مساحة حرة

الجلاء.. راية الشهيد عبدالله باش ورفاقه في أيادٍ من نور ونار

“الجلاء” ليس حدثا سياسيا أو اجتماعيا يمر في العام مرور الكرام، تتلى فيه الخطب وترفع فيه الشعارات وينتهي الموضوع، الجلاء حدثا سوريا يوميا، حدث اجتماعي وسياسي وإنساني، مستمر كحلقة في هذه السلسلة الطويلة من الويلات التي مرت فيها سورية، حلقة فيها ما فيها من حزن عميق وغصة في القلب، لكنها أيضا تلمع بالانتصارات والمجد والكرامة، تلمع كنيزك بالبطولة والوطنية والبذل في سبيل الوطن وفي سبيله ولأجله فقط.
يوم الجلاء، حكاية سورية مستمرة لم تبدأ منذ أيام الكنعانيين والأوغاريتين وماري، ولم ولن تنتهي مع سورية حلب، سورية مشفى الكندي أو سجن حلب المركزي، سورية القصير، سورية تدمر، ولأن اختلفت الاشكال بين فارس سوري يركب البحار على سفينة حربية فينيقية يصد الغزو الروماني، وجندي سوري مقدام كجبل نبيل كنبع، تتكئ بندقيته على كتفه باطمئنان البنت لأبيها، على واحدة من الجبهات الحربية المشتعلة الآن يصد مغول هذا العصر بجحافل حقده، وفي عيونه ينام الوطن أمنا مطمئنا.
جلاء السوريين، قصيدتهم الطويلة، وكرومهم التي لو تخلف موعد الربيع يوما، موعدهم كلما غنت فيروز شام يا ذا السيف لم يغب، مع قيامة جديدة، ففي الحرب، البارحة يذهب مع البارحة، ما من وقت في اليوم للحاضر والبارحة معا، هذا ترف لا تعطيه الحرب، البارحة بآلامه وآماله، بأحزانه وبكل ما فيه، يذهب، يصبح ماضيا، لأننا نجعله قيامة اليوم، وهذا قدرنا كسوريين، لا مهرب من هذا، وانظروا التاريخ يخبركم عن كم من حروب ومعارك حامية الوطيس لم تزل رحاها تدور منذ غابر الأزمنة، أنه القدر الجغرافي والإنساني، فالسوري كبلاده عصي على الموت، إنما هو القيامة، وفي كل قيامة جلاء، وفي كل جلاء وعد بنصر قادم، وحروب في الأفق.
هكذا تجبرنا الحرب أن نتعامل مع الزمن، فكل يوم هو حدث نفسه، والقادم هكذا.
في الحرب، يذهب البارحة مع البارحة، لكن صور أساه وقهره تبقى رائحتها محمولة في الهواء، صور للوجع معروضة في معرض الهواء الطلق وفي كل وقت، حتى بات المرور بينها وكأنه عادة يومية مألوفة، وهكذا يصبح البارحة ماضيا مع البارحة، أما غدا فبارحة قادم غدا، وفي البارحة أيضا تقف صورا شامخة من تاريخ هذا الشعب الصامد، الشعب العظيم، الذي وقف العالم مذهولا عند عظيم صنيعه، وقدرته على تجاوز المحن والآلام والنهوض إلى المجد فهذا قدره، ومن هذه الحكايات، تلمع بذكرى الجلاء، جلاء المستعمر الفرنسي عن هذه الأرض الحبيبة، حكاية يجب أت تروى وأن تحفظها الأجيال القادمة، لتحمل لؤاء مجدها وكرامتها/ كما يفعل اليوم رجال الجيش السوري، حكاية الشهيد البطل “عبدالله باش”، هي راية تتناقلها أكف الرجال، حتى تصبح البطولة والنبالة والإباء، صفات أخلاقية يحملها حماة الديار بين أيديهم وفي قلوبهم، كما يحمل واحدهم طفله الغالي، إليكم حكاية الجندي الشهيد “عبدالله باش”.
قلّة من السوريين اليوم يعرفون من هو “عبدالله باش” وربما هناك من لم يسمع به، وفي الحقيقة سواء علم السوريون من هو “عبدالله برهان ابن حسين باش” أم لم يعلموا، ما كان هذا سيثنيه عما فعله إذا عاد الزمن إلى الوراء أو تقدّم وحدث ما حدث مع هذا السيد الفاضل، بل لو عاد لفعله كما فعله في المرة الأولى، بالكرامة نفسها والإباء ذاته.
أما من هو السيد “عبدالله باش” فهو الرجل الذي رفض أن يؤدّي التحية للعلم الفرنسي، بعد أن هاجمت القوات الفرنسية “الكتيبة السنغالية” مقر البرلمان السوري وتصدّى لها حامية البرلمان، وكان منهم الشهيد النبيل “عبدالله باش”، فما كان من أحد جنود الاحتلال إلا أن قطع رأسه بضربة ساطور فتدحرج رأسه على الأرض ونفر الدم على باب المجلس ولا يزال أثره موجوداً، ثم خطا بضع خطوات واستشهد.
أيضا لا بد من ذكر شهداء الاستقلال العظيم أبطال البارحة واليوم وغدا، وهم من كافة أنحاء سورية، هم الطريق الذي عليه نسير ونهتدي بأنواره الشعشعانية.
شهداء الدفاع عن المجلس النيابي من رجال الدرك والشرطة السورية:
1- وكيل الضابط محمد طيب شربك.
2- العريف برهان باش إمام.
3- العريف طارق أحمد مدحت.
4- الدركي شحادة إلياس الأمير.
5- الدركي خليل جاد الله.
6- الدركي إبراهيم فضة.
7- الدركي محمد حسن هيكل.
8- الدركي يحيى محمد اليافي.
9- الدركي زهير منير خزنة كاتبي.
10- الدركي ممدوح تيسير الطرابيشي.
11- الدركي محمد أحمد أومري.
12- الدركي محمد خليل البيطار.
13- الدركي سعد الدين الصفدي.
14- الدركي ياسين نسيب البقاعي.
15- الدركي زين محمد ضبعان.
16- الدركي عيد فلاح شحادة.
17- الدركي إبراهيم عبد السلام.
18- الدركي أحمد محمد القصار.
19- الدركي جورج أحمر.
20- الدركي محمد عادل المدني.
21- الدركي واصف إبراهيم هيتو.
22- الدركي عبد النبي برنية.
23- الدركي سليمان أبو سعد.
24- الدركي أحمد مصطفى سعيد.

تمّام علي بركات