مساحة حرة

«داعش» ورقة الجوكر.. من المستفيد

 بنظرة متأنية وقراءة واقعية بسيطة لتنظيم داعش والذي هو صنيعة المخابرات للعديد من الدول العربية والاقليمية والعالمية، والكل من هؤلاء مرتبط بها ارتباطاً وثيقاً حسب مصلحته، وما تحققه داعش له من ورقة إضافية، إما لتحقيق مكسب، أو ورقة تفاوض.

منذ غزوته العراقية الخاطفة ارتقى داعش إلى مرتبة كبار نجوم الإعلام والصحافة والشبكات الاجتماعية وأصبح نجم “الشباك” بلا منازع حتى بات يهدد في الشعبية والشهرة نجوم السينما والموضة والكرة.

وفي الوقت الذي أصبحت داعش ظاهرة فريدة بسبب الفظاعة والوحشية التي لا يتورع التنظيم عن ارتكابها أيان ما حلّ و رحل، فإن مؤشرات عديد توحي رغم ذلك بأن العالم أيضاً بدوره في حاجة إلى وجود مثل هذا الغول للتوجيه والاستعمال حسب الطلب. وإن الجميع في حاجة إلى داعش وإلى مزيد من الهمجية والبربرية التي يمثلها لهدف مجهول لا علاقة له لا بالدين ولا بالسياسة ولا بالرؤية المستقبلية ولا بإحياء التراث، أو في كلمة بالحياة نفسها.

من المستفيد من داعش

إسرائيل: فهي تريد استثمار الظروف السائدة الآن في العالم العربي  والتي تعتبر مواتية لها بشكل كبير وإسرائيل يهمها أن تلعب دوراً كما كانت تتمنى، بحيث توفر على أمريكا أعباء التدخل في بنفسها وتتطوع هي بتقديم نفسها كبديل لأمريكا في عمليات التدخل، وإن “إسرائيل هي المستفيد الأول من تنظيم داعش في العراق وسورية، حيث إن تقوم بدعم هذه التنظيم الإرهابي بشكل سري، فرسالة بنيامين نتنياهو للرئيس الأمريكى باراك أوباما بأن إسرائيل الوحيدة القادرة على ردع “داعش” في العراق وسيناء هي “لعب بالنار“. علاقة إسرائيل بداعش تكمن في أن إسرائيل تسعى من خلال تصريحاتها على لسان رئيسها بأن داعش في سيناء، هو البحث عن دور لها في المنطقة والاستمرار في الحفاظ على اتفاقية كامب ديفيد مع مصر دون حدوث أي تعديلات عليها بما يحفظ الأمن القومي لأمريكا وإسرائيل

وحول التساؤلات لماذا لا يقوم التنظيم بمقاتلة إسرائيل ويقوم بقتال أبناء العراق وسورية، قالت “داعش” في تغريدة منفصلة: “الجواب الأكبر في القرآن الكريم، حين يتكلم الله تعالى عن العدو القريب وهم المنافقون في أغلب آيات القرآن الكريم لأنهم أشد خطراً من الكافرين الأصليين

الولايات المتحدة: داعش صناعة أمريكية إسرائيلية ورسالة إسرائيل لأمريكا توضح ما يحدث في العراق، ولو بحثنا عن أصحاب المصلحة الحقيقيين فيما يحدث سنجد أنهم أمريكا وإسرائيل، وسنجد أن داعش عبارة عن قصة وهمية، وأن علاقة أمريكا بتنظيم داعش الإرهابي هي علاقة عضوية، و أن مثل هذه الجماعات هي صناعة أمريكية من الدرجة الأولى لتكون ذريعة لمزيد من القواعد العسكرية الغربية بالمنطقة و يحتفظ التحليل الثالث لنفسه بالمشهد على الأرض فيقول هناك قوى جهادية متطرفة تسعى لتنفيذ فكرة ما.

والموجة الإرهابية في سورية وليبيا والعراق من صنع أمريكا لكي يبقى حضورها القوي في المنطقة، وتحمي منابع النفط، وبعض العروش العربية التي تؤمن مصالحها، وتبقى داعش فزاعة للعرب، وللخليجيين ( بنك الولايات المتحدة الأمريكية ).

ومثلما كانت الولايات المتحدة في حاجة زمن الرئيس السابق جورج بوش الابن إلى “محور الشرّ” والثالوث الذي ضم إيران والعراق وكوريا الشمالية، يلعب داعش نفس الدور المثالي في المنطقة ليسمح للولايات المتحدة التي أطلقت الفوضى الخلاقة في الشرق الأوسط بالبقاء قرب “هذه الطبخة” فتحرص عليها وتضمن بذلك ألاّ تحترق أو لاتكون صالحة للاستهلاك متى حان وقت أكلها وتقديمها للضيوف.

وكما الولايات المتحدة يحتاج اليمين المحافظ في واشنطن ومعه اليمين العنصري الذي اجتاح أوروبا أخيراً في انتخابات البرلمان الأوروبي، إلى بُعبع مثالي يقضم بفضله مواقع ويلتهم مقاعد في البرلمانات ويؤمن له

إقليم كردستان العراق سيكون المستفيد الأكبر من سقوط أجزاء كبيرة من الأراضي العراقية بيد الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وحلفائها. فقد مكن ذلك القوات الكردية من السيطرة على مدينة كركوك والمناطق المحيطة بها ومناطق أخرى محاذية لإقليم كردستان  العراق كانت مسألة تبعيتها موضع نزاع مع الحكومة المركزية العراقية.

ومن المرجح جداً أن تلك القوات لن تنسحب من مدينة كركوك أو من المناطق التي دخلت إليها بعد أن أخلتها قوات الجيش العراقي النظامية. ولكن بعكس ما تقول بعض التقارير،  فإن القوات الكردية التي تمركزت في مدينة كركوك لم تتوجه إلى حقل كركوك النفطي وذلك لسببين:

أولا : الأكراد يؤكدون أن قواتهم دخلت مدينة كركوك لأن الحكومة المركزية العراقية طلبت منهم ذلك بعد انسحاب قوات الجيش العراقي من المدينة. ويبدو أن حكومة الإقليم تريد أن تتفادى أي اتهامات بأنها تستغل الأحداث الحالية التي تعصف بالعراق.

 ثانياً : وهوالأهم أن حكومة الإقليم تريد أن تتفادى – بقدر الإمكان – أي مواجهة عسكرية مع قوات داعش، التي من شبه المؤكد أنها أصبحت مسلحة بشكل أفضل من القوات الكردية، خاصة بعد استيلائها على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية التي خلفها الجيش العراقي في الموصل وبقية المناطق التي تمكنت من احتلالها.

وإذا كانت مبررات أربيل اقتصادية وتكتيكية بالأساس فإن مبرّرات القوة الكبرى في العالم الولايات المتحدة لا تقلّ مصلحية ولا نفعية، ففي هذه الأوقات الصعبة والمضطربة تحتاج الولايات المتحدة دائماً إلى مسميات واضحة وأهداف واضحة يمكن تقديمها للرأي العام الداخلي والدولي إذا ما اقتضى الأمر إجراءات خارجة عن المألوف.

الإخوان المسلمين:  فإن قائمة المستفيدين الذين يدعون السماء ليل نهار باستمرار داعش في دفع عجلة الهمجية والبربرية إلى مداها الأقصى لا تبين عن آخرها، وفي مقدمتهما الإخوان الذين خرجوا من التاريخ، ذلك أنهم يجدون في داعش اليوم مثل الذي وجدوا في القاعدة سابقاً، النافذة التي يمكنها أن تعود بهم إلى الساحة من جديد.

فداعش الذي يرفع راية الوحشية باسم الدين ينفخ مع كلّ رأس يقطعها روحاً جديدة تدبً في جسد الإخوان الذين أنهكهم قرن من العمل السري وسنة من العمل العلني الرسمي.

حَمَلة الخطاب الطائفي أيضاً في العالم العربي وفي العراق بشكل خاص، وإذا صحّ أن العشائر والقبائل في العراق يقودون العاصفة التي تضرب بلاد الرافدين، فإن المثير فعلاً صمتهم عن الجرائم وتنصلهم من الحلف والتحالف الذين أعلن عنه داعش منذ تفجر الوضع العراقي.

وبالنظر إلى ما يجري على الأرض لايمكن تبرير إلا بالمناورة التكتيكية الخطيرة فداعش في نظر هؤلاء  شرّ لا بد منه وتهديد فعال في وجه من يهمه الأمر، ما يفرض أحد خيارين ، إما داعش وإما نصيب أكبر من السلطة، وإذا استمر الإقصاء في حق السنة فلا تلومن المظلومين بعد ذلك من اللجوء إلى البديل داعش.

فداعش حقاً، جناح متشدد منشق عن القاعدة التي أضحت في موقف لا تحسد عليه بعد أن أحالها التنظيم الجديد على التقاعد الإيديولوجي والعملي، أم بعث لعصابة الحشاشين القديمة وقلعة الموت الشهيرة، خاصة بالنظر إلى عنصر المخدرات ترويجاً واستهلاكاً الذي يشكل أحد ثوابت هذا التنظيم، أم هو شبكة من نوع جديد تتقاطع فيها الأوهام الشخصية بالخلفية الثقافية مع العاطفة الدينية المُحرّفة التي أنتجتها مخابر سرية استخباراتية في مكان ما لتكون النتيجة خطأً استثنائياً أو مسخاً خرافياً تماماً كما التجارب التي أفضت إلى فرانكشتاين الشهير في السينما؟.

 

البعث ميديا || الدكتور منيف حميدوش