line1أخبار البعث

دار البعث تتصـــدى لملفّ أقضّ مضجع مـــوظفيها لســــنوات

يكفي المرء أن يقف ولو ساعات في مالية دار البعث ويراقب العيون والابتسامات العريضة لموظفين انتقلوا إلى وزارات أخرى أو على أبواب التقاعد أو ما زالوا على رأس عملهم، وهم يسدّدون ما ترتّب عليهم من ذمم مالية بعد أن بادرت دار البعث لتسديد كل ذممهم المتراكمة منذ سنوات وصحّحت ملفاتهم التأمينية العالقة، وإن بادرت بالسؤال كيف تقيمون ما حدث، تأتِك عشرات الإجابات متفقة أن الإجراء أكثر من حلم وأكثر من حقيقة، بل أصبح واقعاً بعد أن دغدغ أحلامنا وحياتنا سنواتٍ دون تحقيق؟!.. الحلم تحقق والفضل يعود لإدارة دار البعث، هذا ما أجمع عليه الموظفون بعد أن ضمنوا تقاعدهم بعد سنوات من الانتظار والوعود وترحيل الحل عاماً بعد عام.
(البعث) وانطلاقاً من حرصها على الدفاع عن حقوق ومكتسبات العمال والإشارة للإنجاز الذي حققته إدارة الدار لموظفيها بعد سنوات من التسويف ليس من باب التسويق، وإنما من باب الوفاء وردّ الجميل، ولتكون حافزاً ونبراساً للإدارات المتردّدة والمتخشّبة.

كلام حقّ يراد به حقّ
الاعتراف بالدور الكبير والجهود التي يمكن وصفها بالجليلة التي قامت بها إدارة دار البعث، لا يقع ضمن خانة المجاملة أو تزييف الحقائق، بل هو حالة من ردّ الجميل لها، لأن القرار كبير واستراتيجي والأهم أنه رحيم وإنساني، وهو خطوة جليلة وكبيرة بكل المقاييس وخاصة لجهة التوقيت والعدد الكبير الذي تمت معالجة مشكلاته، كما أن هذا الإجراء يأتي استكمالاً لإجراء سابق اتخذ قبل عدة سنوات وتمثل في تثبيت العاملين لدى وزارات الدولة وفي الدار، مع التأكيد أن الإدارة الحالية لا تتحمل المسؤولية عن تراكم هذه المشكلات من تسويف ومماطلة، بل إن معالجة هذه المشكلات اليوم وفي الوقت الذي تواجه فيه مؤسسات الدولة أعباء مالية كبيرة بسبب الأزمة، تنم عن مسؤولية كبيرة نأمل أن تكون مثالاً لمؤسسات الدولة الأخرى للاقتداء بها. هذا الكلام الوجداني ليس لموظف ما زال في دار البعث وإنما للزميل شوكت أبو فخر في صحيفة تشرين، وما قاله هو لسان حال ما سمعناه وما رأيناه خلال لقاءاتنا المختلفة مع العشرات ممن تمّت تسوية أوضاعهم سواء الذين ما زالوا على ملاك الدار أم من انتقلوا إلى وزارات أخرى، وهذا كان كافياً لمنحنا القدرة على تفنيد إجاباتهم ومنحها الموضوعية والصدقية بنسبة كبيرة، فقد كان رأيهم نابضاً بالحقائق والوقائع بعد تراجيديا أليمة عاشوا تفاصيلها سنوات، وبتقادم عدد من المديرين دون أمل وبلا جدوى حتى حملت الإدارة الحالية الراية وتحمّلت وزر كل الإدارات السابقة رغم الأعباء المالية الكبيرة واستثنائية المرحلة.

قرار كبير ومركّب
الإجراء نبيل وكبير ووطني واستثنائي، لأنه أنهى مشكلة متجذرة عمرها سنوات لشريحة العمال ذوي الدخل المحدود، من هنا تأتي أهميته لأنه صادق وجاء بمبادرة ذاتية والإحساس بهواجس جمهور العمال، وليس تلبية لتوجيهات أحد، بل إن الكثير من الجهات الوصائية كالت عشرات الوعود منذ سنوات، ولكن لتطييب الخواطر ليس أكثر، هذا بعض ما باح به الدكتور صالح العلي (كلية الاقتصاد – جامعة دمشق)، واللافت على حدّ تعبيره أن الإدارة قد تحمّلت عبء العامل ورب العمل والفوائد المتراكمة على مدار أكثر من عشرين سنة لتسعمئة عامل، منهم من انتقل إلى مؤسسات أخرى ومنهم من استقال ومنهم من ليس على رأس عمله، ومع هذا آلت هذه الإدارة الرشيدة على نفسها وتحمّلت العبء المادي الكبير لرفع الضيم والحيف عن موظفيها، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك عندما سهّلت وقسّطت المبالغ المدفوعة للموظفين على عدة دفعات للتخفيف عنهم وعن أسرهم في هذه الظروف العصيبة، من هنا جاء نبل الموقف وصدقيته وصعوبته.

إدارات تتهرّب وإدارة البعث تتصدّى
يشاطر الخبير الاقتصادي الدكتور عابد فضلية (عميد كلية الإدارة في جامعة الشام الخاصة) الرأي مع المستفيدين من الإجراء المومأ إليه ومع الدكتور العلي، مشيراً إلى أن مَن يطّلع على حيثيات واقع دار البعث والإجراءات الشجاعة التي تصدّت لها الإدارة الحالية يثلج الصدر ويفتخر به كل باحث اقتصادي أو حتى المواطن الموظف الغيور على طبقته وأبناء جلدته، لأن المبلغ المدفوع كبير في ظروف مالية استثنائية تعاني منها كبريات المؤسسات الاقتصادية السورية بسبب الأزمة التي تمر بها البلاد، وهذا ليس بخافٍ على أحد، من هنا تأتي أهمية الإجراء لأنه أيضاً جاء في وقت تتهرّب فيه إدارات كثيرة من تسديد ذممها المالية، بل تسرّح عمالها بحجة قلة السيولة وترميها على شمّاعة الأزمة لتأكل حقوق صغار عمالها، بينما نجد إدارة البعث تنتصر على ذاتها وتتصدّى بكل شجاعة ومسؤولية، وتفكّك لغزاً قضّ مضجع جيش من العمال وتصوّب خللاً عشعش داخل حياة عمال هذه المؤسسة الإعلامية العريقة أكثر من عقدين من الزمن، وما رافق ذلك من عدم استقرار. من هنا نقول والكلام لا يزال لفضلية: نحن اليوم بأمس الحاجة إلى إدارات قادرة كهذه على اتخاذ القرار الصعب والمناسب في أعقد الظروف لأن المرحلة استثنائية وتتطلب قرارات استثنائية.
واللافت في القرار المتخذ حسب فضلية أن الإدارة قد تحمّلت عبء العامل وربّ العمل والفوائد المتراكمة لخدمات وصلت لأكثر من عشرين سنة لتسعمئة عامل.

صرح إعلامي
يبدو الحديث عن التطورات التي شهدتها دار البعث في السنوات الأخيرة ذي وقع خاص اليوم لتزامنه مع ذكرى تأسيس الدار العائدة الى الثالث من تموز, فثمة نقلة نوعية حصلت على مختلف المستويات وليس مجرد تسوية أوضاع العاملين مع التأمينات الاجتماعية فالاسثمار في الموارد البشرية والمادية كان عنواناً عريضاً عملت عليه إدارة الدار وظهرت نتائجه من خلال سلسلة من الملامح التي يتقاطع معها الشكل والمضمون من حيث الجدوى والصدى والبعد المادي والمعرفي، إذ عملت إدارة الدار على الارتقاء بنوعية باقة المنتجات الإعلامية فأنشأت المركز الوطني للأبحاث  واستطلاع الرأي وهو مركز بحثي متخصص بالبحث والتقصي الاستراتيجي بأبعاده السياسية والاقتصادية وتم رفده بكادر ذي طيف واسع من الاختصاصات كما تم تعزيز المركز بموقع متخصص على شبكات للانترنيت ويحظى بنسبة متابعة عالية.  ويصدر عن المركز مجلة ضفاف بالتعاون مع وزارة التعليم العالي، وهي مجلة بحثية شبه محكمة تتناول قضايا الساعة على المستوى المحلي والعربي والدولي  كما يصدر كتاب البعث الشهري بالتعاون مع وزارة الثقافة. وهو منتج يواكب الإنتاج الثقافي الخلاق، هذا وتم إحداث موقع البعث ميديا وهو صحيفة الكترونية تحمل رسالة إعلامية سامية تواكب كل جديد على الساحة وتتوجه الى متصفحي الانترنيت في سورية والعالم.
كما تم تشييد مدرج مسرح دار البعث الذي بات أشبه بخلية نحل ويعجّ بالنشاطات والفعاليات الثقافية والوطنية واللقاءات السياسية وإقامة ورشات وندوات توعوية وتدريبية لكل الوزارات والمديريات ولكل المؤسسات الإعلامية والنقابات المهنية والمنظمات الشعبية.

وعلى المستوى المادي والريعي عملت إدارة دار البعث على تعزيز مواردها على اعتبار أنها لا تتلقى معونات من أية جهة رسمية وتعتمد على التمويل الذاتي، وطورت أفق استثمار موجوداتها الثابتة لا سيما على الصعيد العقاري وأتاحت مساحات واسعة جديدة استضافت فيها المجلس الوطني للإعلام والمديريات الجديدة المحدثة في وزارة الإعلام إضافة الى الهيكل التقليدي للوزارة الى جانب فرع للمصرف التجاري السوري.
كما قامت الدار بإحياء فرص استثمارية كانت ضائعة ومجمدة من مضمار العائدات المفترضة، فأعادت تأهيل الوجيبة الجنوبية والأخرى الشمالية وبشكل لائق يتماهى مع ملامح الحي الراقي الذي تتوضع فيه الدار. ويحقق الكثير من التفاعل مع أوساط الشباب والوسط الاجتماعي الأسري عموماً. وبما يحقق تكاملاً في الاستثمار الإعلامي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي (مسرح، منشآت تجارية، وأخرى سياحية).

ماذا تقول إدارة البعث
وبالعودة الى موضوعنا الأساس وهو تسوية أوضاع العاملين في الدار يقول  المدير الإداري وفيق خليل: قامت إدارة دار البعث في هذا العام وانطلاقاً من حرصها على مستقبل حياة وأسر العاملين في دار البعث ولضمان حقوقهم وتسهيل الإجراءات التقاعدية لهم بمعالجة إشكالات متراكمة منذ أمد بعيد على صعيد الجانب التأميني تمتد إلى عام 1964، حيث الحقوق التأمينية عن فترة المياومة وحصة رب العمل وحصة العامل لم تكن مسدّدة، بالإضافة إلى عدم احتساب الزيادات من أصول احتساب الراتب التقاعدي، فقامت إدارة الدار مع المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية وبالتنسيق مع وزارة العمل بتشكيل لجنة مطابقة بين الدار والتأمينات الاجتماعية، الأمر الذي انتهى إلى عمل دؤوب لهذه اللجنة بإشراف ومتابعة إدارة دار البعث وبالتنسيق مع وزارة العمل والمؤسسة العامة للتأمينات، وعلى مدى ما يزيد على شهرين متواصلين أنجزت عملية المطابقة.

عقلية أبوية منفتحة
وأضاف خليل: بنجاح مميّز أنهيت كل المشكلات العالقة بالنسبة للوضع التأميني للعاملين في الدار، فاستكملت هذه المطابقة بالمعالجة /826/ عاملاً وفق التفصيل الآتي: 470 عاملاً من القائمين على رأس عملهم في الدار، و290 عاملاً ممن نقلوا إلى وزارات الدولة بموجب المرسوم 4 لعام 2012، و66 عاملاً من العاملين الذين كانت ملفاتهم التأمينية معلّقة لدى المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية من عام 1964 حتى تاريخه.

عبء مادي شديد الوطأة
أوضح خليل أن المعالجة المذكورة للأعداد المبيّنة أعلاه رتّبت على الدار تسديد مستحقات مالية بلغت 151 مليون ليرة سورية، قامت الدار بتسديدها قبل نهاية عام 2014 كاملة، ما وضع الدار تحت عبء مادي شديد الوطأة يستدعي منها بذل قصارى جهدها لتعويض المبلغ المدفوع، وخاصة أن إدارة دار البعث كانت كما دوماً تسعى بمنتهى الحرص إلى المحافظة على حقوق الرفاق العاملين في الدار وتضع مستقبلهم وأسرهم في أولوية اهتمامها.

دون تسويف أو تملق
التأمينات الاجتماعية أدلت بدلوها بكل شفافية على لسان مديرها العام زياد الخطيب الذي اعترف لإدارة دار البعث الحالية بإصرارها وتذليلها لكل العقبات بالنجاح والتصدّي وإنهاء كل الإشكاليات المالية المتراكمة منذ سنوات، وقد نجحت بامتياز لأن هذه الملف كان معقداً وفيه بنود مركبة احتاجت إلى اجتماعات مطوّلة وقرارات جريئة ودفع مبالغ مالية كبيرة متراكمة منذ سنوات، وكان دورنا يقتصر على التسهيل والتوفير، ولكن النجاح يسجّل ودون تملّق أو تسويف لإدارة البعث لأنها هي من دفعت مئات الملايين عن عمالها بكل رضا دون إجراءات عقابية أو قضائية.

محامي العمال
كنا نعلم مسبقاً أن حبكة موضوعنا لن تكتمل إلا بسماع رأي محامي العمال ومفتي التأمينات الاجتماعية وزير العمل الدكتور خلف العبد الله الذي تحدّث بكل شفافية ووضوح وصدقية:
أنا عاصرت وعايشت معضلة دار البعث أيام كنت مدير عام التأمينات الاجتماعية ووزيراً للعمل، وسأقول الحق بكل تجرّد: إن الادارات السابقة وعلى مدار عشرين سنة مضت، رحّلت حقوقاً مشروعة للعاملين في الدار من سنة إلى أخرى، ومن مدير عام إلى آخر.. وكل مدير جديد يأتي ليقول بالصوت العالي: أنا لست السبب وليست لي علاقة.. وهكذا حتى أصبح عند بعض العمال قدم أكثر من عشرين سنة دون تأمين، وهذا يعني خروج العامل دون راتب تقاعدي.. ورغم تحذيراتنا.. ورغم تسهيلاتنا ورغم عقد مئات الاجتماعات، ولكن كانت تنتهي دون نتيجة لأن الإدارات السابقة لم تكن شجاعة لدفع بعض الملايين وهي حقوق مشروعة وثابتة للعمال، وكأنهم يدفعون من جيوبهم حتى تصدّت لهذه المشكلة المركّبة والمتراكمة الإدارة الحالية المتمثلة بشخص الدكتور عبد اللطيف عمران الذي يسجّل له هذا الإنجاز برفع الحيف والظلم والقهر عن رفاقنا العمال الذين عاشوه سنوات طويلة، والجدير بالذكر أنها هي من بادرت دون توجيه من أحد من القيادة القطرية أو من مجلس الوزراء، ولا من أي جهة رقابية، وإنما من إحساسها بهموم الرفاق العاملين.. وهذه ميزة الإدارة الرشيدة التي تبحث عن تأمين العمال وإعطاء الحقوق والبحث عن أفضل السبل ليعيش العامل بكرامة وشرف أمام أسرته أولاً، ومجتمعه ثانياً.
وتمنى وزير العمل على كل الإدارات الحكومية والخاصة الاقتداء بقرار دار البعث الشجاع والوجداني والإنساني والأخلاقي، وهذا ما تريده القيادة السياسية، لا أن توفر بعض الإدارات حفنة قروش على حساب حقوق العمال وتتبجّح بأنها رابحة.

أولياء الحق
ماذا عسانا نضيف ونعرّف أكثر بإنجاز يتكلّم عن ذاته بشهادة أولياء الحق (الموظفين) ومباركة خبراء الإدارة والاقتصاد، والجهات المعنية والوصائية.
الإجراء كريم وشجاع واستثنائي قلّ نظيره، ولعله يكون فاتحة خير وقدوة حسنة لكل الإدارات المتردّدة والعصمليّة.

عارف العلي