مساحة حرة

“جاستا” زلزال أمريكي يهز عرش آل سعود

هل بقي وقت لعادل الجبير وزير خارجية آل سعود لتنفيذ تهديداته بسحب أموال صناديقه السيادية من البنوك الأمريكية، بعدما أسقط مجلسي الشّيوخ الأميركي والنواب الفيتو الذي استخدمه الرئيس باراك أوباما ضدّ تشريعٍ يتيح لأقارب ضحايا هجمات الحادي عشر من أيلول 2001 رفع دعاوى قضائية ضد الحكومة السعودية
فمع أول دعوة سيتم رفعها وهي -محضرة ومعدة- من أحد أقارب الضحايا سيتم الحجز التلقائي على مليارات السعودية وفق القانون الذي أقر، طبعاً هذه الأموال المودعة في البنوك الأمريكية دون تقاضي فوائد لأن ذلك مخالف وفق الشريعة الإسلامية التي يطبقها آل سعود.
خلال مسيرته في التي شارفت على الانتهاء استخدم بارك أوباما الفيتو أحد عشر مرة ولكن لم يستطع الكونغرس نقض الفيتو كما حصل مع قانون “جاستا”، البعض عزا ذلك إلى أن القانون كانون موجود في الأدراج منذ 2009 ولكن لم يتم طرحه إلا في السنة الانتخابية الحالية لوضع أعضاء المجلسين المرشحين للانتخابات على المحك، فرفض هذا القانون والذي يدعم العائلات الأمريكية التي تعرضت للإرهاب سيفقده الدعم الجماهيري في الانتخابات والتي ستجرى بعد ست أسابيع وبالتالي الخسارة.
طبعاً، هذا الكلام غير مقنع والحقيقة أن الولايات المتحدة تريد التخلص من هذا العبء الثقيل الذي يسمى السعودية، وهي مهدت لمثل هذه اللحظة منذ فترة طويلة وما تصريحات الرئيس أوباما لمجلة ذي اتلانتيك حول دور مملكة آل السعود في الفوضى الحاصلة في المنطقة إلا دليل قاطع على ذلك، كما أن هناك العديد من العوامل التي تجعل من أمريكا تتخذ هذا القرار أبرزها: أن الرأي العام العالمي والأمريكي بالتحديد بات مقتنعاً بأن السعودية هي المصدر الأول للإرهاب والإرهابيين في العالم وساهم في ذلك الحملة الضخمة في كبرى المحطات والتلفزيونات الأمريكية تركز على دور آل سعود في ذلك، ثانياً: تراجع القدرة المالية السعودية في السنوات القليلة الماضية نتيجة انخفاض أسعار النفط، ولكن والأهم برأي المحللين هو التغيير في إستراتيجية الإدارات الأمريكية وخصوصاً بعد غزو العراق وما تلاه من اعتماد تقرير”بيكر هاملتون” الشهير كأساس في العمل السياسي، فالمفهوم الجديد يعتمد على قوة التأثير والحصول على أي شيء دون التدخل العسكري.
هذا كله يضع السعوديين في ورطة كبيرة إن لم تكن كارثة كبرى تحل بهم، فقرابة ثمانين عاماً من الصداقة مع الأمريكيين عقب الاتفاق التاريخ ما بين الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، والرئيس الأمريكي روزفلت، باتت اليوم في مهب الريح الأمريكية الهوجاء، وما يجري اليوم من أحداث تورطت بها الرياض وسط تغاضي أمريكي عنها “اليمن- سورية- العراق-لبنان- الصومال”، كلها أوراق بيد الحكام الأمريكيين لممارسة أكبر عملية ابتزاز في التاريخ .
إن إقرار الكونغرس الأمريكي لقانون “جاستا” بالرغم من الفيتو الرئاسي بلا شك لعبة قذرة سهلتها الإدارة الأمريكية للجر العربية السعودية إلى مزيد من الهرولة وراء واشنطن وبالشروط التي تريديها، وما تروج له بعض الأقلام المحسوبة على الرياض عن إمكانية إعادة تعديل المشروع بعد الانتخابات الرئاسية في ٨ تشرين الثاني وإعادة التصويت على نص أخف ضرراً على العلاقة السعودية – الأميركية وتمريره قبل خروج أوباما من البيت الأبيض ما هو إلا محاولة لذر الرماد في العيون والتخفيف من وطأة الزلازل الذي ضرب عرش آل سعود، وربما يكون محاولة ابتزاز جديدة لا يعلم بها إلا الله وحده وحاكم البيت الأبيض.

سنان حسن