الشريط الاخباريجنيف 2سوريةملف ساخن

حقائق جنيف2..أعضاء وفد «المؤتلفون» موظفون عند الاستخبارات الأميركية والسعودية

حقيقة واحدة خرج بها جميع المتابعين لأيام مؤتمر جنيف 2 العشرة تمثلت بأن من أطلقوا على أنفسهم تسمية “المعارضة” ليسوا إلا مجموعة صغيرة لم تستطع تمثيل نفسها فلجأت إلى السفير الأمريكي روبرت فورد ليصيغ كل ما قالته خلال جلسات الحوار ويضع لها محددات النقاش وحدود حركتها ويفتعل المناورات من خلف الستار عله يخفي بعض الألق الكبير الذي أضاء به الوفد الرسمي السوري سماء جنيف واستطاع إذابة كل ذلك الثلج الذي أريد له أن يحجب دفء سورية وحرارة أهلها باحتضان بعضهم.

وبينما كان العالم يودع أيام جنيف على أمل إعادة النظر بتلك التركيبة الهشة التي حضر بها الائتلاف إلى جنيف ليتسع الطيف ويشمل المعارضة السورية الوطنية كان موظفو فورد وكيري يواصلون أوهامهم ويعلنون انتصاراتهم رغم أنهم اختبؤوا لأكثر من أسبوع ولم يصدر عنهم سوى كلمة الرفض أمام كل عرض وطني قدم لهم معتقدين أنهم بهذا الرفض يقتربون من تلك المرحلة الانتقالية الموعودة التي بنوا عليها أوهامهم ووعدهم بها أسيادهم.

وكان أحمد الجربا أكبر التائهين في أروقة جنيف والذي لم يجد له مقعدا ليجلس عليه حاضرا لتغطية انسحابه ليتحدث بانفصال واضح عن الواقع ويقول وللأسف أمام الصحفيين غير المصدقين أنه حقق انتصارا وإنجازا ووصل إلى الهدف الذي جاء من أجله.

ذلك القادم من أروقة الاستخبارات الأمريكية والسعودية خرج من جنيف بمكسب واحد قد يكون استراتيجيا وهو الحصول على موعد في وزارة الخارجية الروسية التي طالما وعدت بأن الحل في سورية سيكون سوريا فكيف سيترجم أوهامه إلى اللغة الروسية عندما يحل في موسكو في الرابع من الشهر القادم.

غابت مصالح الشعب السوري وهمومه وتطلعاته عن جوقة الجربا التي حصرت سبعة أيام من المحادثات بكيفية استلام السلطة بربع ساعة فمن مرحلة انتقالية إلى حكومة انتقالية إلى هيئة انتقالية تنقلت كلمات الجربا والمتحدث باسمه لؤي الصافي وكأن المشكلة في سورية هي مشكلة الانتقال وليست مشكلة الإرهاب والقتل والتدمير والتآمر والتدخل الخارجي.

الجربا رفض إدانة الإرهاب ورفض الدولة الديمقراطية المدنية ولم تعنه بأي شيء سيادة سورية واستقلالها وتحرير أراضيها ومع ذلك تبجح بأنه يبحث عن سورية جديدة ربما تكون على شكل مشيخة آل سعود تعج بالمال والتكفير معا ويعين عليها أميرا على شاكلة أولئك الأمراء الذي كرهتهم أسرتهم قبل شعوبهم.

وبدا الجربا متأثرا بنسخة مطورة من أفلام رعاة البقر نسميها مجازا رعاة الإبل متحدثا خلالها عن مطاردات أجراها داخل المؤتمر حتى تخيله الحاضرون راكبا ناقة في الصحراء لم يصح إلا بعد أن وقع عن ظهرها مصطدما بالواقع البعيد عن أوهامه وأفلامه.

الأمر الوحيد الحقيقي الذي ذكره الجربا تمثل بقوله “إن الحق عندما يقف في وجه الباطل ينتصر في ميدان السياسة” وهذا ما جرى بالفعل إذ إنه ووفده بدوا أخف من وزن الريشة سياسيا وهم يتلقون صفعات وفد الجمهورية العربية السورية الذي أدار المعركة السياسية بحنكة وخبرة لا تقل عن تلك التي تدار بها المعارك الميدانية على الأرض.

وكم كان بائسا ذلك الجربا وهو يعد بولادة جمهورية سورية جديدة في جنيف في حين يريد السوريون رسم مستقبل بلادهم على سفوح قاسيون وفي أكناف الجامع الأموي وكنائس الشام إلا أن من تعود مائدة الغريب ربما يحلم بدولة يمنحها إياه ذلك الغريب.

وعندما خانته السياسة وأطال الهرف بما لا يعرف حاول التجارة فلم يجد أمامه سوى معاناة السوريين بسبب أمثاله ليبيع ويشتري بدماء ودموع السوريين ويتحدث عن آلامهم كأنها ورقة يساوم بها دون أن تصله آهات أيتام سورية الذين رفضوا تكفيره وإرهابه ومرتزقته ولاحقوه إلى جنيف ليرفعوا علمهم ذا النجمتين الخضراوين عله يصمت ويريحهم.

وعندما فرغت جعبته وأفلس من كل شيء لم يجد إلا نار الحقد يطلقها كلمات مسمومة محاولا إبقاء النار مشتعلة حتى لا يخرج من المشهد وكانت لغته الطائفية حاضرة بعد أن علمه إياها شيوخ الوهابية من آل سعود إلا أنه سقط في المحظور عندما بدأ يعدد أسماء ثوار سورية ضد المستعمر الفرنسي وهو الذي ينام اليوم على “مخدة” غورو مطمئنا فدمشق بعيدة عنه وهو أبعد عنها.

وإن كان من محصلة لقول الجربا فإنها تتمثل بأن من يزرع الوهم لا بد أن يحصد الريح ومن يبع الوطن فلا يشتره أبناؤه ومن يتبع الأمريكي والإسرائيلي والتركي والقطري والسعودي والوهابي فلن يجد له رصيفا في دمشق أو حلب أو حمص أو اللاذقية أو دير الزور أو الحسكة.

وعلى عكس سماء جنيف الصافية اليوم لم يكن ما يسمى الناطق باسم الائتلاف لؤي الصافي كذلك وبدا تلميذا نجيبا حافظا لدرسه وهو يردد ما لقن بحذافيره دون أن يجرؤ على الإجابة عن الأسئلة الصحفية للإعلاميين السوريين الذين حاصروا ادعاءاته وصفعوا وجهه بوثائقهم وارتباطهم بواقع سورية وشعبها.

ولم يكن الناطق أحسن حالا من موكله فكرر جملة اتهاماته وقصصه المستقاة من الفلكلور التآمري مدعيا اهتمامه بمعاناة السوريين وآلامهم وأنها كانت وراء قدومه إلى جنيف رغم أن القاصي والداني يعلم أن تلك المعاناة لم تكن تعني له شيئا قبل أن يأتيه الأمر الأمريكي بموجب مذكرة جلب وقعها كيري ونفذها فورد.

وفي دليل على عدم اهتمامه بالوصول إلى حل للأزمة في سورية اعتبر الناطق باسم الائتلاف أن المبادرات التي قدمها الوفد الرسمي السوري “مجرد أوراق ومرافعات لا علاقة لها بجنيف” رغم أنها لم تتحدث خارج وثيقة بيان جنيف الأول وذلك بشهادة المبعوث الدولي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي.

ولم ير الصافي في جنيف سوى فرصة للوصول إلى السلطة التي جعلها أولوية على إنهاء المأساة السورية عندما قال “سيكون على جدول أعمال الجولة القادمة الحديث عن تشكيل الهيئة الحاكمة الانتقالية لنقل السلطة وإنهاء معاناة الشعب السوري”.

وتباهى الصافي بمجازر “جبهة النصرة” وجرائم “دولة الإسلام في العراق والشام” وإرهاب “الجبهة الإسلامية” معتبرا أن كل ذلك أوصله إلى جنيف وهذا جوهر المعاناة السورية فالحقيقة أن هناك من يراهن على الإرهاب ولا يرى طريقا للسلطة غيره.

وعندما حاصره المناخ الدولي الداعي لتمثيل صحيح للمعارضة السورية في الجولة القادمة يصلح الخلل الذي ظهر في جنيف لم يجد الصافي أمامه سوى مهاجمة من يدعو لذلك وعلى رأسهم الإبراهيمي والأمين العام للأمم المتحدة معتبرا أنه لا يحق لهما أن يصفا وفد “المعارضة” بأنه واسع أو ضيق أو أن يتدخلا في تشكيل الوفد وكأن المشكلة في الوصف وليس الحقيقة.

وتهرب الصافي من سؤال دعاه للإجابة عن مبرر وجود السفير فورد ليساعدهم لأنهم يشعرون بالضعف ليحول الإجابة إلى مكان آخر ويعود بالزمن ثلاثة أعوام إلى الخلف ليعيد تكرار نشرات الجزيرة والعربية التي ما عادت تقنع طفلا في هذا العالم.

ولم يجد الصافي بأسا في تدخلات السفير فورد في الشأن السوري التي وصلت لحد توجيه رسالة إلى هذا الشعب الأمر الذي أدخله الصافي في سياق حرية التعبير وهو الذي امتنع عن الإجابة عن أسئلة صحفيين من بلده المفترض سورية وأكثر من ذلك فإنه اعتبر السفير فورد “مفاوضا رئيسيا في جنيف” دون أن يقول من يمثل من الشعب السوري هذا المفاوض.

 

البعث ميديا – سانا