مساحة حرة

في جنيف2 .. انتصار الإرادة السورية

مع انتهاء الجولة الأولى من مؤتمر جنيف2 ،  وبعد أن اجترت وفود الدول المعادية لسورية مواقفها السابقة المعبرة عن مشروعها المهزوم في سورية ، وحاولت بكل إمكانياتها المادية والفنية تشكيل وفد قادر على التفاوض من مجموعة ائتلاف ما يُسمى المعارضة ، لكنهم ظهروا بصورة ضعيفة ومهزوزة وبعيدة كل البعد عن الواقع السوري ، وتحولوا إلى وفد همه الأساس الدفاع عن الأجندة التي تم كتابتها لهم من قبل مكاتب الخبرة الغربية التي يُشرف عليها  السفير الأمريكي السابق في دمشق ” روبرت فورد ”  ، بينما كان الوفد السوري الرسمي يُمارس دوره الوطني بقوة الحق الذي يلبسه كدرع لحماية حاضر ومستقبل سورية الوطن والشعب والدولة ، ربما لم يكن أحد من الحضور يتوقع القوة والرجولة ورباطة الجأش التي تحلى بها الوفد السوري وخاصة رئيسه السيد نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وليد المعلم أثناء حديثه المتزن والصادق ، متجاوزاً الخطوط التي رسمها الأمين العام للأمم المتحدة وطالب الوفود المشاركة الالتزام بها ، ليُظهر للعالم أجمع منطق الحق التي تدافع عنه الحكومة السورية في وجه الإرهاب الدولي المنظم المدعوم من ممالك الرمال وأسيادهم في الغرب الاستعماري ، و ليُقدم المشهد السوري على طبيعته بأبعادها المختلفة ، من خلال قوله : ” جئنا لنضع الجميع أمام مسؤولياته ، فطالما أن دعم الإرهاب مستمر من قبل دول بعينها تعرفونها كما أعرفها لن يكون هناك نجاح لهذا المؤتمر ..فالعمل السياسي والإرهاب لا يُمكن أن يكونا على أرض واحدة … مؤكداً .. بان لا احد في العالم   – سيد  كيري – لا أحد في العالم له الحق بإضفاء الشرعية أو عزلها أو منحها لرئيس أو حكومة أو دستور أو قانون أو أي شيء في سورية إلا السوريين أنفسهم …”

   بدا المؤتمر من يومه الأول وحتى آخر جلسة عبارة عن تكرار لمواقف وتصريحات معادية لسورية ولشعبها وقيادتها حددتها الولايات المتحدة وحلفائها وأتباعها من قبل وفد ائتلاف ما يُسمى المعارضة ، حتى ظنوا أنفسهم بأن وفد الحكومة السورية قادم إلى جنيف من أجل تسليمهم مفاتيح دمشق ، ليستفيقوا على وهم أو حلم يقظة أصبح من حكايات الماضي ولم يعد له أي معنى على الساحة السورية سواء حاضراً أو مستقبلاً ، في الوقت ذاته أثبت وفد الحكومة السورية بأن الحكومة السورية وقيادتها السياسية تتمسك بمبدأ الحل السياسي الشامل والعادل المبني على أُسس وقواعد محددة تنسجم مع بنود الدستور السوري الذي أيده أغلب الشعب السوري ، ويُلبي طموحات الشعب السوري بكل أطيافه ومناطقه ، وفي غمرة مقاومة المشروع الصهيوني التخريبي الذي يحمله عملاء الكيان الصهيوني من الأعراب والعملاء والخونة إلى جنيف ، يؤكد وفد الحكومة السورية بأنه ممثل حقيقي لكل الشعب السوري ، وخاصة عندما طالب السيد رئيس الوفد الوزير المعلم الأمين العام للأمم المتحدة ” بان كيمون ” بضرورة أن تتمثل جميع أطياف المعارضة في المحادثات المزمع إجراؤها لاحقاً لكي تُحقق المفاوضات أهدافها ابتداءً من وقف الحرب على سورية من قبل الدول الداعمة للإرهاب ،  و من غير المنطقي أن يقتصر الوفد المعارض على جماعة ” الجربا ” فقط الذين لا يُمثلون أي امتداد شعبي على الأرض ، وليس لديهم أية تأثير فعلي على العصابات الإرهابية العاملة على الأرض .

 يرى أغلب المراقبين المحايدين بأنه من اليوم الأول وحتى انتهاء المدة المحددة للتفاوض كان النجاح حليف الوفد السوري الرسمي بامتياز وبدون منازع ، حيث استطاع الوفد السوري من خلال الحوارات الصحفية واللقاءات المتعددة وضع الصحافة العالمية والرأي العام الدولي بصورة الأحداث بدقة ، وتم فضح وتعرية  القوى الغربية التي تدعم الإرهاب علانية هي وشريكتها الرجعية العربية التي تتغنى بالمستوى العلمي الذي حققته لهم الوهابية التكفيرية ، والخدمات الكبيرة التي قدمتها لمشاريعهم التخريبية في المنطقة العربية ، والأمر الأهم الذي تمكن من إنجازه الوفد السوري هو أنه تمكن من وضع أجندة جنيف1 على طريقها الصحيح وحدد ضرورة السير بالمفاوضات من البند الأول الذي يتحدث عن وقف الإرهاب وتجفيف منابعه البشرية والمادية ، و ضرورة الاعتراف بخطورة الإرهاب الذي تدعمه دول معروفة وعلى رأسها السعودية وتركيا ،و أن تداعياته على مستقبل المنطقة والعالم ستكون وبالاً على الجميع في حال استمراره ، وأن الحكومة السورية تُحارب الإرهاب نيابةً عن العالم بأسره وليس دفاعاً عن دولتها وشعبها فقط ، كما تمكن الوفد العربي السوري برئاسة شيخ الدبلوماسيين السيد وليد المعلم من فضح من يعتمدون آلية التسويف والتزوير وتغيير الحقائق الذين لم يعد لهم سترٌ بعد اليوم .

وإن من يدعي بأنه يعمل على حماية الشعب السوري والدفاع عن حاضره ومستقبله ، لا يجوز له أن يُقصي أغلبية هذا الشعب ويُلغي حقه في تقرير مصيره وينصب أشخاص محددين لمجرد أنهم خونة وعملاء ليتحدثوا بالنيابة عن هذا الشعب العظيم ، لذلك حتى ترى مقررات مؤتمر جنيف2 النور لا بدً من التأكيد على وقف كل أشكال الإرهاب ومنع دعم التنظيمات الإرهابية تحت أية ذرائع ، وإن المشروع الذي طرحه السيد الرئيس بشار الأسد في السادس من كانون الثاني عام 3013 لإنقاذ سورية وقيام الدولة الحديثة ، يُعتبر من أهم البرامج التي تتوافق مع القوانين والأنظمة الدولية ، ويُحقق للشعب السوري ديمقراطيته وكرامته ، ومن واجب جنيف2 اعتماده بحرفيته فيما لو كان هناك  نوايا حسنة لإنهاء الحرب على سورية .

   إن بنود جنيف1 تحتاج إلى تدقيق وتفسير بنوايا صادقة أكثر من الحاجة إلى تغيير شامل  ، بالرغم من أنها وجدت في ظل ظروف وأحداث مختلفة كلياً عما هو سائد اليوم على الأراضي السورية ، وجاءت الوثيقة التي تقدم بها الوفد الرسمي والتي تحدد الثوابت الوطنية لتكون المقدمة الطبيعية التي تهيئ لبناء ثقة بين المتفاوضين ، واختبار فيما إذا كان الطرف الآخر سوري الانتماء بصدق ولا يعمل على تنفيذ أجندة معدة مسبقاً ،وهي تقود للسير بثقة في  بقية البنود ، وإن رفض وفد ائتلاف ما يُسمى المعارضة لهذه الوثيقة  هو إثبات على تهربهم من المستحقات الوطنية الكبرى ، وتأكيد على العجز في التعبير عن تمثيل وجهة نظر أي مواطن سوري ، خاصة أن أغلبهم لا يحمل جواز سفر سوري وكل همه تنفيذ الأجندة التي حددت لهم مسبقاً من قبل السفير ” فورد ” والدول التي ينتمون إليها .

   نحن في سورية لا يعنينا كثيراً ما يقوله ” كيري ” أو غيره من ساسة العالم الذين أيدوا القتل المجاني في سورية ، ولكن كل ما نبني عليه آمالنا وطموحاتنا هو وعي الشعب السوري الذي صدَّر الحضارة والنور للعالم منذ آلاف السنين ، والتفاف شعبنا الصابر خلف جيشه الوطني الباسل الذي يُحقق الإنجازات الكبيرة حتى تحرير سورية من آخر إرهابي ومجرم ، ومتمسكين بقيادتنا السياسية وعلى رأسها السيد الرئيس بشار الأسد الذي هو رمز لوحدة وعزة سورية ، ومصدر صمودها الأسطوري الذي عكسه نجاح الوفد العربي السوري والإعلام السوري الوطني في جنيف باعتراف الجميع بما فيهم أعداء سورية .

 محمد عبد الكريم مصطفى

 Email: Mohamad.a.mustafa@Gmail.com

البعث