line1محليات

المواطن يعاني ولا عدالة في التقنين وكهرباء طرطوس خارج التغطية

لا يختلف وضع الكهرباء المتردي والمؤرق في محافظة طرطوس “الآمنة” عن مثيلاتها في كافة المحافظات، حيث تشهد المحافظة انقطاعا طويلا للكهرباء، كما وتعاني من عدم الانتظام في ساعات التقنين “إن كان هناك تقنين بالأصل” لأن الكهرباء وفي موعد مجيئها “المنتظر” تنقطع مرات عديدة لدرجة تعطل الأجهزة الكهربائية المنزلية الأمر الذي روج وساهم في حركة تجارية نشطة غير معهودة في الأسواق لجهة صيانتها أو شراء مولدات و”لدّات” وستراسات للإنارة المنزلية، ليبقى المواطن باحثا عن إجابة حول واقع الكهرباء الذي لم تجبنا عليه مديرية كهرباء طرطوس رغم انتظار “مديد وعقيم” ليزداد في قلوبنا وقلوب المواطنين الشك حول الأداء السلبي للمديرية ؟!

“البعث ميديا “استقصى مدى التأثير السلبي للانقطاع المديد للكهرباء على حياة وعمل ومصالح الناس.

وقت خجول

احتار المواطن بالوقت “الخجول” الذي تأتي فيه الكهرباء ماذا يفعل ومن أين يبدأ أعماله، كما أحدث غياب الكهرباء إرباكا شديدا وهما إضافيا يسجل في قائمة وزحمة الهموم المعاشية اليومية، فهل يحضر المواطن موجزا للأخبار أم يذهب إلى الحلاق مصطحبا أطفاله؟ أم يقوم بشحن هاتفه المحمول أم ينهي عمله على الحاسب..؟ كما رافقت الحيرة ربة المنزل ولم تكن بمنأى عنها متسائلة بينها وبين نفسها: هل أشغل الغسالة أم الخلاط؟ أم لا بد من القيام بأعمال الكي..؟ ولا ننسى الصناعيين وأصحاب المشاغل والمصور والحلاق وأصحاب محلات صيانة الموبايلات الذين تضرروا بل وانشلت أعمالهم إثر الواقع المتردي للكهرباء في المحافظة.

تضرر الحرفيين

العديد من الحرفيين في المحافظة تضرروا، ففي منطقة الدريكيش تضرر مئة حرفي بشكل فعلي من وضع الكهرباء، فالحرفي كامل حسن يسرد تفاصيل عمله المؤرق قائلا: لدي معمل بلوك وكل يوم أخسر 2000 ليرة، ترك العمال المعمل بسبب الانقطاع المديد للكهرباء وبالتالي توقف وتأجل العمل حتى إشعار آخر، كما أنني ملزم بتأمين العمال الموجودين بـ 8 آلاف ليرة سنويا، ناهيك عن أنني أدفع 50 ألف ضريبة سنويا.

والمزارعون في دائرة الضرر

لم يكن المزارع خارج دائرة التأثير السلبي للكهرباء على عمله ومصدر عيشه الوحيد، وبلقائنا عدد من المزارعين لمسنا تأثيرا سلبيا كبيرا على المزارع الحيواني أكثر وأبلغ ضررا من المزارع النباتي، فالمزارع الحيواني “مزارع أبقار أو مداجن” ممن يملك مدجنة فهو بحاجة ماسة للكهرباء لأغراض التدفئة والتهوية والإنارة ولضخ المياه إلى الخزانات ضمن المدجنة كما تساعده في طحن الأعلاف، حيث يحتاج المربي إلى الكهرباء وعلى مدار الـ 24 ساعة وفي كل مرحلة من مراحل تربية الفوج الذي يحتاج للتدفئة التي تزداد مع ازدياد عمر الفوج وإضاءة شبه دائمة ليلا ونهارا، كما أنه يحتاج للتهوية التي تتطلب وجود مراوح تعمل على الكهرباء بالإضافة إلى الخدمات الأخرى كطحن الأعلاف التي تحتاج إلى طاقة كهربائية، وهنا كان المربي ذكيا باختيار البدائل بعد أن ذاق الأمرين حيث اعتمد على وسائل بديلة مثل الإنارة الحديثة بواسطة اللدات، مشيرا إلى أنها لا تعطي الضوء مثل الإنارة الأساسية.

كما تضرر المزارع من جراء الانقطاع المديد للكهرباء اتضح جليا من ناحية الري فوجود الكهرباء ضروري للكثير من المزارعين الذين يعتمدون طرقا حديثة في الري كالري بالتنقيط التي تساهم في توفير كمية المياه، فالعديد منهم لديهم آبارا ارتوازية يحتاجون للكهرباء لضخ مياه البئر إلى البساتين الزراعية المروية المرتبطة بشبكة الري بالتنقيط.

أذن من طين وأذن من عجين

المواطن فيصل سامي من قرية الخربة التابعة لمنطقة بانياس وصف أداء شركة الكهرباء في بانياس بـ”أذن من طين وأذن من عجين” ليبقى المواطن باحثا عن إجابة ومضيفا: لا نشعر بوجود موظفين في الشركة تكمن مهمتم بالرد على أسئلة المواطنين واستفساراتهم وتلقي الشكاوى ومتابعة القضايا ليكون حالنا “كمن ينادي في الصحراء”.

تردي الدخل

السيدة عليا تعتمد في توفير دخل أسرتها من ماكينة الخياطة التي تعتبر صديقة العائلة ويزيد عمرها عن 25 سنة، حيث تقول في ظل هذا الواقع المتردي للكهرباء: حولت ماكينتي إلى العمل اليدوي بعد أن كانت تعمل بواسطة الكهرباء وبهذا كان العمل أسرع والجهد أوفر وبالتالي كان الدخل أفضل، في حين يتطلب العمل اليدوي مجهودا أكبر وجهدا مضاعفا وبالتالي مردودا أقل ما أثر سلبا على دخل عائلتي المؤلفة من ستة أطفال، أربعة منهم في المدرسة… وبالمقابل حول السيد عزت مشغل الخياطة الذي يملكه إلى محل لبيع الأدوات المنزلية إثر الخسارات المتتالية التي مني بها جراء ترك العمال الورشة ووضع الكهرباء القائم.

المستفيد الأول

بالتأكيد ومما لا يدع مجالا للشك بأن الرابح الوحيد والمستفيد الأول من الواقع السلبي والانقطاع المديد للكهرباء في المحافظة هم التجار الكبار وباعة المفرق، الذين وجدوا في انقطاع الكهرباء فرصة ذهبية لا تعوض لبيع منتجاتهم المعروضة والموجودة بتخمة في محلاتهم وبأنواعها المختلفة وبجودتها المتفاوتة، مستغلين حاجة الناس ومستنزفين جيوبهم ودخولهم وبالتالي مختلسين قوت أبنائهم بقلوب لا تعرف الرحمة وبضمائر ميتة وبعيون لماحة للمال غير آبهة بقانون ولا دستور ولا تضامن وعيش مشترك.

عالوعد يا كمون

و”بشق الأنفس” وبصعوبة بالغة وبانتظار مديد و”عقيم” دام ثلاثة أسابيع، لم نتلق أي رد من مديرية كهرباء طرطوس عن أسئلتنا الموجهة لها حول واقع الكهرباء المتردي في المحافظة “الآمنة” رغم اتصالات عديدة وبشكل يومي مع المكتب الصحفي الذي كان يجيبنا بأن “الأسئلة عند المدير واليوم ستكون جاهزة ونستلمها” !! وبقينا على هذا المنوال أكثر من أسبوعين..؟؟

وبدورنا نسأل: لماذا هذا التعتيم يا مديرية كهرباء طرطوس..؟؟ ولماذا التهرب من شرح وتبيان واقع الكهرباء الرديء في المحافظة..؟! هل الموضوع يتعلق بصفقات مع التجار لتسويق الأجهزة الكهربائية العديدة والمتنوعة والتي تتصدر واجهات المحال وبشكل غير مسبوق..؟ أم أن الأمر يتعلق بمخصصات النفط …؟

البعث ميديا- طرطوس: دارين محمود حسن