مساحة حرة

هياج الإرهابيين بعد القسم.. والطريق المسدود؟؟!

كان متوقعا أن يجن جنون الدول والقوى والجهات الداعمة للحرب الإرهابية في سورية لمجرد الإعلان عن إجراء الانتخابات الرئاسية فكيف بعد أن جرت هذه الانتخابات بنجاح منقطع النظير وانتهت بأداء اليمين الدستورية وتوجت بخطاب القسم المدهش..ألا يكون هذا سببا إضافيا لأن يصاب مشغلو الإرهاب الكوني في سورية بفقدان التوازن وهستيريا ما بعدها هستيريا وهذا ما حصل فعلا حتى إبان أداء القسم وبعده حيث أوعز هؤلاء لأدواتهم الإجرامية الداعشية وغير الداعشية أن توقف حروبها الداخلية وتضع خلافاتها جانيا وتصعد عملياتها أنى استطاعت لإحداث صدمات عالية التوتر من الجرائم والفظائع والأعمال الإرهابية بهدف صرف الأنظار عما أحدثه نجاح الانتخابات الرئاسية وخطاب القسم من تأثيرات عميقة ومفصلية في مجرى الأزمة السورية بعد أكثر من ثلاث سنوات من عمرها .

يخطئ من يظن أن ما جرى ويجري من تصعيد في العراق منفصل عن التصعيد الجاري في سورية ومخطئ من يعتقد أن ” داعش “أو أي فصيل إرهابي آخر يتحركون من تلقاء أنفسهم أو بعيدا عن أوامر واشنطن وحلفائها في المنطقة  وتصريحات المسؤولين الأمريكيين حول تصنيف الإرهابيين إلى متطرفين ومعتدلين وتسليح المعتدلين فقط محض افتراءات أمريكية مفضوحة بدليل أن عملية اجتياح داعش الواسعة في العراق ما كانت لتتم لولا الضوء الأخضر الأمريكي وما كانت لتتمكن هذه الداعش من الاستيلاء على احدث أنواع الأسلحة الأمريكية المعطاة لوحدات من الجيش العراقي لولا الموافقة المسبقة من إدارة أوباما التي تعرف أن هذه الأسلحة سوف تنتقل معظمها إلى الأراضي السورية بسهولة ويسر وبالتالي تقع في أيدي المتطرفين  شاء من شاء وأبى من أبى.

 ما كانت داعش وغيرها من أدوات التطرف التكفيري الوهابي الإرهابي لتهوج وتموج في مختلف المناطق السورية وضد الجيش العربي السوري بشكل جنوني وخاصة ما جرى بخصوص وحدة من وحدات الفرقة 17 وما جري أيضا في ريف حماة وجرود القلمون ومحيط دمشق وحلب ودرعا لولا ان توسعت في العراق بزخم أمريكي وسعودي وتركي ووضعت يدها على أموال طائلة من بنوك الموصل وبسطت سيطرتها على أهم الحقول النفطية هناك واستولت على كميات كبيرة من الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من معسكرات الجيش العراقي تحت سمع ويصر منظومات عديدة من أجهزة الاستخبارات الأمريكية التي لم تبرح العراق منذ الغزو الأمريكي وحتى الآن وزاد هذا التصعيد والهيجان بعد أداء القسم لتحقيق هدف غربي أمريكي طالما تحدثوا عنه ألا وهو استعادة قوى الإرهاب لزمام المبادرة وتغيير ميزان القوى على الأرض لصالحها.

ومن المثير للسخرية أن تعلن واشنطن أنها يصدد تزويد العراق بمروحيات ومقاتلات وصواريخ نار الجحيم “هيل فاير” لمكافحة داعش بعد أن كانت داعش قد اجتاحت عدة محافظات عراقية وبعلم أمريكا نفسها بل وبعد أن تمكنت من بسط نفوذها على أكثر من 120 ألف كيلو متر مربع من أراضي العراق وبعد أن أعلنت دولة الخلافة الإسلامية وحصلت على أسلحة كثيرة فعالة نقلت قسما منها إلى سورية وهي أسلحة أمريكية كما أشرنا سابقا ويذلك تلعب واشنطن لعبة مزدوجة كما هي عاهدنها دائما مما يؤكد أن إدارة أوباما لم تكن جادة في محاربة الإرهاب أن لم تكن هي التي تدير خيوط اللعبة وتحركات المنظمات الإرهابية في هذا المكان أو ذاك وإلا ما تفسير أن تعلن مساندتها للحكومة العراقية في حربها ضد داعش في الوقت الذي تساند فيه داعش ومثيلاتها الأشد تطرفا في سورية بشكل أو بآخر سرا وعلنا لوجستياً ومخابراتياً ولم تعلن عن أي إدانة لما تقوم بها من جرائم منذ بدء الأحداث في سورية وللعلم فقط فان إدارة أوباما قبل أيام وبعد إدانتها بساعات للقصف الإسرائيلي لمدرسة تابعة لغوث اللاجئين في غزة ذهب ضحيته عشرات الأطفال أرسلت لجيش العدوان الصهيوني كميات كبيرة من الذخيرة لمواصلة عدوانه لتدمير غزة على رؤوس ساكنيها  هذه هي سياسة المكر والخداع والتضليل الأمريكية..

لقد بات واضحا أن القاعدة وتفرعاتها من المنظمات الإرهابية قد حولتها الإدارة الأمريكية إلى أذرع لها بل غدت هي الجيوش السرية للولايات المتحدة تستخدمها لتنفيذ سياستها في الشرق الأوسط كبديل عن جيوشها الجرارة وتدخلها المباشر وتعويضا عن الفشل الذريع الذي منيت به نتيجة التدخل العسكري المباشر وهنا لا تخسر واشنطن نقطة دم واحدة من جندي أمريكي ولا تدفع دولارا واحدا لتمويل الحروب الإرهابية فقد كلفت السعودية ودول الخليج الأخرى بفتح خزائنها وتمويل الحملات الإرهابية كلها ومهما بلغت التكاليف كما كلفت السعودية بشكل خاص بتجنيد ما أسمتهم المجاهدين من كل حدب وصوب من إندونيسيا إلى موريتانيا مرورا بجمهوريات آسيا الوسطى الإسلامية وجبال الشيشان وشحنهم بالفكر الوهابي التكفيري وبشعارات دينية مزورة ومقلوبة ولا تمت للإسلام الحنيف بصلة.

إن تهييج العصابات الإرهابية في دورة دموية جديدة هوجاء جاء انتقاما من السوريين الذين عبروا من خلال إقبالهم الكثيف على انجاز الاستحقاق الرئاسي عن ولائهم المطلق لوطنهم وانتمائهم إليه وتمسكهم بدولتهم وسيادتها ومؤسساتها باعتبارها الملاذ وخشبة الخلاص من التكفيريين والإرهابيين و أصحاب المشروع التدميري للوطن والمستقبل وفي حين فشل هؤلاء في تعطيل الانتخابات الرئاسية يأملون أن تؤدي دورة الإرهاب الدموية الجارية الآن إلى شل التفكير باستحقاقات مرحلة ما بعد الانتخابات وقطع الطريق أمام ترجمة ما جاء في خطاب القسم من رؤية متكاملة لتضميد الجراح وإعادة الإعمار والمضي في المصالحات الوطنية لتشمل الجغرافيا السورية كلها.

إن هذا التهييج لم يكن غائبا عن ذهن القيادة السورية ولم يكن بعيدا عن حساباتها وهي التي وطنت نفسها للسيناريوهات الأسوأ مدركة أن المعركة مع الإرهابيين ومشغليهم طويلة وأنها كلما حققت نجاحات على الصعيد العسكري والوطني في هذه المعركة صعدوا من جرائمهم وقد جرهم إفلاسهم الميداني في كل المواجهات إلى استخدام الأساليب الوحشية المتبقية في أيديهم وهي ارتكاب الفظائع بحق المدنيين وزيادة أعداد الشهداء والضحايا ورفع فاتورة التدمير والتخريب إلى الحد الأقصى تعطيلا لدورة الحياة المعيشية والطبيعية للمواطنين.

 لكنما عجزوا عن تحقيقه طوال السنوات الماضية وكانوا بكامل الدعم والقوة والتضليل لن يستطيعوا تحقيقه بعد النجاحات الكبيرة على الأرض وبعد انكشاف خيوط المخطط كلها أمام أنظار الجميع وحدوث تحول شعبي ووطني كلي لصالح الدولة السورية وجيشها البطل والهياج الإرهابي الجديد طريقه مسدود ومحكوم عليه بالفشل كما فشل أكثر من مرة ولن يستطيع أن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء ولن يستطيع أن يقطع مسيرة المستقبل التي رسمها خطاب القسم فالمسيرة ماضية نحو أهدافها ولن تتوقف مهما كانت الظروف.

د. تركي صقر