قصة بطولة

الشهيدة وفاء العكش.. الطبيبة الـ«الملاك»

لم ترغب الطبيبة وفاء علي العكش مغادرة مشفى تشرين، مكان عملها باللاذقية كالعادة فقررت ذلك اليوم وبتاريخ 10/11/2015 أن تبقى مع صديقتها لإنهاء العمل وفي وقت خروجها من المشفى نحو الساعة الواحدة والربع ودعت صديقتها وهي تسير مجتازة الشارع نحو موقف اسبيرو، ليسقط صاروخ إرهابي استهدف الطلبة والعاملين في جامعة تشرين وغيرها الذين يتجمعون يوميا بانتظار الحافلات، لتخترق شظية قلب وفاء وتفارق الحياة مع العشرات من الشهداء والجرحى عند ذلك الموقف “موقف اسبيرو”.
في حياتها واستشهادها، جسدت الشهيدة الطبيبة وفاء وقفة بطولة بحبها للعمل وزيارة المرضى باستمرار ومساهماتها الأهلية وتقديم المساعدة للمحتاجين في محيط سكنها، والاطمئنان عليهم ولو على حساب وقتها، كما كانت تساعد الطلبة الذين يلجؤون إليها في شرح بعض التفاصيل التي تتعلق بدراساتهم الأكاديمية.
آخر ما كتبت الشهيدة الطبيبة وفاء على صفحتها الشخصية وبتاريخ 6\11\2015 وبعد عودتها من زيارة قبر أخيها سائر “وأعلم أن كل نفس ذائقة الموت ولكن ليست كل نفس تذوق الحياة ” الشهيدة طبيبة الجلدية وفاء علي العكش من مواليد 6\3\1990. درست الابتدائية في مدرسة عكاظ وحصلت على المركز الأول في جميع المراحل، وتابعت دراستها في ثانوية فيصل فوز لتحقق أيضاً المركز الأول على الثانوية في جميع الصفوف لتدخل بعدها إلى كلية الطب في جامعة تشرين عام 2009، لتتخرج من الكلية عام 2014وبمعدل ممتاز 82.21 درجة في جميع السنوات لتختص بعدها في قسم الجلدية_دراسات عليا.
رحلت وفاء بشظية اخترقت قلبها ليشكل رحليها جرحاً عميقاً في قلب كل فرد من عائلتها جرحاً لن يندمل حتى مع مرور الأيام، فقد عاشت مع عائلة هدفها الوحيد هو التحصيل العلمي رغم الظروف المعيشية المتواضعة، عائلة مكونة من خمس أخوة وأخوات أحدهم مهندس الاتصالات برتبة ملازم في الجيش العربي السوري، وآخر دكتور صيدلاني برتبة ملازم أول في الجيش أيضا.
المعروف عن الشهيدة شخصيتها الهادئة والمحبة للجميع وصاحبة الابتسامة الدائمة عند زيارة المرضى وكانت معروفة بين أصدقائها بـ”وفاء الملاك”، وقد شكل استشهادها استهدافاً للكفاءات الطبية والعلمية والكوادر الفنية وأماكن العلم في سورية ليس جديدا، فسجل الإرهاب منذ ثمانينات القرن الماضي أسود وملفه ملطخ بدماء الأدمغة والعقول التي يخاف نورها في ظلام فكره، فقتل وفجر معاقل البراءة وحواضن الفكر البناء الذين تحدوا الإرهاب، وراحوا يغرفون العلم في مقاومة بالقلم لا تقل أهمية عن معجزات الجيش العربي السوري في الخندق الأول.

وفا2