أخبار البعث

البعث حزب الجماهير العربية تجسيد لنضال الأمة وتعبير عن إرادتها

حملت شمس السابع من نيسان عام 1947 بشائر مولد فجر نضالي عربي جديد، ونهوض تاريخي من صميم الحياة والواقع، من الألم والمعاناة، ومن طموح جماهير أمة خرجت مثقلة بالمآسي التي خلفها الاستبداد العثماني البغيض لوطننا العربي، وبالجراح الدامية التي تركها الاستعمار الأوروبي، وما بقي من ثآليل وندوب تركت لتعيث فساداً ولتصادر مقدرات الأمة .
في مثل تلك الظروف وبين ذلك الصراع المرير، جاءت ولادة حزب البعث إثر مخاض صعب، وزادت آلامه المعارك مع الجهل والفقر والعلاقات الاجتماعية المتخلفة والنفوذ الأجنبي، وشب على آمال الأمة في الوحدة والتحرر ومن أجل مستقبلها كافح ولايزال، ومن هنا فإن السابع من نيسان محطة هامة في تاريخ الأمة العربية.. وفي نضالنا المعاصر لتحقيق تطلعاتها.
ذكرى التأسيس تحمل معاني ودلالات تعبر أصدق تعبير على أن أهداف الحزب لاتزال هي نفسها أهداف الجماهير، وأن الحزب استمد قوته من هذه الجماهير التي هي مادته وغايته ولاطريق للنصر إلا من أجلها ومن خلالها فهي صاحبة المصلحة الحقيقية في التحرر والوحدة.
ذكرى التأسيس تأتي وسورية -قلب العروبة النابض- تتعرض لأعتى حرب كونية عرفها التاريخ المعاصر، تشن ضد دولة لالشيء سوى أنها تتمسك بسيادتها واستقلال قرارها في منطقة عز فيها القرار والسيادة.
ولأنها تدافع عن العروبة في وقت تمرغت أغلبية الأنظمة العربية في ذل التبعية ووحول القطرية والانعزالية، ولأنها أسست لثقافة المقاومة في زمن جعل بعض الحكام العرب من الاستسلام عقيدة، ومن الطاعة العمياء للأمريكي موقفاً يفتخرون ويتمسكون به.
والمتتبع لمسيرة الحزب منذ البدايات يدرك تماماً طبيعة الظروف والتحديات التي مر بها، ويعرف، وهذا هو الأهم أن التحديات الراهنة هي الأقوى والأشد عنفاً وضراوة وخطورة، حيث تواجه الأمة العربية بشكل عام وسورية بشكل خاص ظروفاً استثنائية من شأنها أن تطرح أسئلة أساسية حول دور الحزب في مواجهة هذه الظروف وفي صنع المستقبل، فالهجمة الشرسة التي نواجهها تستهدف قوى الحرية والتحرر في المنطقة بهدف استئصال المشروع القومي وتنفيذ المخطط الصهيوني في المنطقة العربية، ومن هنا تبرز أهمية أن يجدد البعث نفسه ومعه فصائل الحركة القومية، ليس فقط  لصد الهجمة الإمبريالية الصهيونية ودحرها، بل لتحقيق التجدد في بنية الحركة القومية وفي أدائها.
لقد جسد البعث في فكره وممارساته نضالاً من أجل قضايا الأمة الكبرى فتصدى لها باعتبارها كلاً لايتجزأ، فكان أول ما أعلنه في دستوره أن العرب أمة واحدة، ولها حقها الطبيعي بأن تحيا في ظل دولة واحدة، وأن الوطن العربي وحدة سياسية واقتصادية  لاتتجزأ ووحدة ثقافية وجميع الفوارق القائمة بين أبناء هذه الأمة عرضية زائفة، تزول بيقظة الوجدان العربي. كما أن الأمة العربية ذات رسالة خالدة تظهر بأشكال متجددة ومتكاملة في مراحل التاريخ وترمي إلى تجديد القيم الإنسانية.
وكان«البعث» رداً عملياً على كل الدعوات الهادفة إلى تكريس تجزئة الوطن  العربي إلى دويلات لاتمتلك مقومات النهوض الحقيقي، وعبر «البعث» في ذلك عن مصداقيته في المواءمة بين الشعار وتطبيقاته، فقدم التضحيات الجسام في سبيل قضية فلسطين وتقديم الشهداء فوق أراضيها واعتبرها قضية العرب المركزية.
تفاعل«البعث» مع الأحداث والتطورات التي برزت على الصعيد القومي، فتصدى للمشاريع والأحلاف الاستعمارية أمثال: حلف بغداد عام 1955 وسياسة ملء الفراغ الأمريكية، كما دعم نضال الأشقاء في الأقطار العربية من أجل نيل حريتها واستقلالها، فساند ثورة الجزائر واليمن وناصر فصائل حركة التحرر العربية، فقد كان البعث في طليعة الأحزاب على الساحة العربية بطرحه القضية القومية منذ بداياته الأولى، وما دوره في قيام الوحدة بين سورية ومصر إلا خير دليل على إدراكه أهمية الوحدة العربية كمدخل تحرري حقيقي، وإذا كان البعث قد تجرع مرارة انفصال أول وحدة في التاريخ العربي الحديث، فإن البعثيين عادوا ليخوضوا معارك النضال ضد الانفصال والتي توجت بوصول البعث إلى قيادة الدولة في أعقاب ثورة آذار 1963 حيث بدأ التغير الحقيقي في المجتمع سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً لتتعمق التحولات الاجتماعية والاقتصادية لصالح الفئات التي كانت تعاني الظلم والحرمان ولتبدأ سورية بناء دولة المؤسسات، ولاسيما بعد قيام الحركة التصحيحية في السادس عشر من تشرين الثاني 1970 بقيادة القائد التاريخي حافظ الأسد الذي قاد تغييرات جذرية في الحياة الحزبية الداخلية وفي علاقة الحزب بالجماهير وبالأحزاب الوطنية والقومية وتحقيق وحدة الحزب الفكرية والتنظيمية واستنباط تجارب وصيغ كالتعددية الحزبية والسياسية والاقتصادية كإثراء فكري ونضالي يتطور باستمرار.
ومع تولي السيد الرئيس بشار الأسد مسؤولية القيادة بدأ الحزب وسورية مرحلة جديدة تتسم بتطوير البناء وتحديثه ليكون أكثر تلاؤماً مع المتغيرات والارتقاء به مع التمسك بالثوابت الوطنية والقومية.
إن المتغيرات التي تشهدها المنطقة والحرب الإرهابية الوهابية الأخوانية التي تشن على سورية بتمويل سعودي- قطري وبتخطيط أمريكي- إسرائيلي- تركي أهم ما يميز هذه المرحلة من تاريخ العرب الذين باتوا على هوامش الهوامش نتيجة تبعيتهم للغرب الاستعماري وتشرذمهم وتحويل الكثير من كياناتهم إلى أدوات بيد الكيان الصهيوني يحركهم كيفما ومتى أراد، وما الحرب الظالمة التي يشنها آل سعود على اليمن إلا خير شاهد على تشرذم العرب وخضوعهم للإملاءات الغربية والرغبة الإسرائيلية وسطوة المال السعودي في تجنيد بعض الحكام العرب ليكونوا ضمن الرتل الوهابي في ضلاله وقصر نظره، من يقرأ التاريخ جيداً لا بد أن يدرك أن البعث منذ تأسيسه وهو يعمل للحيلولة دون وقوع الأمة العربية في مثل هذا المطلب الاستعماري الصهيوني.
إن البعث ومنذ أن وُجد كان موضع استهداف مستمر لأنه يحمل رسالة الأمة ومشروعها القومي النهضوي الذي يرى فيه المشروع الإمبريالي الصهيوني الرجعي العربي مصدر الخطر الأول الذي يحول دون تحقيق أهدافه وغاياته ما يجعل الوضع الذي يمر به الوطن العربي عامة، وما تشهده سورية من حرب ظالمة منذ أربع سنوات خاصة، امتحاناً آخر للبعث تدفع به للمراجعة الذاتية والموضوعية لمسيرته بحكم كونه معبراً عن نبض الشارع العربي ويملك القدرة على التعامل مع التحديات الكبيرة التي يتعرض الوطن العربي، وهو بأهدافه وتطلعاته ونضاله ومواقفه يعبر عن العروبة أولاً، وعن مجمل الجماهير العربية المؤمنة بهذه العروبة ، سورية بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد وبفضل تلاحم شعبها وجيشها البطل ستتجاوز هذه الأزمة وستنتصر على الحرب الوهابية الإخوانية الإرهابية، وسيبقى حزب البعث العربي الاشتراكي حزب الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج لأنه حزب كل مواطن عروبي شريف مخلص لأمته مؤمن بقدسية العروبة.
إبراهيم أحمد