاً إلى تهريب الآثار ومنهم البلطجي وقاطع الطريق والنصاب …الخ ، وما يُطلق عليهم في الغرب لاجئون سياسيون هم بالأساس مواطنون من أصل سوري لفظهم مجتمعهم لهذه الأسباب وتحولوا إلى أفراد مأجورين لصالح مخابرات هذا البلد أو ذاك ، هؤلاء جميعاً لجئوا  إلى دول معادية لسورية وتركزت أعمالهم في دولة أو عدة دول مشابهة لها ( لأن بعضهم عميل مزدوج أو أكثر ) وهم يتقاضون رواتب وأجور لقاء الخدمات المخابراتية والأمنية وغيرها من الخدمات المسيئة  لوطنهم الأم ولأمنه وسلامة شعبه ، تعهدوا بتقديمها لهذه الدولة أو تلك التي هي بالأساس دول معادية لسورية ولها مصلحة حقيقية في ضرب وحدة واستقرار سورية ، نستطيع أن نضع جميع من يُسمون أنفسهم المعارضة الخارجية وبعض من معارضة الداخل ( ممن كان يأخذ تعليماته من سفارات محددة ويتقاضى منها إعانات مالية لقاء مواقف وأعمال يُنفذها )  ضمن هذا النموذج المقيت للشعب السوري والذي لن يكون له لا حاضراً ولا مستقبلاً دوراً بناء في الحياة العامة السورية ، لذلك كانوا في جميع مستوياتهم يُطالبون الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة بضرب سورية واحتلالها من أجل فرض وجودهم بقوة الأجنبي المعتدي .

من ينتمي لهذه النماذج الثلاثة ممن يُسمون أنفسهم معارضة سورية يبتعدون  عن الواقع ، ويُخالفون المنطق الطبيعي لتطور الحياة ، والأهم من هذا وذاك أنهم لا يمتلكون مشروعاً وطنياً محدد الشكل واللون ، وبالتالي تبقى أفكارهم وطروحاتهم فردية لا ترقى إلى مستوى الحالة الوطنية الجامعة ، لذلك يرى المراقب المحايد بأن من يُطلق عليهم ” معارضة سورية ” قد أضاعوا الهوية الوطنية أمام شهوانية السلطة .

   شكل الصمود السوري الأسطوري ضربة قوية لكل المعارضة التي كانت تُراهن على الدور الغربي في تدمير سورية وتسليمها أطلالاً لهؤلاء العملاء ، لذلك نجد أن ما يُطلق عليه ” بالائتلاف ” يُعارض الحوار ويقف بعيداً عن المؤتمر الدولي في محالة لتعطيل المساعي الدولية ، لأنهم يثقون تماماً بعودتهم من أي مؤتمر حوار كما ذهبوا ، لأن الدولة السورية قوية بجيشها الباسل وبشعبها الصابر وبقيادتها الحكيمة وعلى رأسها السيد الرئيس بشار الأسد الذي أثبت للعالم أن سورية تُحارب الإرهاب الدولي العابر للحدود بالوكالة عن دول العالم والتي يدعم  قسم كبير منها  الإرهاب على الأراضي السورية ومن بينها دول الغرب قاطبة .

محمد عبد الكريم مصطفى

 Email: Mohamad.a.mustafa@Gmail.com