مساحة حرة

مؤتمر جنيف2 .. وتساقط الأوراق ؟؟

 مع اقتراب الموعد المحدد لانعقاد مؤتمر جنيف2 المخصص لحل الأزمة السورية، وتسارع التحضيرات والاجتماعات الدولية ، بدأت تتساقط أوراق التوت لتظهر الأشياء على حقيقتها ، انسحابات وانقسامات في ” ائتلاف الدوحة ” وانفراط عقد الدول المعادية لسورية حتى لم يبق من مجموعة الدول الـ133 التي أطلقت على نفسها اسم ” مجموعة أصدقاء سورية ” سوى إحدى عشرة دولة أخذت كل منها منحى خاص يختلف ويتناقض مع الأخرى لتأمين مصالحها الذاتية في الحدود الممكنة ، وبدأت كل دولة منها تبحث عن المخرج الذي يؤمن لها  هامشاً  لدرء المخاطر التي أخذت بالظهور داخل تلك الدول نتيجة سياساتها الفاشلة.

ففي تركيا بدت حكومة ” أردوغان ” في وضع لا تُحسد عليه وفضائح الفساد الكبرى تُحيط بعائلة أردوغان من كل جهة ، وخلافات كبيرة ضمن حزب العدالة والتنمية نتيجة السياسة التي اعتمدتها حكومته ضد الشعب والدولة  السورية ، وفي قطر رغم تغيير الوجوه لم تزل قضية الفشل في الوصول إلى أي من الأهداف التي عملوا عليها على قرابة الثلاث سنوات الماضية لتدمير الدولة السورية وتخريب مؤسساتها الرسمية والشعبية تلاحقهم وتحولت إلى صراع محتدم مع السعودية مملكة الكفر والنفاق والخيانة ، التي بقيت هي الأخرى لوحدها على الساحة الإقليمية تتبنى بشكل وقح دعم التنظيمات الإرهابية التي جمعتها تحت مسمى ” الجبهة الإسلامية ” وفي إشارة خبيثة من وزير خارجية الولايات المتحدة ” جون كيري ” من باريس قال فيها : بأن داعش وجبهة النصرة والقاعدة تنظيمات إرهابية في محاولة لتحييد الجبهة الإسلامية ، قابلها رد سريع من وزير الخارجية الروسي ” سيرجي لافروف ” بأن كل التنظيمات التكفيرية التي تُحارب في سورية هي تنظيمات إرهابية بما فيها الجبهة الإسلامية ، وما بين الأخذ والرد بدت سورية ومحور المقاومة في موقف المنتصر الذي لن يتراجع ضمن استمرار مشروعه الوطني والقومي ،عن اعتماد سياسة محاربة الإرهاب على الأراضي السورية وفي جميع المناطق التي تصل إليها يد الغدر الإرهابية .

  إن انحلال التحالف المعادي لسورية كما أكدت الوثائق المسربة من الاجتماعات واللقاءات السرية تؤكد على غياب ما يُسمى ” بالمعارضة المعتدلة ” التي تدعي وجودها الولايات المتحدة في كل مناسبة ، وخاصة بعد أن انتهى وجود ما كان يُدعى ” بالجيش الحر ” حيث يقول ” تيري ميسان ” في جريدة الوطن السورية  : إذا كنا نتحدث هنا عن ” الجيش السوري الحر ” فنحن نتحدث عن شيء لا وجود له على الأرض ..وأما الجبهة الإسلامية – التي شكلها مؤخراً الأمير بندر بن سلطان – وجبهة النصرة الموالية لقطر ،”  وداعش ” التي أظهرت الشرطة التركية وكذلك القضاء التركي أنها كانت تمول بشكل مخالف للقانون من قبل رجب طيب أردوغان ..فهي كلها تنظيمات إرهابية تتبع للقاعدة .

  تلك الحقائق أصبحت واضحة وتحت تصرف مجلس الأمن الدولي والمجتمع الدولي كبند رئيسي على جدول أعمال جنيف2 ، و قد أقرت الولايات المتحدة ضمنياً بالنصر الكبير الذي حققه محور المقاومة وعلى رأسه الدولة السورية والجيش العربي السوري في معركة حُشدت فيها قوى الشر والكفر من كل بقاع الكون ، لكن صمود الشعب السوري وبسالة جيشه الوطني وحكمة قيادته السياسية ، ضيع الفرصة وهزم الأعداء بطريقة مذلة ، وإن نجاح جنيف2 لن يتم إلا من خلال اعتماد الورقة الرسمية السورية التي تُمثل الشعب السوري بأغلبيته وفق صناديق الانتخاب التي شرعنت الدستور الجديد ومنحت الحكومة القائمة وكالة شعبية كبيرة من خلال انتخابات مجلس الشعب الأخيرة .

  إن نجاح مؤتمر جنيف2 يُحدده التوافق الدولي  على مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه البشرية والمادية ، وتحديد دور ومسؤولية كل دولة لاعبة في هذا المضمار ، وخاصة السعودية وقطر وتركيا ، وإذا كانت تعتقد تلك الدول بأنها بمنأى عن الحساب القانوني والجنائي الدولي فهي واهمة ، لأن دماء السوريين التي تسببوا بإرهاقها لن تذهب سدىً ، وعلى المجتمع الدولي أن يُحدد المسؤوليات بدقة من خلال مؤتمر جنيف2 ، ولا يكفي تعبير القوى الكبرى عن قلقها من انتشار الإرهاب الذي ينشط على الأراضي السورية إلى أماكن جديدة ، لأن هذا القلق لا ينفع السوريين بشيء ، وأن خطر الإرهاب الدولي قادم بشكلٍ مؤكد إلى جميع الدول والمناطق دون استثناء ، لذلك من المصلحة الدولية أن يتوقف الإرهاب على الأراضي السورية وفيها لكي يتمكن السوريون من الالتقاء والحوار بما يُساهم في وقف الأزمة وإقامة مشروع الدولة الحديثة انطلاقاً من تطوير وتحديث المؤسسات القائمة وليس إلغائها أو إحلال أخرى مكانها .

محمد عبد الكريم مصطفى

  Email: Mohamad.a.mustafa@Gmail.com

البعث