لمــــــــاذا؟!
لأسباب عديدة أو ربما دون سبب محدد؛ يتعذر أن تعلن حبك وتخبر العالم أن للمحبوب جمالاً خارجاً عن كل القوانين والوصف, آسراً حد الخوف منه.. وعليه.
هي الشام، هي سورية تأتي عطراً منثوراً ورسائل حب في وجه بشاعات هذا الزمان، وفي رفة من عين؛ ينقلب المارد الواقف سدّاً أمام القادمين إليها بالخراب والحراب.
ربما أسباب تسكن في وجدان لم يتلمسها البعض ممن لم يلمحها يوماً فينشغل بالسؤال شاعر من العراق هام بها وهو بعد فتىً في المدرسة ترى: ما الذي كانت تعنيه لي “دمشق” أنا القروي الذي لم أعرفها في غير كتاب التاريخ والجغرافيا المدرسيين؛ في قرية نائية معزولة، وكيف استنبط خيالي حضور سيدة دمشقية كي أنقش عنها قصيدة، وأنا فتى غض لم أتعدَّ حدود قريتي؟! ليقف هادي ياسين الشاعر العراقي بعد أربعين عاماً على قصيدته التي أهداها لدمشق دون أن يراها، يتساءل: “هل كانت دمشق كامنة في لا وعيي منذ أربعين عاماً؛ فكنت أعشقها وأنا لا ادري، دمشق التي دخلتها لأول مرة صباح يوم في 2011 فتعلقت بها”. ما السر يا ترى؟
لا أجوبة تفسر هذا العشق سوى بعض رسائل حب دونها ابنها نزار قباني:
ماذا تفعل بي دمشق
فينسيني رنين طاسات عرق السوس
كونشرتو البيانو لرحمانوف
فأصبح أول عازف في الدنيا
يقود اوركسترا من شجر الصفصاف
أو لأنها هي سور الله التي يصفها هاني نديم بلسماً للمحتاجين:
والشام توصف للفقير والحزين
والشام تقول نساؤها
أن ثلثي قمامة الدار فيها.. ياسمين تبارك ربها باسمها
لم تستوِ يوماً لطاغيةٍ
وسلِ الطغاة..
لا يموت بها قهراً
إلا المَوات
فللعابثين الذين يسكن قلوبهم عماءً أسود، تساؤل: أما شربتم يوماً من مائها، أما طفتم ليلاً في حواريها، حيث يسكن ويلوذ بجدرانها التاريخ، بلد الحضارات الممتدة لآلاف السنين، موطن الإنسان الأول واهبة البشرية حرفها الأول وموسيقاها الأولى “هل دللّت سمعك يوماً بموسيقا نينوى”. صاحبة الملاحم الأولى؛ فهل عرفت يوماً عن عشتار أو جلجامش أو انكيدو؟.
هل عرفت متى وأين كانت القمحة الأولى، المحراث الأول، الفخارة الأولى، بلد زينون الرواقي، هل قرأت عن أخلاقه ومناقبه؟
جوليا دومنا وزنوبيا ملكات للفخار على مر الزمان.
هل نعدد أكثر أم.. لعلها الأجوبة أو بعضاً من الأجوبة على سؤال كبير هو لماذا؟
بشرى الحكيم