line1مساحة حرة

هل سيحارب ابن سعود داعش؟!

ستشهد الأيام القليلة القادمة تحولاً كبيراً في مواجهة العدوان على سورية، وقد أشرفت قواتنا المسلحة على تطهير أغلب أراضي الوطن من رجس الإرهاب التكفيري المدعوم وهابياً وعثمانياً.

وسيعقب هذا المتغيّر الميداني – ولا شك – متغير في السياسة الدولية، ومتغيّر اجتماعي يتمثّل في عودة الوعي إلى شرائح واسعة من المجتمع السوري التي تم التغرير بها. وآية ذلك اتساع القاعدة الشعبية للمصالحة الوطنية، وانضمام بعض المسلحين سابقاً إلى الجيش العربي السوري لقتال الإرهابيين.

هذا التحوّل هو ما كنّا نتوقعه، ونتطلع إليه، ونعمل عليه منذ اليوم الأول للحرب على سورية، فقد كنّا واثقين بالنصر، لأنه لم يكن يخالجنا شك بوعي شعبنا، وقوة جيشنا، ورسوخ مؤسساتنا الوطنية كافة.

لكنّ هذا التحوّل من جهة ثانية أصاب آل سعود بالإحباط، وسرعان ماتحوّل الإحباط المقترن بحقد مستبد إلى جنون، فابتدعوا فكرة غير مكتملة وغير متجانسة، فكرة القوة البريّة، الجيش الإسلامي، الجيش العربي، رعد الشمال… وتلفتوا يمنةً ويسرةً باحثين عن نصير تركي، أمريكي، إسرائيلي…إلخ، وانتقلوا من طرح الجبير في ثنائية هزيمة «سورية سياسياً أم عسكرياً» إلى محاربة داعش. وهنا لبّ السؤال.

فابن سعود لن يحارب داعش، ولا يمكن أبداً له ذلك، فهو تاريخياً قرين ابن الشيخ الوهابي، ومنذ بداية «مملكة الرمال» تم الاتفاق – ولا يزال – على تقاسم وتكامل زعامة السلطة والدين بين الطرفين، فابن سعود وهابي، والوهابي سعودي، ولا جدال.

وفي رحاب الوهابي السعودي، أو العكس، تم احتضان المذهب التكفيري المتطرّف الإقصائي الذي لا يزال تتفرّع حتى اليوم عنه كافة حركات التكفير والإرهاب منذ ثلاثة قرون وعلى امتداد الزمان والمكان، حيث منابع الدعم المعنوي والمادي، إضافة إلى الرديف الصهيوأطلسي المعاصر.

إنها بدعة، بل مهزلة أن يظنن أحد في العالم أن ابن سعود سيحارب أي مجموعة أو فكرة أو نسق تكفيري متطرّف، وكيف يكون ذلك ونحن نلحظ حتى اليوم في مملكته الوهابية بعض مايلي:

< التشابه الكبير بين راية المملكة وراية كافة التنظيمات الجهادية، وأوّلها السيف، ومايتصل بذلك من ضرب به واحتكام إليه لكل مخالف في المملكة وعند سائر هذه التنظيمات من داعش ونصرة وقاعدة…إلخ.

< تفشّي سطوة ظاهرة المطوّعة في السعودية وهيئة «الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف» على غرار القاضي أو الأمير أو الشرعي في سائر الجماعات الإرهابية، واستناد الطرفين إلى أحكام ومراجع تكفيرية واحدة أو متشابهة في أغلب الأحيان.

< المناهج الدراسية في المملكة، وطرائق التدريس، ووسائل التعليم والتواصل بين الطلبة أنفسهم، وبين الطلبة والمعلمين، ترسّخ السلفية والجهادية التكفيرية باستمرار، والتي بدورها تُنقل إلى المجتمعات الإسلامية في العالم من خلال الدعم المالي الطائل في الشرق والغرب. وخير دليل الإنفاق السعودي على مدارس الطلبة في باكستان التي نشأت عنها حركة طالبان، وكذلك بوكوحرام في نيجيريا… وصولاً إلى القاعدة وداعش…إلخ.

إذن، لا يمكن أن يحارب ابن سعود داعش ولا غيره من هذا النسق، بل لن يستطيع، لأنهما طرفان متكاملان، فلماذا هذا الجنون، ومن سيحارب إذاً؟، الجواب واضح.

نحن على يقين بأنه كلما تقدّم الجيش العربي السوري في الشمال والجنوب لن تكون هناك مواقف صامتة سعودية، ولا تركية، ولا إسرائيلية أيضاً، ولن يسكت داعمو الإرهاب وهم يشهدون بأم أعينهم انهيار مشروعهم، ولذلك يحاول ابن سعود جرّ العرب والمسلمين بشتى الطرق إلى اقتتال داخلي مستدام ينتقل فيه من المذهبية، إلى التكفيرية، إلى عمومية الإرهاب والدمار، على غرار الخطوات الأولى لتأسيس ملكه الذي سينهار لا شك ما لم يتم تغذيته بالدم والنار على الدوام، إنه الملك الوظيفي، قرين داعش.

وابن سعود اليوم لا يلعب سياسة أبداً، بقدر ماتقوده أحقاد شخصية على كل التيارات الوطنية والقومية منذ عبد الناصر حتى اليوم، أحقاد لا علاج لها إلاّ بالبتر.

إنها نيران الحقد التي يضرمها تطرّف ابن سعود، وأيّة نيران هذه التي تلتهب أمام ناظريه وتلفح وجهه، والجيش اليمني يسيطر أمس على مدينة الربوعة السعودية، ويدك مواقع ابن سعود اليوم وغداً أكثر؟، وهو يسمع أمس أيضاً ستيورات مدير الاستخبارات الأمريكية يعرض كيف أن الرئيس الأسد أصبح لاعباً معتبَراً على المدى الطويل نظراً للتقدم الذي يحرزه الجيش العربي السوري، وذلك بعد أن تأكّد أن طرح «التوابيت الخشبية» بدأ يحقق هدفه.

بالمحصّلة: فلِهزيمة داعش والتطرف والتكفير يجب هزيمة آل سعود أولاً… وسيكون العالم أجمع مرتاحاً، وإنّ غداً لناظره قريب.

د. عبد اللطيف عمران