الشريط الاخباريعربي

ما الذي يحدث في كواليس شبكة “الجزيرة”؟

 

نقلت وكالات الأنباء العالمية عن بيان أصدره مصطفى سواق المدير العام بالنيابة لشبكة قنوات الجزيرة ينص على فصل 500 موظف، حوالي 300 من بينهم من المقيمين في الدوحة، والباقي في مقرات ومكاتب خارجية في مختلف أنحاء العالم، وأن التنفيذ سيتم في غضون أيام.

مصادر داخل الشبكة أكدت ان معظم الذين جرى إنهاء عقودهم من الإداريين، ولكن المصادر نفسها اوحت بأن هناك “وجبة” اخرى ربما تشمل أسماء كبيرة من المذيعين والمحررين الكبار في المحطة سيتم الإعلان عنها قبل نهاية العام، لأن سياسة المحطة هي إجراء التخفيضات على دفعات بحسب هذه المصادر.

المسؤولون في المحطة، أو المقربون منهم، يحرصون في كل اتصال بهم على التأكيد أن سبب “التفنيشات” إداري وليس له أي ابعاد مالية او سياسة، فالدولة القطرية “ثرية” وتعتبر شبكة “الجزيرة” أحد أبرز أصولها وأدواتها السياسية والإعلامية، ولكن المصادر نفسها وتؤكد أن السبب مالي وسياسي، ويعكس الأزمة المالية التي تعصف بدول الخليج جميعا بسبب تراجع أسعار النفط، إلى أقل من الثلث تقريبا، وارتفاع العجوزات في الميزانيات، ولجوء الحكومات إلى التقشف، وإلغاء مشاريع، وتخفيض الإنفاق العام، واحتياطاتها النقدية انخفضت من 250 مليار دولار إلى حوالي 200 مليار، ومرشحة للانخفاض أكثر، إذا وضعنا في اعتبارنا أن تكاليف البنى التحتية لكأس العالم تتراوح بين 150 إلى 200 مليار دولار، وتشمل إقامة فنادق ومترو أنفاق وملاعب وغيرها، وإذا استمرت أسعار النفط في معدلاتها الحالية، أي حوالي 40 دولارا للبرميل، فإن دولة قطر قد تواجه صعوبات مالية ضخمة في السنوات الست المقبلة.

وكشفت المصادر نفسها عن أحاديث متداولة إلى أن حدوث تغيير شبه جذري في دور قطر وسياستها الاقليمية، وميلها اكثر للهدوء، والبعد عن “المناكفة”، على حد وصف مصدر خليجي كبير، بات يحتم عليها إحداث تغييرات في الخط التحريري لقناة “الجزيرة”، يتناسب مع هذه التغييرات، فحدة خلافها مع السلطات المصرية تراجعت، وتحالفها مع تركيا بدأ يدخل مرحلة من الفتور بسبب الأزمات التي تواجهها أنقرة مع الحليف الامريكي، وأزماتها الداخلية المتفاقمة، اقتصاديا وسياسيا، وتصاعد حدة عدائها مع الجار الروسي، وتغير موازين القوى في سورية منذ التدخل العسكري الروسي.

اللافت أن دور قطر وتأثيرها في صفوف المعارضة السورية تراجع إلى مستويات متدنية، وباتت قيادتها الجديدة تميل اكثر إلى “المصالحة” مع جيرانها الخليجيين، وهذا ما يفسر الزيارتين اللتين قام بهما تميم أمير قطر إلى أبو ظبي حيث التقى “خصمه” اللدود محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي، ثم طار في زيارة منفصلة إلى دبي حيث التقى محمد بن راشد حاكم دبي.

وفي سياق متصل أشارت بعض التسريبات الأخبارية، ومن الدوحة خصوصا، حول نية إدارتها تقليص جرعة الوجود الإسلامي بين كوادرها وضيوفها، وأنصار حركة “الإخوان المسلمين” على وجه الخصوص التي ازدحمت بهم منذ انطلاق الثورة المصرية، وزادت حدتها بعد إطاحة حكم محمد مرسي.

حالة الاستقطاب السياسي والطائفي التي تسود المنطقة حاليا، وكانت المهنية والموضوعية الإعلامية أبرز ضحاياها، باتت تنعكس بظلالها على الامبراطوريات الإعلامية الخليجية حيث تتردد تقارير مؤكدة أن قناة “العربية” التي كانت مملوكة لشركة MBC، ورئيس مجلس إدارتها وليد الابراهيم أصبحت مملوكة حاليا لشركة السعودية للأبحاث والتسويق التي يملك محمد بن سلمان معظم اسهمها بعد أن اشترى حصص الوليد بن طلال وورثة الحريري، لأن العهد السعودي الجديد بقيادة سلمان يريد أن يحكم قبضته على الإعلام السعودي داخل المملكة وخارجها، في ظل التحديات التي تواجهها وتتمثل في حروبها “الوجودية” في اليمن وسورية والعراق.

ووردت معلومات من أحد العاملين في قناة “الجزيرة” أن هناك حالة من القلق الشديد تسود أوساط العاملين في شبكة “الجزيرة” بعد أنباء إلغاء العقود هذه، وبات الجميع دون استثناء يتحسس رأسه، ويتوقع أن يصله اتصال هاتفي من إدارة شؤون الموظفين يبلغه “فجرا” بعدم التوجه إلى المحطة والقدوم إلى مبنى الإدارة المنفصل لإنهاء خدماته والحصول على مستحقاته، حيث الجميع ينتظرون خطاب “التفنيش” الذي ربما يصل أو لا يصل، وعلبة الكبريت لم تعد علبة كبريت بل امبراطورية ضخمة، وجيوش جرارة من الموظفين ونخبة من النجوم التي خبا بعضها مع خبو نجم المحطة، بعدد اقل بكثير من المتابعين.