ثقافة وفن

“رحلة عبر تراث سورية الجيولوجي” محاضرة في مجمع اللغة العربية بدمشق

تضمنت محاضرة “رحلة عبر تراث سورية الجيولوجي” التي أقامها مجمع اللغة العربية بدمشق للدكتور ميخائيل معطي اليوم عرضا تاريخيا شاملا للبنية السورية الجيولوجية عبر مئات الملايين من السنين.

واشار معطي في محاضرته الى ان قوى جبارة داخل باطن الأرض وعلى مدى مئات الملايين من السنين شكلت معالم الطبيعة المتنوعة في سورية عبر جبالها وسهولها ووديانها كجبل قاسيون الذي يشمخ بارتفاعه إلى 1152م عن سطح البحر إلى سلسلة الجبال التدمرية التي تزينها مدينة زنوبيا العظيمة وسلاسل الجبال التي تزين الساحل السوري.

وعن تفسير تاريخ سورية الجيولوجي لفت المحاضر إلى أنه منذ نحو “600 مليون سنة” وفي فترة يسميها الجيولوجيون البريكمبري كانت سورية جزءا من قارة عملاقة تسمى قارة غوندوانا وكانت وقتها تقع في المنطقة الاستوائية بنصف الكرة الجنوبي ثم تغير موقعها صعودا من 40 درجة جنوب خط الاستواء إلى 15 درجة وتتالت على أرضها أحداث كثيرة ولكن أعظمها حدث في الحقبة المتأخرة من الدور الكريتاسي أي منذ “100 مليون سنة”.

أما المرحلة الأخيرة من تطور أرض سورية كما نراها اليوم بحسب معطي نتجت عن انفتاح البحر الأحمر قبل نحو “30 مليون سنة” وأدى هذا إلى انفصال الصفيحة العربية عن مثيلتها الأفريقية مسببة حدوث أحد أكثر الفوالق شهرة في العالم والذي يمتد من خليج العقبة جنوبا حتى تخوم جبال طوروس شمالا مخلفا أحواضا عميقة من البحر الميت لحوض طبريا وسهول البقاع والبقيعة والغاب والعمق.

وبين أن أرض سورية الحديثة هي نتيجة سلسلة عريضة من العمليات الجيولوجية منها تشكل القارات وتجزؤها ونشوء الجبال والمرتفعات والمنخفضات والفوالق الضخمة وغزو البحر لليابسة وانحساره عنها والتغيرات المناخية في العصور الحديثة ومرحلة مكثفة من النشاط البركاني لافتا الى ان معظم هذه التغيرات حدثت ببطء وعلى امتداد ملايين السنين.

وعن موارد سورية الباطنية بين معطي أنه رغم توافر النفط في الأرض السورية لكنها غنية بعدد كبير من الموارد الأخرى من الصخور الكلسية التي تستخدم في مواد البناء إلى التربة الخصبة التي دعمت الزراعة فضلا عن الفوسفات والصلصال الذي يستخدم في صناعة الخزفيات ومواد التجميل.

أما السكوريا أو الخبث البركاني فهو كما يوضحه المحاضر حبيبات زجاجية خفيفة تشكلت من قطرات الحمم البركانية المتطايرة والتي بردت بسرعة في الهواء قبل أن تلامس الأرض وتستخدم حاليا بصناعة الإسمنت كما استخدم الانسان في سورية الصوان وصنع منه عددا كبيرا من الأدوات “منذ أكثر من مليون سنة” كأدوات القطع الحادة حيث تساعد نقاء مادته على صنع أدوات مختلفة الحجم والأشكال.

وأشار المحاضر إلى أن الإنسان السوري استخدم التضاريس في شتى مجالات الحياة مبينا أن السوريين القدامى طوروا طرق النقل وأنشؤوا الطرق المعبدة بأحجار البازلت والأحجار الكلسية وتغلبوا في هذا المجال على التضاريس الطبيعية إضافة لتشييد البنى على قمم الجبال والسيطرة على مصادر المياه عبر حفر الآبار وبناء السدود وتشييد قنوات الري وقنوات سحب المياه والأحواض المائية.

يذكر أن الدكتور ميخائيل معطي من مواليد بلدة مرمريتا في ريف حمص عام 1932 حاصل على إجازة في العلوم الطبيعية من جامعة دمشق عام 1956 وعلى شهادة الدكتوراه في العلوم الجيولوجية والمنرالوجية “التنقيب عن المعادن” من جامعة جنيف في سويسرا عمل رئيسا لقسم الجيولوجيا في جامعة دمشق وألف وترجم عشرة كتب في مجال اختصاصه وحاز جائزة المجلس الأعلى للعلوم وجائزة الباسل العلمية مرتين لديه العديد من الأبحاث العلمية المنشورة دوليا وشارك في العديد من المؤءتمرات العلمية والعالمية وهو عضو في عدد من الجمعيات الجيولوجية العالمية الفرنسية والسويسرية والأمريكية وشارك في تأسيس الجمعية الجيولوجية السورية.