مساحة حرة

..وجاء رد المقاومة على جنون نتنياهو ؟؟

في المقالة السابقة قلنا أن المقاومة سترد وسيكون ردها قويا وعلى طريقتها الخاصة ولم يكد يمضي عشرة أيام على عدوان القنيطرة حتى جاء الرد نوعيا ومن مجموعة من حزب الله أطلقت على نفسها مجموعة شهداء القنيطرة ومنهم الشهيد البطل جهاد ابن الشهيد البطل عماد مغنية التي دمرت من الآليات الإسرائيلية في مزارع شبعا أضعاف ما دمرته الغارة الصهيونية في مزرعة الأمل وأصابت وقتلت من الجنود الإسرائيليين أضعاف عدد الشهداء الذين ارتقوا في اعتداء القنيطرة وإن كان العدو الإسرائيلي قد حاول إخفاء خسائره والتقليل منها للتخفيف من منسوب الهلع الذي ضرب المستوطنين من أقصى فلسطين المحتلة إلى أقصاها وحشرهم في الأقبية والملاجئ ولكي يمهد لابتلاع الرد وعدم التورط في مواجهة واسعة لا يعرف إلى أين تأخذه   .

وسواء ابتلع نتنياهو الرد أم لم يبتلعه فالنتيجة الأولية أن زمام المبادرة لم يعد بيد قادة الكيان الصهيوني وأن أي رد إسرائيلي على رد المقاومة سيكلف العدو ثمنا باهظا فزمن العربدات والضربات الإسرائيلية دون رد قد ولى إلى غير رجعة وعندما أعلنت المقاومة عن عملية مزارع شبعا بالبيان رقم واحد فهي قد وضعت في حسبانها أن الرد قد غدت أبوابه مفتوحة على أسوأ الاحتمالات وأن البيان الأول هو البداية وأن العدو إذا أرادها حربا فالمقاومة جاهزة وأنها لا تملك فقط زمام المبادرة وإنما لديها من المفاجآت ما سيذهل العدو ويضعه عند حده وأكثر مما أذهلته مفاجآت حرب عام 2006 .

قلنا سابقا أن نتنياهو وقع في شر أعماله عندما أقدم على عدوان القنيطرة وأنه إن استطاع أن يحدد بداية العدوان لن يستطيع تحديد نهايته فرد حزب الله بعد حرق أعصاب المستوطنين وقادته لعشرة أيام من الرعب القاتل كسر عنجهية رئيس الحكومة الإسرائيلية واضطره مرغما للطلب من قوات اليونيفيل أن توصل رسالة إلى حزب الله انه لا يريد توسيع رقعة العمليات العسكرية ولا يرغب الدخول في حرب مع الحزب ونفس الرسالة كان قد أرسلها عبر موسكو وبذلك حققت المقاومة من ردها الذي لم يتأخر على عدوان القنيطرة النتائج التالية :

– عززت المقاومة مصداقيتها أمام جماهيرها وأثبتت مرة أخرى أنها قادرة على الإيفاء بوعودها وأن الوعد الصادق صادق ولا يرقى إليه الشك وأن كلام قائد المقاومة السيد حسن نصر الله يمتلك قوة إبراء كاملة وصار كل الإسرائيليين لا يصدقون ما يقوله قادتهم أو إعلامهم وإنما ينتظرون ما يقوله السيد نصر الله ليقفوا على حقائق الموقف وصوابيته وخطابات السيد أضحت دون مبالغة بمثابة “الترمومتر” السياسي والعسكري للداخل الإسرائيلي .

– فرضت المقاومة على العدو الإسرائيلي الالتزام بقواعد الاشتباك التي رسختها نتائج حرب تموز عام 2006 وبات يدرك أن أي تغيير فيها أو أي لعب في النار سيجعله يدفع الثمن باهظا وأن أي عمل عدواني لن يمر بعد الآن دون رد سواء في الساحة اللبنانية أو الساحة السورية وأن أهمية عملية شبعا أنها جاءت وقوات العدو البرية والبحرية والجوية في ذروة استنفارها .

– أسست المقاومة بردها على عدوان القنيطرة لمعادلة جديدة قوامها توحيد بنادق المقاومة وجبهاتها من جنوب لبنان إلى الجولان ممتدة إلى الساحة الفلسطينية كلها مستندة إلى عمقها الاستراتيجي في إيران وبات محور المقاومة أكثر تصميما على الرد في أي جبهة من هذه الجهات وأكثر يقينا بالنصر وانتقلت المقاومة من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم وسقطت رهانات الذين حسبوا أن المقاومة ضعيفة وغير قادرة على الرد ا وان انشغالها في مواجهة العصابات الإرهابية التكفيرية في لبنان سورية سيمنعها عن الرد .

– عملية المقاومة المتميزة كشفت العدو الإسرائيلي أمام عصاباته الإرهابية التكفيرية التي قام بعدوان القنيطرة لرفع معنوياتها المنهارة والتي تتحرك بأوامره وتستقوي بدعمه وظنت أن قوته لا تقهر وانه لا احد يستطيع وقفه عن دعمها فإذا بعملية شبعا تظهر انه قابل للهزيمة والاندحار هو والعصابات التي تحتمي به .

والسؤال هل تلجم عملية شبعا الناجحة جنون نتنياهو وهوسه بالعدوان واستخدام القوة وعربدته وعنترياته ؟؟ وهل تذكره بانكسار غزواته في غزة وهزيمة كيانه في عدوان تموز عام 2006 وقبلها اندحاره في جنوب لبنان عام 2000 ؟

هذه المرة لن يكون نتنياهو قادرا على التمادي أكثر وإلا فتح عليه أبواب جهنم وقد خسر في عملية القنيطرة من حيث أراد أن يكسب انتخابيا فالرعب الذي ألقاه حزب الله في قلوب الإسرائيليين لن يغادرهم بين عشية وضحاها وأدركوا أن حكومة نتنياهو غير قادرة على توفير الأمن والأمان لهم رغم تراجعها أمام المقاومة التي سددت ضربة لشعبية نتنياهو في الانتخابات المقبلة وأصبح مستقبله السياسي على المحك .

ويمكن القول انه لن يكون بمقدور نتنياهو أن يفعل شيئا لتحسين رصيده في الداخل بعد أن ابتلع رد حزب الله في شبعا مرغما وكان يظن أن الحزب لا يستطيع الرد على عملية القنيطرة ويعرف أن الحزب بات يمتلك من الأسلحة أضعاف ما كان يمتلك في حرب تموز وقدرته على زلزلة كيان العدو باتت أكثر بكثير من قبل وفشلت محاولات تل أبيب في استنزاف قدرا ت الحزب من خلال العصابات الإرهابية وإشغاله عن هدفه الأساسي باتجاه فلسطين فما وفره الحزب لمعركته من اجل فلسطين يزداد ويتعاظم كما قال السيد حسن نصر الله وما يواجه به العصابات الإرهابية فائض قوة لديه زاده خبرة وممارسة في القتال وتمرسا في فنون المواجهة مع العدو المحتل.

إن عملية شبعا النوعية المحكمة سيسجلها التاريخ كعلامة فارقة في سجل الصراع المفتوح بين حزب الله ومحور المقاومة ككل من جهة والعدو الإسرائيلي والعصابات الإرهابية التي يستخدمها من جهة أخرى والاهم في هذا السياق كله أن هذه العملية الجريئة إن لم توقف جنون نتنياهو فإنها ستجعله يحسب ألف حساب قبل الإقدام على أية حماقة جديدة ..

تركي صقر