مساحة حرة

“إسرائيل” تعتدي وتُهزم

هزمتهم أوهامهم وأحلامهم، وسقطت طائراتهم حيث فشلت أذرعهم، وحيث سُحقت مؤامراتهم فسوريا وطنٌ لا يُكسر ولا يُهزم.. فقائده أسدٌ، ورجاله بواسل، وأرضه قلاعٌ وجباله قممٌ شاهقات، وأسراره إيمان وحممٌ وصواريخ.. وكيف لعدوه ألّا يترنّح، فهزائمه في سوريا والعراق واليمن ولبنان لا تُعدّ.. وقواعد الاشتباك جديدة، لنا فيها القول والفعل والوعد، وسيبقى “لبيكِ فلسطين” قرار المقاومة، وليس نفاق الأعراب، ومن تخاذلوا وباعوا شرفًا ومجدًا لا يستحقونه. فنصرُ سوريا أوقف العبث والتنازلات، وأوقف جريمة نحر فلسطين من جديد، وأعاد الأمل لكافة الشرفاء، فهيا قفوا واهتفوا والتفوا حول القائد البشار، رمزًا وزعيمًا وقائدًا للعصر العربي المقاوم الجديد.
مع انهيار حروب الوكيل الكاذبة، وعودة المشهد إلى مربعه الأول، في حروب الأصيل الأساسية المباشرة، في مشهدٍ لم يعد يحتمل وجود الكومبارس على المسرح، فالأقنعة سقطت وظهر أصحاب المشروع الصهيو – أمريكي الحقيقيون صراحةً ووقاحة.. فأمريكا تدعم وتُهادن و”إسرائيل” تدعم وتُهاجم..
هي ذاتها السبعون عامًا للتآمر على فلسطين، والتي توّجها خونة العرب ومشغلوهم في حروب الأصيل والوكيل، عبر نسخها الثلاث، والتي حاولت في النسختين الأولى والثانية كسر المقاومة الفلسطينية واللبنانية، فيما خُصصت النسخة الثالثة لضرب رأس حربة المشروع المقاوم في سوريا.. وسط تآمرٍ عربي وخليجي غابت فيه القدس والمقدسات وحائط البراق وانصرف “العرب” نحو الخندق الإسرائيلي لإسقاط سوريا.
لم يعد خافيًا على أحد تكرار العدو الإسرائيلي اعتداءاته وعدوانه المباشر، واستهدافه مواقع هامة للجيش العربي السوري تحت عنوان – كلما دعت الحاجة -، فالدولة السورية تستعيد توازنها وقوتها، وجيشها الباسل يتقدم من نصرٍ إلى نصر، والإرهاب والإرهابيون ينهارون ويُهزمون في كل المعارك. فقد استطاعت سورية بحسمها العسكري والميداني والسياسي محاصرة كافة أعدائها، وإجبارهم على الانكفاء نحو الحل السياسي، الذي سينهي الحرب العسكرية تمامًا، والذي لا يملكون عبره أية فرصة لتحقيق ما عجزوا عنه في الميدان، بعدما تحولت وفودهم ومنصات معارضاتهم إلى أشباح وفود، ووجدوا في الهروب ومقاطعة الأستانة، والسلام ملاذًا وحيدًا قبيل الانهيار الكبير، واليأس الكبير.
إنّ العدوان الإسرائيلي الجديد على سوريا، ليس الاعتداء الأول من نوعه، ويأتي في سلسلة اعتداءات متكررة في سياق الحرب المفتوحة، التي تتماشى مع طبيعة “إسرائيل” العدوانية، ودورها الأساسي في الحرب الدولية على سوريا، وأنها صاحبة المصلحة الأولى واليد الطولى فيها.
ويأتي هذا العدوان بعد الانهيار الكبير للمجموعات الإرهابية في الجنوب السوري، وفشلها في كافة المعارك والهجمات الإرهابية التي خاضتها هناك منذ اليوم الأول للحرب على سوريا،خاصة بعد فشل معارك “عاصفة الجنوب” و”قادسية الجنوب” و”الموت ولا المذلة”، بالإضافة إلى تعزيز الجيش السوري وحلفائه مواقعهم في الجولان المحرر وكافة المواقع العسكرية في ريف القنيطرة.. بالإضافة لهزائمها في معارك حلب وأريافها، وتقدمه في الشمال نحو محاصرة مدينة “الباب”، ودخوله مدينة “منبج”، والأهم تلك الهزائم التي منيت بها في مدينة تدمر ومحيطها، بما يشكل لها خسارة إستراتيجية على أطراف البادية السورية، وسقوط مخطط تحويلها إلى بؤرة إرهابية ومستقر لتنظيم “داعش” الإرهابي بما يخدم استدامة الحرب على سورية والسيطرة على طرق تحرك الإرهابيين بين العراق والأردن، وكسر التواصل الجغرافي لمحور المقاومة من إيران حتى فلسطين مرورًا بالعراق وسورية ولبنان، وما يتعلق بخطوط أنابيب النفط – كموضوعٍ رئيسي في الحرب على سوريا.
لقد سبق للعدو الإسرائيلي أن نفذ مؤخرًا عدوانًا على الأراضي السورية عشية بدء تطبيق وقف إطلاق النار من خلال الاتفاق الروسي– الأمريكي، على أحد المواقع العسكرية في ريف القنيطرة، وقامت يومها الدفاعات الجوية السورية بإسقاط طائرتين حربيتين إسرائيليتين من طراز F16، وطائرة استطلاع، قامتا باختراق الأجواء السورية، أكدها بيان القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة، وتصدي وسائط وإسقاط دفاعاته الجوية الطائرة الحربية في جنوب غرب القنيطرة والأخرى غرب سعسع.. على الرغم من نفي مصادر العدو إسقاط الطائرات واكتفائه بالصمت حول تأكيد العدوان!.
كذلك يأتي العدوان الجديد فجر هذا اليوم، والذي نفذته أربع طائرات حربية إسرائيلية عملت على إختراق المجال الجوي السوري في منطقة البريج وعبر الأراضي اللبنانية واستهدفت أحد المواقع العسكرية على اتجاه تدمر في ريف حمص الشرقي، فتصدت لها وسائط الدفاع الجوية السورية، وأسقطت إحداها داخل الأراضي المحتلة وأصابت أخرى وأجبرت الباقي على الفرار، بتأكيدٍ وبيانٍ من القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة، وسط نفي مصادر العدو إسقاط الطائرة كما في السابق.
بات من الأكيد والمعروف أنّ اعتداءات العدو الصهيوني تأتي في سياق دعم عصابات داعش الإرهابية، والتي يدعي التحالف الدولي محاربتها زورًا، في إطار محاولةٍ يائسة لرفع معنوياتها المنهارة، وللتشويش على انتصارات الجيش العربي السوري في مواجهة التنظيمات الإرهابية كافة، على الرغم من تلقيها كافة أشكال المساعدات المعنوية واللوجستية، والدعم الناري والمدفعي والجوي المباشر، من قبل سلطات الكيان الغاصب، وإقدامه على فتح مشافيه ومراكز علاجه الطبية للإرهابيين الجرحى، لمنع الجيش السوري من ملاحقتهم في ريف القنيطرة.
بات على العدو الصهيوني إدراك الإنهيار الكامل لنظرية الردع الإسرائيلي، وحديثها عن ما دعته “الجدار الطيب” أو “المنطقة العازلة”، وبات عليه إعادة قراءة المشهد، والتدقيق في كلام الرئيس بشار الأسد ووعده بتحرير “كل شبر”، وبكلام سماحة السيد حسن نصر الله ووعده بدخول الجليل المحتلة، وما يستجد من تصاعد قدرات المقاومة السورية في الجنوب، والوعود المعلنة لفصائل المقاومة العراقية بتحرير الجولان.
وعليه إدراك أن سوريا، مع دخولها السنة السابعة للحرب الكونية عليها، متمسّكة بأسدها، وأنّ جيشها لا زال قوي وقادر، وقدراتها ومنظومات دفاعاتها الجوية لا زالت من أقوى منظومات الدفاع الجوي الفعّالة في المنطقة، والتي لطالما كانت وراء رفض الولايات المتحدة الأمريكية إقامة منطقة حظر جوي بطلب من تركيا ونظام الكيان الوهابي والدول الداعمة للإرهاب.
ولن يكون بمقدور قادة الكيان الغاصب تجاهل تضارب المصلحة الإسرائيلية ومصلحة الإدارة الأمريكية الباحثة عن الهدن واستمرار استنزاف الدولتين السورية والروسية، عبر التحول إلى ساحات الاشتباك السياسي، والمقايضات والصفقات من خلال استقدام الولايات المتحدة تاجرًا محنكًا في عقد الصفقات ليكون على سدة حكمها.
لقد أعطى العدوان الغادر الغبي الجبان، الدولة السورية فرصة جديدة لإرسال رسائلها الجديدة لكل الغزاة والمتآمرين والمغامرين، ولكل من يعتدي على السيادة السورية ويستهدف جيشها وشعبها وبناها التحتية وأمنها، ورسالةً لمن يرفض التعاون الثنائي معها، ويتذرع بمحاربة الإرهاب، ورسالة ردع لأي جنونٍ أوروبي أو تركي خاصة بعد تذوقه مرارة إسقاط طائراته، رسائل سياسية إلى مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة لاتخاذ كل ما يلزم لمعاقبة “إسرائيل” وإجبارها على وقف عدوانها ودعمها وحمايتها للإرهابيين، ورسائل تحذير استباقية لعملاء الخليج لمجرد التفكير بتحليق طائرات قطر والسعودية بحجة تحرير الرقة.
ويعتبر إسقاط الدفاعات السورية اليوم للطائرة الإسرائيلية، وصدها لهجوم السرب المهاجم وإجباره على الفرار، هو بمثابة إسقاط مئات الطائرات المعادية، ورسالة ردع لكل غازٍ ومعتدٍ.

ميشيل كلاغاصي