مساحة حرة

فرنسا.. استعراض استخباراتي في الخارج وفشل في الداخل

تكاد تكون فرنسا أكثر دولة أوروبية تعرضت لهجمات إرهابية خلفت الكثير من الضحايا الأبرياء، كما أن معظم هذه الهجمات الدموية أو جميعها تبناها تنظيم “داعش” الإرهابي، ولعل أخرها ما جرى مساء أمس في شارع الشانزليزيه الباريسي.. ولكن ورغم كل هذا التهديد الإرهابي، إلا أننا لم نسمع أن أجهزة الاستخبارات الفرنسية وقوى الأمن أنها تمكنت من منع وقوع هذه الهجمات أو حتى التقليل من آثاره الدموية على الشعب الفرنسي، بل دائما ما تظهر بمظهر المرتبك التي لا تعترف بما سيحصل لاحقاً..
أمام كل هذا العبث الإرهابي في المشهد الفرنسي.. ينبري رئيس الاستخبارات الفرنسية ليؤكد أنه خلال الأيام القادمة سيقدم أدلة على تورط الحكومة السورية المزعوم في أحداث خان شيخون الكيمائية!!!.. تصريح يحمل في طياته الكثير من إشارات الاستفهام تتعلق بقدرة هذه الأجهزة وفعاليتها خارج فرنسا وفشلها في الداخل..
وهنا هل يمكن لفرنسي أن يقبل ويقتنع بأن مخابرات بلاده قادرة على معرفة مسؤولية تنفيذ اعتداء إرهابي في الشرق الأوسط والجزم بهوية الفعالين فيه، دون أن تتمكن من منع وقوع هذه الهجمات في بلاده.؟ أكيد لا.
بعد كل اعتداء إرهابي في فرنسا ترشح معلومات في الإعلام وعن قوى الأمن بان الإرهابي كان تحت مراقبة أو على علم بدخوله فرنسا من إحدى البلدان الأوربية.. بمعنى آخر قوى الأمن تعلم به وبتحركاته ولكن لا تحرك ساكناً لمنعه وإيقافه بل تتركه ينفذ هجماته الإرهابية وفي كثير من الأحيان يهرب..
خلال حرب الإرهابية على سورية تورطت أجهزة الاستخبارات الفرنسية في دعم المجموعات الإرهابية تحت ذريعة دعم “معارضة معتدلة” ولعل في اعتداء الغوطة الكيمائي أيلول عام 2013 وما تم كشفه في وسائل الإعلام الغربية بالتحديد “تحقيق سيمور هيرش الاستقصائي” عن تورط مباشر من قبل هذه المخابرات في التخطيط والتنفيذ لهذه الهجمات، ما يؤكد الدور المشبوه الذي لعبته وما تزال على الأرض السورية في دعم الإرهاب والإرهابيين …خان شيخون مثال آخر..
والحال فإن ما يجري في فرنسا من اعتداءات إرهابية دموية يجري توظيفه بشكل كبير خدمة لسياسية باريس التي على ما يبدو باتت اليوم أكثر ارتهاناً للدولار النفطي.
وربما هناك من يقرأ أن ما جرى في باريس مساء أمس يخدم في تفصيل ما منه أحد مرشحي الرئاسة الفرنسية الـ 11 الذين يتنافسون على مقعد الإليزيه، فهل يكون “داعش” بيضة القبان في ترجيح كفة أحدهم.

سنان حسن