ثقافة وفن

سامر اسماعيل … تحمل سورية التنوّع والتناقض في النتاج الفنيّ

للمسيرة الفنيّة شروط غريبة فهي ذات قوانين تحمل حالة المفاجئة، والمفاجئة هنا تترصد الجمهور والفنان في آنٍ معاً، ومن جانب آخر يبقى للاجتهاد وروح المغامرة والصقل وانتظار الفرصة المواتية الدور الأبرز في مسيرة أيّ فنانٍ حقيقي يخدم الذوق العام والمستوى الفكري المطلوب، وينطبق كلامنا هنا على الفنان السوري سامر اسماعيل الذي كان لنا معه هذا اللقاء.
بعودة سريعة للبدايات ذكر الفنان سامر اسماعيل هذه اللفتة: كانت البدايات الأولى خلال فترة الدراسة الثانوية والمشاركة في مسرح الهواة في مدينة حمص، ووالدي رسام بالأصل، وأنا في دواخلي أحبّ الرقص والتمثيل، وكان هناك ثقة من الأهل بخياراتي فلم أجد ممانعة منهم في ارتياد درب التمثيل.

ولدى الحديث عن الاتجاه للمسرح… حيث كان لموجة الحنين وقعها الخاصّ فأوضح: عملت في ورشات عمل مسرحيّة بعد التخرج من المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق عام 2010، وذلك حتى أبقى على تواصل مع المسرح، وكان من المفروض أن ينتج عن إحداها عمل مسرحي بعنوان “أحمر أسود وجاهل” وقد تدربت عليه مع المجموعة المشاركة لمدّة شهرين وكلّ ذلك بإشراف الدكتور “أسامة غنم” 2012 ولكن تصاعدت المشاكل حينها في دمشق، فتم إيقاف العمل، وحالياً هناك تحضير لعمل قادم سأتحدث عنه في حينه. وأحنّ للمسرح كثيراً، لأنّ هناك أجدُ العمل الحقيقي، الذي تورطت به منذ كنت طفلاً في مسرح الهواة بحمص، وبقيت فيه لمدّة أربع سنوات وإلى اليوم، وهو يختلف عن التلفزيون كثيراً، ففي المسرح يمكن اكتشاف النفس واكتشاف الآخرين، وهو من علمني كيف أتواصل مع الآخرين، وهو حالة خاصة للفنان تقدّم نشوة خاصة لا يمكن وجودها في أيّ مكان.

وفي مقارنة تجمع التنوع والتناقض وقع الخيار بين مسلسل عمر وفيلم ملك الرمال، تحدث اسماعيل…. لم أتوغل في الموضوع كفايةً، لكن مسلسل “عمر” ليس من إنتاجي أو إخراجي، وكلّ ما في الأمر أنّني جسّدت الدور، فالمسلسل ليس مشروعي الخاصّ، ولكن علينا أنّ نلاحظ أنّ أشهر الأعمال على مستوى الوطن العربي وأكثرها قيمة هي من إبداع السوري، فهنا ستجد “حاتم علي” وهناك ستجد “نجدت أنزور”، وهذا يفرحني كثيراً، وأنا كممثل ليس لي دور في إدارة دفّة الأمور والاتجاه الفكري الذي يسوق به العمل، فالممثل هو أداة في كلّ الأعمال مقارنة بضخامة العمل، وهي مهنة نكسب العيش منها في النهاية، ولكن عندما أتوجّه لعمل هو يمثل تفكيري وإحساسي فحينها سيكون العمل إمّا من إخراجي أو إنتاجي.

يشير سامر اسماعيل إلى أنّ التناقض حالة صحيّة في مجتمعنا.. فالتناقض صحي جداً ومن الضروري أنّ يكون موجوداً في مجتمعنا، فليس من الضروري أنّ يفكر الجميع بنفس الطريقة، ففي أيّ بلد عربي ستجد أناس ملتزمون بأفعال الخير والالتزام الديني والأفعال الصحيحة، وفي نفس الوقت ستجد الناس المتزمتين والمحدودين وذوي الاتجاه المحدود في الحياة والمتسلطين معاً، وفي نفس البيت الواحد سنجد هذا التناقض أحياناً وبطباع مختلفة وأفكار مختلفة. وأنّ تحمل سورية التنوع والتناقض في النتاج الفني فهذا يعني أنّ الناس لدينا في سورية تستحق أنّ تكون في الصدارة، فهذا البلد يحمل الخير بكلّ أشكاله.
وعن قصّة تغيّير صوت عمر بن الخطاب الشخصية التي جسدها،  عبر اسماعيل عن امتعاضه… عندما “تمّ استبدال صوتي بصوت الفنان )أسعد خليفة( الذي لازم شخصية عمر بن الخطاب طيلة المسلسل، وهذا صدمني لأنّني لم أتوقع المسألة أنّ تأتي هكذا، فحتى البروموشون كان يعرض بصوتي على القناة المنتجة، وإلى اليوم لم أعرف السبب! وفقط الموضوع هو رؤية مخرج. لكن لن أقف عند هذه النقطة فمشروعي الشخصي بالتأكيد لن يتوقف عند ذلك بل هناك المزيد من التجارب القادمة.
يعتبر اسماعيل أن مسلسل (عمر)… نقلني مسلسل )عمر( من مكان إلى مكان ولا أدري الآن أيّ الخيارين كان أفضل لي، ولكن ما أدركه هو أنّ التمثيل مهنتي، فعندما أخذت شخصية عمر اشتغلت عليها كما اشتغل اليوم على شخصية رشيد وكما سأشتغل على أيّ شخصية جديدة سأقوم بها، وسأعمل على تطوير أدواتي وصقل ما أملكه. الأمر صعب والمكانين مختلفين جداً، وهذا عملي وهو بالأساس يحمل التعب والاجتهاد، وفيه صعوبات وأنا جاهز لها دائماً، ففي النهاية هناك نتائج تهمني وأفخر بها وأنا راضٍ بها.
أمّا الجديد القادم الذي يحضّر له فهو مسلسل القربان.. حيث النصّ لـ”رامي كوسا”، وهو جميل ومكتوب بحرفيّة عالية ينافس نصوص الكتّاب الأقدم منه، والإخراج للمخضّرم )علاء الدين كوكش(، والإنتاج للمؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني، أمّا دوري فهو بطولة رئيسية بين الشباب، لشخصية تدعى “رشيد” تمثل شريحة كبيرة من السوريين في الأونة الأخيرة، فهو ابن قرية نزح إلى العاصمة يبحث عن العمل والسكن في العشوائيات مع خسارة كثير من تفاصيل الحياة اليومية، ولديه جاهزية للانحراف وهدفه الغنى في الحياة وفي داخله الكثير من الحقد، وتدور في خلده الكثير من المقارنات بين الأغنياء والفقراء، وفي النهاية يلتقي مع جماعة، وتبدأ أحداث القصة بمشاكلها.
و”الشهرة” كان تعليق الفنان سامر اسماعيل أنها سلاح ذو حدّين يحمل إيجابيّات وسلبيّات، وأكثرها سلبية أنّ همّي كان في البداية العمل وليس الشهرة مباشرةً، ولكن الآن عندما أنظر للأمر فأتعامل معه بتوازن، فهناك كثير من الأشياء يمكنني اليوم أنّ أقوم بها لم أكن لامتلكها لو كنت من دون هذه الشهرة. وباستعراض مشاركاته في السينما: مشاركاتي بسيطة في السينما، فهي مقتصرة على حضور بسيط في كلّ من فيلم )مرة أخرى( مع )جود سعيد(، وفيلم )العاشق( ل)عبد اللطيف عبد الحميد(، وفيلم )حراس الصمت( مع )سمير ذكرى(. ولكن هناك تحضيرات جديدة لأكثر من فيلم سينمائي.
وفي كلمة أخيرة قال اسماعيل… أطمح الاستمرار في هذه المهنة، وأنّ أحقق شيء خاصّ فيها، خاصّ فيما يتعلق بفكري، وأنّ أتمكن من إيصال ما أفكر به للناس، فربما هذا يكون ملهماً لهم.

البعث ميديا || عامر فؤاد عامر