اخترنا لك

الجعفري.. سياسة التحالفات السورية 1918 ـ 1982

صدرت عن دار بيسان للنشر والتوزيع في لبنان الطبعة الأولى من كتاب ” سياسة التحالفات السورية 1918ـ 1982 ” لمؤلفه د. بشار الجعفري مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة، وتأتي أهمية هذا الكتاب باعتبار أنه الأول من نوعه الذي يتعامل مع مسألة تخصصية هامة كمسألة سياسة التحالفات السورية على مدى مساحة زمنية تختصر، بحد ذاتها، تاريخ المنطقة الشرق أوسطية بكاملها، وتبرز امتدادات جيوبوليتكية تتجاوز الإطارين الوطني والقومي لتصل الى عواصم صنع القرار السياسي العالمي.

لقد أكدت الأحداث الدموية المؤلمة التي ألمت بسورية منذ بداية العام 2011 محورية الرهان العربي والإقليمي والدولي على سورية ودورها، كما كشفت تلك الأحداث التي اصطلح على تسميتها بالأزمة السورية عورات النظام السياسي العربي وهشاشة بنيانه ومؤسساته وتبعيته للخارج، علاوة على تعريتها لمجمل مؤسسات العمل الدولي المتعدد الأطراف، بما في ذلك منظمة الأمم المتحدة، من حيث سيطرة القوة والمال والفساد على آليات صنع القرار فيها وانحسار التراث القانوني للبشرية الى مراتب دنيا لم تعد تفيد إلا كشاهد زور على انتهاك أحكام ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي والقانون الإنساني، حيث أضحت لغة القانون هي لغة الضعفاء، وكم أظهرت السنوات الأخيرة من عدم الاستقرار السياسي في المنطقة العربية قصور العقل السياسي العربي عن فهم خطورة ما يحدث على حاضر ومستقبل العرب، واستعداد العديد من أنظمة الحكم العربية لتيسير فرض إرادات أعداء الأمة على شعوبها واستنزاف قدراتها ومواردها في حروب وقودها العرب والمسلمون، وغايتها تحقيق استراتيجية الغرب في تأمين بقاء وهيمنة إسرائيل على المنطقة العربية الى حدود زمنية بعيدة … ومن المؤسف القول: إن “عصر العرب” في مجمل العلاقات الدولية قد أفل وأن دورهم الإقليمي قد ولّى بسبب سوء قراءتهم لما يستهدفهم وقصر نظرهم الاستراتيجي وانكفائهم الى خطوط الجاهلية، لا بل إن بعضهم اعتنق مجدداً، ديانة الغزو القبائلي لإخوانه واستباحة مجتمعاتهم وأعراضهم في خدمة المغول الجدد من إرهاب ومشغليه….

وقد يثير ظهور هذا الكتاب الآن الكثير من التساؤلات المشروعة لدى القارئ العربي وفي صفوف المهتمين بالتاريخ السياسي لدول منطقتنا العربية والشرق أوسطية، ولذلك فإن نشره يشكل تحدياً فكرياً قبل أن يكون سياسياً، فهو يأتي بقلم دبلوماسي سوري متخصص يكتب عن تاريخ بلاده السياسي في فترة حساسة ودقيقة، كما أنه يستكمل كتباً أخرى ظهرت تباعاً حول تاريخ سورية السياسي الحديث والمعاصر، لكنه يتفرد عن غيره من الكتب من جهة تخصصه في إبراز أبعاد سياسة التحالفات السورية في سياق التاريخ السياسي.

ولاشك في أن أي بحث سياسي جاد حول تاريخ سورية السياسي مطلوب بشدة هذه الأيام ومرغوب به من قبل القارىء العربي والباحث المتخصص، وذلك بسبب اتصال هذا التاريخ بالدائرة التاريخية الأوسع لمجمل دول المنطقة، وكذلك بفعل أهمية الحراك السياسي السوري وتأثيره البالغ في شبكة العمل السياسي القومي العربي والشرق أوسطي.

يقع الكتاب في 685 صفحة من القطع الكبير ويضم توطئة، وتمهيداً يتناول السياسة الخارجية السورية ومفهوم الأحلاف والوحدة الاستراتيجية والأمن القومي العربي، ولمحة عن تاريخ سورية، وقسمين أولهما بعنوان ” ثقل مقومات المجتمع السوري في تقرير السياسة السورية” ، وثانيهما بعنوان: “التطبيق العملي لسياسة التحالفات السورية” وخاتمة.

ولمؤلفه د. بشار الجعفري العديد من المؤلفات، منها: الجامعات المصلحية ضاغطة في الولايات المتحدة الأمريكية (دمشق 1983 )، السياسة الخارجية السورية 1946 ـ 1982 ( دمشق 1986 )، الأمم المتحدة والنظام العالمي الجديد ( دمشق 1994 )، أولياء الشرق البعيد ( دمشق 2003 ).