الشريط الاخباريسلايدسورية

الجعفري: بعض الدول تضلل حقيقة الوضع في سورية خدمة للإرهاب

أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري أن بعض الدول تواصل التطرق إلى الوضع في سورية بطريقة تضليلية واستفزازية وتسوق الادعاءات والاتهامات الباطلة التي تصب في خدمة المشروع الداعم للإرهاب والتطرف في سورية والمنطقة.

ونقلت وكالة “سانا” للانباء عن الجعفري، قوله  في بيان سورية أمام مجلس الأمن خلال جلسة لمناقشة البند المعنون “الحالة في الشرق الأوسط” أمس: “إن وفود بعض الدول تعمدت التطرق في بياناتها إلى الوضع في سورية بطريقة تضليلية واستفزازية وساقت عدداً من الادعاءات والاتهامات الباطلة التي لا تصب إلا في خدمة المشروع الداعم للإرهاب والتطرف في سورية والمنطقة وفي خدمة إبعاد الانتباه عن جوهر البند موضوع النقاش وهو سبل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية وليس مناقشة الأوضاع الداخلية في دول المنطقة”.

وتابع الجعفري: “إنني وانطلاقاً من هذه القناعة لن أرد في إطار هذا البند على وفود تلك الدول المعادية التي تدعم وتؤوي وتسلح وتدرب وتحرض الإرهابيين وتسهل تسللهم إلى الداخل السوري عبر الحدود مع الدول المجاورة وتنشر التطرف والتخريب والإرهاب في سورية وتعمل جاهدة على إفشال أي حل سلمي بقيادة سورية للأزمة، بما في ذلك الجهود المبذولة لعقد مؤتمر جنيف 2 الذي وافقت الحكومة السورية على المشاركة فيه دون شروط مسبقة”.

وأردف قائلاً: “إن هذه الوفود أشارت إلى إرهاب على طرف الحدود السورية من الشرق أي في العراق الشقيق مع غض الطرف عن الإرهاب الذي ينتشر في سورية وللتذكير فإن التنظيم الإرهابي الأهم الذي يضرب سورية والعراق معا اسمه تنظيم القاعدة في العراق والشام ومع ذلك ارتأت تلك الوفود إدانة أنشطة هذا التنظيم الإرهابي في العراق وهذا حق في حين شل لسانها وعجز عن إدانة أنشطة نفس التنظيم الإرهابي في سورية”.

وأكد مندوب سورية في المنظمة الأممية أنه من “المعيب حقاً أن يذهب النفاق بعيدا إلى هذا الحد في الوقت الذي قدمت فيه سورية لمجلس الأمن أسماء مئات القتلى على أراضيها من الإرهابيين السعوديين والقطريين والأتراك والبريطانيين والفرنسيين والبلجيكيين والأمريكيين والكنديين والأستراليين والليبيين والتونسيين وغيرهم وفي الوقت الذي اعترف فيه وزراء داخلية بريطانيا وفرنسا ودول غربية أخرى وكذلك مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي بخوف تلك البلدان من عودة رعاياها الإرهابيين الذين يسفكون الدم السوري في سورية إلى بلدانهم”.

وأشار الجعفري إلى أن المسؤولين الغربيين يرون في عودة هؤلاء الإرهابيين الغربيين إلى بلدانهم مشكلة وهو أمر مرفوض والأفضل برأيهم أن يبقوا في سورية ليستمروا بسفك دم السوريين وكأن أولئك الإرهابيين قد غادروا بلدانهم عبر ارتداء طاقية الإخفاء أو أن أجهزة مخابرات تلك الدول وحكوماتها لم تكن على علم بذلك أبدا.

في سياق نفسه، قال الجعفري: “إن سيارات شحن تركية مرسلة من الحكومة التركية يفترض أنها تحمل مساعدات إنسانية إلى سورية كما يقال تم توقيفها بالصدفة داخل الأراضي التركية من قبل الشرطة التي كشفت النقاب عن أن تلك الشاحنات فيها أسلحة وليس أدوية وأغذية للأطفال أو أغطية وملابس للارتداء في فصل الشتاء فكان رد رئيس الحكومة التركية بتسريح المئات من ضباط الشرطة وضباط الجمارك والقضاة لأنهم كشفوا النقاب عن تلك الشاحنة”.

وأوضح أن نفس الوفود تجاهلت ما أعلنه وزير العمل الفلسطيني أحمد مجدلاني قبل أيام من دمشق بأن الإرهابيين الإسلامويين تجار الدين الممولين من المخابرات السعودية والقطرية والتركية هم الذين أطلقوا النار على قافلة المساعدات الإنسانية التي نظمتها الأونروا عندما كانت تحاول الدخول إلى مخيم اليرموك، كما أن مدير مكتب الأونروا والسفير الفلسطيني في دمشق ووزير العمل الفلسطيني كانوا هناك وكلهم شهدوا على أن الإرهابيين هم الذين أطلقوا النار على القافلة.

وأضاف الجعفري: “إن هناك الكثير مما يمكن أن يقال ولكنني لن أتطرق إلى تلك التفاصيل لأن البند هو بند يعنى أساسا بالقضية الفلسطينية وبوضع حد للاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية وإذا فعل بعض العرب ما يسر خاطر إسرائيل فإنني لن أفعل”.

كما أكد أن من المعروف أن الأمم المتحدة تتحمل مسؤولية تاريخية وقانونية تجاه إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة وقد نشأت هذه المسؤولية أساساً عن اعتماد الأمم المتحدة للقرار رقم 181 لعام 1947 القاضي بتقسيم فلسطين ومن ثم قبول عضوية “إسرائيل” في الأمم المتحدة بشرط التزامها بقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بإنشاء الدولة الفلسطينية وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم.

وقال الجعفري: “لكن ما حدث بعد ذلك كان العكس تماما حيث شنت “إسرائيل” بدعم عسكري وسياسي واقتصادي غير مسبوق من حماتها ورعاتها العدوان تلو العدوان ضد شعوب ودول المنطقة متبعة سياسة توسعية أفضت إلى احتلالها عام 1967 لأراض في عدد من الدول العربية كما اقترفت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة انتهاكات ممنهجة وموثقة للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان وصلت إلى درجة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية”. مبيناً أن النشاطات الاستيطانية كانت أولوية قصوى في سياسات تلك الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة رغم أن هذه النشاطات تقوض باعتراف الجميع بما في ذلك داعمو “إسرائيل” أنفسهم أي فرصة لإنشاء دولة فلسطينية متواصلة جغرافياً وقابلة للحياة وتقوض حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير.

وأكد الجعفري أن “إسرائيل” لم تكتف بذلك بل مارست بشكل مدروس إرهاب دولة تخطى حدود المنطقة واستباح عاصمة دولة عربية بعينها وفرضت قوانين عنصرية ودنست مقدسات إسلامية ومسيحية وطردت السكان الفلسطينيين من بيوتهم وقامت بحملات اعتقال تعسفي وتعذيب غير إنساني بما في ذلك بحق الأطفال والنساء وقادة الشعب الفلسطيني، مشيراً إلى أن معاناة المواطنين السوريين الرازحين تحت الاحتلال في الجولان السوري تتواصل منذ ما يناهز النصف قرن كما تستمر حملات الاستيطان الإسرائيلية ويتعرض المواطنون السوريون لأبشع سياسات القمع والتمييز العنصري والاعتقال والتعذيب ويحرمون من مواردهم الطبيعية بما في ذلك النفط والغاز والمياه كما يحرمون من حقهم في الدراسة وفقاً لمناهج التعليم الوطنية السورية ومن حقهم في حمل هوية وطنهم الأم سورية.

وقال مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة إن المواطن السوري الرازح تحت الاحتلال في الجولان لا تعالجه المشافي الإسرائيلية إذا رفض حمل الهوية الإسرائيلية ولا يستطيع أن يدرس في المدارس باللغة العربية وفق المنهاج التعليمي السوري.

وأضاف الجعفري: “إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي لا تسمح للهلال الأحمر السوري بالعمل في الجولان المحتل وتمنعه من بناء مستوصفات ومشاف تابعة له هناك وفقا لقانون اللجنة الدولية للصليب الأحمر والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر إضافة إلى بناء سلطات الاحتلال لجدار فصل عنصري شرق مدينة مجدل شمس ورفض تسليم خرائط حقول الألغام التي زرعتها في أراضي الجولان إلى المنظمات الدولية”.

إلى ذلك، أكد الدبلوماسي السوري  أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تتحمل كامل المسؤولية عن تبعات المساعدة والدعم اللذين تقدمهما للمجموعات الإرهابية في منطقة فصل القوات في الجولان السوري المحتل في انتهاك فاضح لاتفاق فصل القوات لعام 1974 ولولاية الأندوف وللقانون الدولي.

وبين الجعفري أن هذه المساعدة والدعم الإسرائيليين للإرهابيين يعرضان حياة قوات الأمم المتحدة العاملة هناك للخطر ويساهمان في تقويض عمل هذه القوات وهذا ما حدث فعلا عندما قامت تلك المجموعات الإرهابية مرات عدة بخطف حفظة سلام تابعين للأندوف أو إطلاق النار عليهم واستهداف مواقعهم.

وقال الجعفري: “إننا أبلغنا عمليات حفظ السلام بكل التفاصيل المتعلقة بذلك وطلبنا منها رسمياً التحقيق في مسألة تواطؤ الاستخبارات القطرية في خطف حفظة سلام تابعين للأندوف من الكتيبة الفلبينية إلا أن الغريب في الموضوع هو تقاعس إدارة عمليات حفظ السلام حتى هذه اللحظة عن توضيح نتيجة تحقيقاتها ذات الصلة بهذه الشكوى هذا إن قامت الإدارة بالفعل بإجراء مثل هذه التحقيقات”.

وأضاف: “إنه من الطبيعي أن تتواجد قضية احتلال “إسرائيل” للأراضي العربية بقوة على جدول أعمال الأمم المتحدة في ضوء الحقائق الثابتة والموثقة ولكن الأمر غير الطبيعي وغير المقبول أن تذهب كل هذه القرارات التي اعتمدتها هذه المنظمة بهذا الخصوص أدراج الرياح بفعل التعنت الإسرائيلي وغياب أي إرادة دولية حقيقية لمتابعة تنفيذها على الأرض إضافة إلى الدعم غير المسؤول الذي تقدمه بعض الدول النافذة لـ “إسرائيل” في هذا المجلس وخارجه في تنفيذ سياستها العدوانية واستمرار احتلالها للأراضي العربية ضاربة عرض الحائط كل تلك القرارات”.

ولفت الجعفري إلى أنه لا يمكن السماح باستمرار فشل الأمم المتحدة في الاضطلاع بمسؤولياتها القانونية والتاريخية وفي تنفيذ قراراتها ذات الصلة بإنهاء هذا الاحتلال الإسرائيلي الغاشم بما في ذلك قرار مجلس الأمن رقم 497 لعام 1981 الخاص بإنهاء احتلال الجولان السوري.

وشدد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة على أن المطلوب اليوم للحفاظ على ما تبقى من مصداقية الأمم المتحدة هو أن تنهي بعض الدول المعروفة سياسة المعايير المزدوجة وأن تربط الدول الأعضاء الأقوال بالأفعال عبر اتخاذ إجراءات فعلية تجبر “إسرائيل” السلطة القائمة بالاحتلال على الانصياع لقرارات الأمم المتحدة بحيث يتم استئصال شأفة الاحتلال وإنهاء هذه المأساة غير المسبوقة التي يعيشها المواطنون العرب الرازحون تحت الاحتلال منذ عقود طويلة.

وقال الجعفري إن على البعض ألا يخدع نفسه والعالم وألا يستمر في تقديم الذرائع والمبررات لـ “إسرائيل” والجميع يعلم علم اليقين أنها ككيان استيطاني قام على الاحتلال والتوسع لم تكن يوما معنية بالسلام إذ ردت على كل مبادرات السلام والمفاوضات بالمراوغة والتذرع بما تسميه زيفا المشاغل الأمنية وذلك لتكريس الاحتلال لفرض أمر واقع لا يمكن تغييره وخاصة عبر بناء وتوسيع المستوطنات وتهويد الأراضي العربية وتغيير طابعها الديمغرافي والحضاري ومن ثم الادعاء بكل وقاحة أن إزالة أي مستوطنة إنما هي مسألة مؤلمة لا تحتمل من قبل “إسرائيل” في حين أن اضطهاد شعب فلسطين بأكمله مسألة تدعو للسرور والحبور.

وأكد الجعفري أن أي عملية سلام شامل وعادل في المنطقة لا يمكن أن تتم إلا وفقاً لمرجعيات السلام المعروفة وخاصة قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وهذه المرجعيات تشكل الأساس الوحيد لأي حل للصراع العربي الإسرائيلي بعيداً عن أي تفسيرات أو اجتهادات مناقضة وبعيدا عن محاولات ابتزاز أو مساومة أو ربط بملفات أخرى من قبل “إسرائيل”. وبين أن ما تريده شعوب المنطقة هو السلام والازدهار وإنهاء حالة عدم الاستقرار والتوتر والاحتلال ولكن بعض الدول عملت لصالح هذا العدو وساهمت في خلق بؤر توتر وعدم استقرار جديدة عبر خلق جبهات وهمية في المنطقة وتغذية أعمال عنف وإذكاء صدامات إقليمية استنزافية لطاقات العرب والمسلمين قائمة على صراع هويات إثنية ومذهبية ودينية وأمنية بهدف رفع الضغط السياسي والدبلوماسي الدولي عن “إسرائيل” وإنهاء أي أمل في وضع حد للاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية.

البعث ميديا