أخبار البعث

الرفيق هلال: الشعب السوري يخوض معركة تاريخية تقرّر مستقبل المنطقة والعالم

بدأت أمس، فعاليات الملتقى النقابي الدولي للتضامن مع عمال وشعب سورية في وجه الإرهاب والحصار والعقوبات الاقتصادية في مجمع صحارى السياحي، ومثّل السيد الرئيس في افتتاح الملتقى الرفيق المهندس هلال الهلال الأمين القطري المساعد، وحمل المشاركون في الملتقى رسالة واضحة مفادها وقوفهم إلى جانب السوريين، الذين يواجهون أعتى موجة إرهاب عالمية، ودعوة للمجتمع الدولي للقيام بدوره في هذا المجال وحماية الطبقة العاملة الأكثر تأثّراً بهذه الموجة.

وقال الرفيق الهلال: يسعدني أن أنقل إليكم ومن خلالكم إلى جميع من تمثّلونه من شعوبكم الشقيقة والصديقة تحيات السيد الرئيس بشار الأسد، الذي تفضّل برعاية هذا الملتقى، تأكيداً من سيادته على أهمية أن يجتمع في قلب العروبة النابض، سورية أرض التاريخ ومنبع الحضارة، هذا العدد من خيرة المناضلين النقابيين، حرصاً منه على إنجاح هذا الحدث، الذي يُشير إلى أن شعب سورية الأبي ليس وحده في مواجهة الإرهاب والتكفير والتضليل، لاسيما وأنه يبذل التضحيات العظام في صدام تاريخي سيقرّر مستقبل المنطقة والعالم كلّه في العقود القادمة.

وأضاف الرفيق الهلال: لا شك في أن القوى النقابية هي من أكثر القوى المجتمعية تأهيلاً وجدارة  للقيام بهذا الدور، بالنظر لما تمثّله من شرائح اجتماعية حيوية ورائدة في حمل قيم التقدم الاجتماعي، وما تملكه من تاريخ نضالي نقابي وطني عريق، راكمت خلاله الكثير من الخبرات، وأصبحت بفضله أحد أهم ركائز الوحدة الوطنية والاستقرار السياسي في المجتمعات، وأضاف: اسمحوا لي أن أتجنب الدبلوماسية، ما دمنا نمثّل قوى شعبية، ولا نمثل دولاً وحكومات، لأقولها لكم بصراحة: إن المواطن السوري اليوم، يشعر بأن كثيراً من أشقائه وأصدقائه، مرتبكون حائرون- وأنا هنا أتحدّث عن الشعوب وليس عن الأنظمة السياسية الحاكمة- وأنه ترك وحيداً في مواجهة خطر لا يهدّده وحده فقط، إنما يهدّد جميع شعوب الأرض، بل يهدّد أعراف الإنسانية وتقاليدها وقيمها العامة، التي بنتها وناضلت من أجلها منذ بداية التاريخ، وأشار إلى أنه لطالما شعر هذا الإنسان السوري المكافح، بأن دعم القوى التحررية والمحبة للسلام، والملتزمة بمبادئ العدل والمساواة في المنطقة والعالم، أضعف كثيراً مما تتطلبه المعركة المشتركة، وأقل من قدرات الشعوب وطاقتها العظيمة، مضيفاً: من هنا تبرز أهمية هذا الملتقى، إذ يرى فيه السوريون فسحة أمل واسعة، كي يتصاعد هذا الحضور المشترك في المعركة المشتركة بشكل أكثر جدوى وأمتن تنظيماً، بما يتناسب مع ما نواجهه جميعاً من مخاطر.

وأوضح الرفيق الهلال أن الحرب على سورية تختلف اختلافاً نوعياً عن كل الحروب التي عرفها التاريخ المعاصر، فمن ناحية الكم تجتمع فيها جميع الحروب بداية بالحرب المسلحة، حرب القتل لمجرد القتل والتدمير لمجرد التدمير، وحرب النهب والإبادة، وحرب الإرهاب المنظم، الذي يتلازم فيه إرهاب العصابات المرتزقة بإرهاب الدول الداعمة، وهي حرب اقتصادية في أشدّ مستوياتها إيلاماً، وحرب حصار سياسي دبلوماسي واقتصادي وحرب إعلام تضليلي لا يقف تضليله عند أي حدّ، وهي كذلك حرب ضد القيم والأخلاق والثقافة والتقاليد الإنسانية، وهذه الأمور من حيث الكم، أما من حيث النوع فقد تطاولت كل حرب من هذه الحروب لتصل إلى أشدّ مستوياتها تركيزاً منتهكة حدود احترام حياة الأبرياء من أطفال ونساء وشيوخ ناهيك عن ممتلكاتهم وأراضيهم وكرامتهم الإنسانيّة.

وذكر الرفيق الهلال أنه، وفي إطار الضغوط والتهديد المتواصل على سورية، أثاروا سياسياً وإعلامياً ما أسموه بأزمة اللاجئين السوريين في أوروبا، وهنا لابدّ من القول: إن هذه الأزمة هي جزء من نتائج الحرب على سورية، التي شاركت فيها غالبية الدول الأوروبية عبر الدعم السياسي واللوجستي للإرهاب، وإن لجوء السوريين الكبير والحقيقي هو من المناطق التي يسيطر عليها الإرهابيون إلى المناطق الآمنة تحت سيادة الدولة، والتي تعدّ استفتاء واقعياً لمشاعر السوريين تجاه دولتهم، مبيّناً أن أوروبا تبدو في تعاملها مع هذه المسألة بحيرة بين مصالحها الاقتصادية ومشاعرها، والحل العادل لهذه المسألة هو إنهاء الحرب الإرهابية على سورية، فيبقى السوريون في وطنهم معززين سعداء كما كانوا قبل هذه الحرب، وأضاف: يناسب أوروبا قدوم الآلاف من قوى العمل الشابة والمدربة والنشطة، لكن هذه المصالح تتناقض مع مشاعر العنصرية وما يسمونه “الإسلاموفوبيا”، مشدّداً على أن الإعلام الغربي يركز على السوريين، بهدف الضغط من جديد على سورية البلد العصي على الانكسار والهزيمة، إلّا أن الإحصائيات تُشير إلى أن نسبة السوريين لا تتجاوز 25 %  فقط بين مجموع اللاجئين.

وبيّن الأمين القطري المساعد أن من أخطر ما أبرزته الحرب، إضافة إلى قدوم قطعان المرتزقة الساديين من جميع مناطق العالم، هي ظاهرة الارتزاق السياسي ومعارضة الفنادق الفخمة، لكن ما هو أشدّ خطراً من هذا كله أن حكّاماً، كأردوغان، وجدوا في الحرب فرصة للتعبير عن أمراضهم النفسية ووهمهم الكبير بإعادة ظاهرة الهيمنة العثمانية سيئة الصيت، والاعتماد في تحقيق هذا الوهم على الإرهابيين من جميع الأصناف، بما فيهم جماعة الإخوان، وهذا الوهم دفع بأردوغان ليس للإسهام في قتل السوريين فحسب بل لضرب أبناء شعبه بالطائرات، وتوجه للشعب التركي الصديق وللقوى التركية المناضلة ضد استبداد أردوغان بأسمى تعابير التحية والتقدير.

ولفت الرفيق الهلال إلى أن هذه الحرب ستدخل التاريخ باعتبارها حرب الحروب، أو أم الحروب، وسيدخل كفاح شعب سورية التاريخ، بأنه كفاح الكفاحات، وأم كل كفاح، وأضاف:  في مجمل التدمير الممنهج للبشر والحجر كان تدمير الحقيقة التدمير الأكثر إيلاماً، فمن أجل تدمير الحقيقة استخدمت مئات مليارات الدولارات لتوجيه مئات وسائل الإعلام واسعة الانتشار توجيهاً نحو التضليل واللعب بالعقول على مدى 24 ساعة يومياً. ووصل التكثيف التضليلي حدّاً لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية، وكما كان الإرهابيون يتناولون حبوب المخدر كي يستطيعوا القتل والذبح بهذه الوحشية كانت وسائل الإعلام تبثّ السموم المخدرة بالصوت والصورة الكاذبة لعلها تخفي الحقيقة عن كل عقل حصيف أو كل ضمير مبني على القيم الإنسانية العامة، وتابع: أرادوا بهذا التدمير الممنهج للحقيقة أن يحولوا البشرية إلى قطيع يسير بلا رأس ولا عقل ولا ضمير.

وأضاف الرفيق الهلال: أثبتت سورية أنها لن تُحرق ولن تستجيب للرغبات الدنيئة للمسيطرين على هذا العالم وأتباعهم من الصهاينة، ومن أشباه الرجال في هذه المنطقة، وقال: هناك سؤال يقلق كل من لا يعرف سورية هو لماذا كل هذا الحقد عليها وما ذنب هذا البلد الصغير المسالم الذي علّم الناس الأبجدية وكان منذ بداية التاريخ ملتقى الحضارات وصانعها؟!، مبيّناً أن السبب يعود لتحقيقها الاستقلال الناجز، استقلال القرار لدى البلدان الصغيرة والنامية، في منطقة عزّ فيها الاستقلال الحقيقي، ولدعمها للقضايا العادلة وقضايا التحرر بقوة في المنطقة والعالم، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، ولمواجهتها العنصرية والصهيونية والرجعية والتكفيرية، وطالبت بعالم يسوده السلام والقانون الدولي والعيش المشترك المتفاعل بين بني البشر، وأضاف: هم لا يريدون الديمقراطية لهذه المنطق، مشدّداً على أن سورية منذ بداية المؤامرة اعترفت فوراً بمطالب الشعب المحقّة، وأجرت تغييراً بنيوياً للنظام السياسي، وأجرت استفتاءً على دستور جديد يطبّق جميع معايير الديمقراطية في العالم، وأجرت على أساسه انتخابات برلمانية تعددية وانتخابات رئاسية، لكن هذا لم يعترفوا به لأنهم يريدون أن تغيّر سورية مواقفها الوطنية والقومية المعروفة لا أن تتجه نحو الديمقراطيّة، وتابع: لو أننا استقرأنا الأنظمة التابعة تبعية كاملة لواشنطن في هذه المنطقة، من المحيط إلى الخليج ومن قطر حتى المغرب، فماذا نجد؟، نجد بأن أمريكا تدعم الأنظمة الاستبدادية حصرياً وأنها تهدّد الأنظمة التي تتجه اتجاهاً حثيثاً نحو الديمقراطية، كسورية والعراق ومصر والجزائر ولبنان، والحرب على اليمن أيضاً تؤكد ظاهرة ضرب كل توجه خارج إطار هيمنة الامبريالية الأمريكية وأتباعها.

ودعا الأمين القطري المساعد لتشكيل تحالف عربي وعالمي ضد الإرهاب، تحالف لا يقف عند البيانات والخطابات والنوايا الحسنة، وإنما يتعداه إلى الفعل المشترك المنظم، لأن الخطر واحد والمعركة واحدة، والأهم من ذلك كلّه تحالف تكون الشعوب قاعدته، ونحن ندخل عصر الشعوب من أبوابه الواسعة، وخير دليل ما يحققه الشعب السوري من معجزات ستبقى في ذاكرة الأجيال طويلاً، لأنها حرب الشعب ولو لم تكن كذلك لما صمدت سورية كل هذه المدّة ، ولو أن الشعب لا يريد دولته لانتهى أمرها في أسابيع قليلة، ولما احتاج غُلاة الرجعية وأسيادهم لإنفاق مليارات الدولارات وإرسال عشرات الآلاف من الإرهابيين المرتزقة، ولما احتاجت الدول المعادية فرض هذا الحصار الاقتصادي والسياسي والحرب الإعلامية غير المسبوقة على سورية، وقال: ليست المشكلة في طبيعة القوى المعادية لكل قيم الإنسان وحضارته، بل أحياناً تكون في القوى التي تواجه الطغيان والظلم والظلام، وأوضح أنهم يعتدون علينا وفق جمع منسق ونواجههم فرادا، وهم يخططون وينفذون بتناغم كامل، ونحن يخطط كل منا دون تنسيق مع الآخر، وتساءل: كيف يواجه بلد عربي الإرهاب دون أن يمدّ يده بقوة ومن فوق الطاولة إلى سورية وقد حارب جيشهما كل الحروب سوية؟، وأضاف: إننا مع العراق ومصر صفاً واحداً في مواجهة الإرهاب وفي تأكيد الاستقلال الوطني وحماية الأمن القومي العربي.

وأكد الرفيق الهلال أن السرّ في قوة سورية يعود إلى الشعب وقوته التي لا تقهر، وإلى الجيش العظيم الذي خاض كل حروب العرب العادلة، واليوم يخوض أعدلها، وإلى القائد الذي لا يستمع إلّا إلى صوت شعبه، ولا ينحني إلّا لله،  والذي يعطي الوطنية معناها الأنقى  والعروبة مغزاها الأرقى، وهو يسمع العالم كلّه بكلّ ثقة واقتدار أنه لا تنازل عن الحقوق، ولا تفريط بشبر واحد، وأنه لن نكون عبيداً  بل أسياداً مستقلون، أسياداً على بلادنا ومقدراتنا وحقوقنا، لأن الدول المتمسكة بحقوقها  لابدّ أن تنتصر، وسورية التي يقودها القائد بشار الأسد  تسير اليوم  إلى الانتصار المؤزّر القريب، ووجّه التحية لعمال سورية ومنتجيها ولاتحاد العمال متمنياً للمشاركين طيب الإقامة وللملتقى النجاح وللمنظمات العمالية  المزيد من الازدهار على طريق تحقيق تطلعات عمالها وشعوبها والوصول  إلى عالم جديد خال من شرور الإرهاب والهيمنة.