محليات

“بقين” قطرة ماء تحيي الوطن

خاص – البعث ميديا || بلال ديب:

في وسط كل المعارك التي دور في الزبداني تقف البلدة الصغيرة المعروفة بمياهها العذبة وطيبة أهلها ونقاء جوها وجمال سهلها، والتي ترتدي البيوت فيها القبعات القرميدية الحمراء المتناثرة في السفح الغربي الذي يحتضن بيوتها التي تشبه بيوت الأحلام، من الفلل والقصور والتراسات والمنازل القديمة التي لا تزال تتعانق كما يتعانق أهل البلدة، التي اختارت منذ أن بدأت الحياة فيها أن تكون مسالمة وهذا حالها في الحرب التي تدور.

ورغم أن رحى الحرب لا تبقي أحداً دون أن يذوق ما تطحن، فقد ذاقت البلدة الآمنة كما يصرُّ أهلها على تسميتها كل تداعيات الأعمال الإرهابية، وليس آخرها محاولات تجويع أهلها وسكانها الأصليين وجعلها ساحة قتال من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة التي اتخذهم دروعاً بشرية لممارسة إرهابها، والتي قاومها السكان بكل ما أوتوا

من قوة وحتى بصدورهم العارية وأجسادهم التي أتعبها الحصار ونقص المواد الغذائية، التي تسبب به إرهاب من يدعون الدين والدين منهم براء.

وتقول إحدى نساء القرية لن نترك هذه القرية ولو متنا فيها وعندي شابين أقدمهما إن لزم الأمر وأقدم نفسي قبلهما، ويؤكد أبو محمود أحد شباب البلدة أننا نقدم منازلنا للوافدين وننتظر أن تنفرج هذه الأزمة ويعود الجميع إلى منازلهم، ولن نترك بيوتنا للإرهابيين ولا قريتنا لتكون ساحة معركة بل لتكون منصة عز وانتصارات الجيش العربي السوري، وفي جولة ضمن القرية لا تستطيع أن تتخلص من صوت خرير المياه الذي لا يتوقف ففي كل زاوية من زوايا الساحات الخمس في القرية ستجد ينبوعاً دائم الجريان، لتشرب أينما حللت من مائها العذب البارد صيفاً شتاءً.

وحين تصل إلى “الدلبة” وهي أحد المعالم في القرية والتي يصل طولها إلى أكثر من 75 متراً وقطرها إلى حوالي المترين ويقدر عمرها ب1500سنة كما تروي إحدى السيدات التي تجلس في الشرفة المطلة على ساحة “الدلبة” وبجوارها مسجد القرية الصغير القديم.

وعلى الطريق الرئيسي في البلدة والذي يسميه أهلها طريق “راس العين”الذي ينتهي بأكبر تجمع لعيون الماء التي تتدفق ليلاً نهاراً غير آبهة بأصوات الانفجارات ولا ضجيج الرصاص الذي لم يتوقف، تجد المحلات والمطاعم التي كانت تستقطب السياح من كل أنحاء سورية بل والعالم.

ويروي الأهالي أن هذه الطريق كانت تتوقف حركة المرور فيها بشكل نهائي من مساء يوم الخميس حتى صباح يوم السبت من كل أسبوع لكثرة السواح في “راس العين” كما يسمونها السياح الذين كانوا يقصدون السوق التجارية التي تحتوي المنتجات التي لا تجدها إلا في هذا السوق من ألبسة وأدوات منزلية وفاكهة من كل الأنواع التي تشتهر بها المنطقة والأهم المياه مياه “بقين” التي شرب السوريين منها والتي تشتاق لروادها، وفي رحلتك هذه لا بد وأن تزور فلافل أبو غالب الشهيرة بقرب القهوة الأثرية والتي يقول أحد المارة إننا نتطلع لعودة الأمان إلى القرية لتعود كل المحلات التجارية والمطاعم و وتعود بقين لتستقبل الزوار.

إرادة حياة تتحدى الإرهاب ومحاولات طمس المعالم الحقيقية لشعب ما عرف الحقد يوماً نعم هو حال كل منطقة الزبداني التي تنتظر الانتصار الذي يكتبه رجال الله المقاومون ورجال الجيش العربي السوري.