ثقافة وفن

النحاتون يبدعون في “ملتقى السلام والمحبة” باللاذقية

يجمع النحاتون المشاركون في ملتقى السلام والمحبة للنحت والتصوير الزيتي في اللاذقية على أن اختيار خشب الزيتون كمادة أولية للعمل يضفي على منحوتاتهم سحرا فريدا يتجسد في عروق الكتلة الخشبية وفراغاتها وتنوع الحجوم المقدمة التي يتعامل معها المشاركون بحرفية عالية وبراعة تمكنوا من توظيفها لاستخراج الجمال من الكتل الصامتة.

وجود الجميع في فضاء مفتوح وعملهم جنبا إلى جنب بعيدا عن انفرادهم بالإبداع ضمن مشاغلهم يعتبر فرصة للاطلاع على تقنيات العمل الخاصة بكل منهم وهي فكرة أشار لها النحات اياد بلال من حمص الذي يعمل على إنجاز منحوتة بحجم كبير يناسب جو الملتقيات على حد وصفه.

ويعتبر بلال أن موضوع عمله هو استمرار لبحث موسع له علاقة بوجه الانسان وتعابيره المختلفة فيطرح من خلال كتلته الصلبة المتينة مجموعة شخوص بحالات سكينة أو صعود للأعلى أو تبدو عليها ملامح موت وخوف فالوجه هو حامل تعبيري لكل ما نريد قوله عن هموم الانسان المعاصر لكنه عرض فكرته بشكل اسطواني معتمدا مركزية الدائرة كموقع للانطلاق والخروج إلى الفضاء الأوسع.

منحوتة الفنان عيسى سلامة لا تقل حجما وكثافة في الطرح عن عمل الفنان بلال فسلامة الذي وصل من بانياس وفي ذهنه فكرة عن الميثيولوجيا السورية باساطيرها وحضارتها عمل على ترجمتها من خلال عمل فني فيه الكثير من الظهور البشري إلى جانب الجياد والثيران الموجودة في قاعدة المنحوتة وغيرها من مشاهد استقاها من الحضارة السورية.

وقال عنها: استخدم الازميل والمطرقة فقط لعلاج خشب الزيتون المناسب تماما لهذه التشكيلات وعلى اعتبار انني نحات متأثر ببيئتي السورية فكان لابد من أن أترجم ذلك ضمن الملتقى فعملي الثاني الذي سأباشر به مرتبط بموضوع الختم الاوغاريتي بما فيه من نقوش دقيقة وتفاصيل منوعة.

ليس بعيدا عن سلامة ينهمك النحات ماهر علاء الدين بتجسيد منحوتة يعتبرها واقعية الطابع وخاصة انه يعتمد عقدة وسط المنحوتة تنبثق عنها يدان تتحرران نحو الأفق في إشارة لواقع سوري معاش ويرى علاء الدين الخشب المختار للعمل عنصرا سوريا خالصا يخاطب وجدان المواطن السوري وارتباطه بتراب ارضه ويؤكد أنه سيعمل على تعتيق الخشب بلمسات بسيطة مع استخدام تقنيات للعزل ليحافظ على قوامه لاطول فترة ممكنة.

اللمسات الأنثوية مكون لابد منه لاضفاء روح خاصة على الملتقى فالنحاتات المشاركات اجتهدن باظهار رؤيتهن واسلوبهن الخاص في التعاطي مع أخشاب الزيتون فالفنانة ربى الكنج من طرطوس أشارت إلى أن هذه الخامة تقود الفنان إلى فكرة معنية وتتطلب تعاطيا خاصا لتكون مطيعة لفكرة الفنان.

وأضافت: اخترت التعامل مع كتلتين منفصلتين لإنجاز عمل فني واحد ركزت فيه على نحت وجه بشري مرتبط بجناح طائر فأنا احب هذين المكونين واحرص على طرحهما في أعمالي بشكل دائم لما فيهما من معاني السلام والمحبة المرتبطة بعنوان الملتقى بشكل وثيق.

إلى ذلك أشارت الفنانة كوثر صالح من مصياف إلى أن الكتلة الخشبية لها دور في انتقاء فكرة للعمل عليها مع اشارتها لظهور مفاجات في عمق الكتلة يجب على الفنان التعاطي معه باسلوب جمالي وهذا ما حصل معها أثناء تنفيذها مجسما لامراة سورية تجمع الامل والحزن معا ضمن ملامحها لتقوم الفنانة وفاء عبد الحي من السويداء بتجسيد المراة بتكوينات إنسانية تعبيرية ادخلت لها خطوطا استقتها من تجربتها في الرسم الزيتي الذي تجيده.

ويستمر ملتقى السلام والمحبة الذي يقام بدعم من وزارة السياحة حتى العشرين من الشهر الجاري حيث يجتمع قرابة ثلاثين فنانا وفنانة من مختلف المحافظات لينفذوا ضمن الورشات المخصصة لهم في فندق لاميرا باللاذقية أعمالا زيتية ومنحوتات خشبية سيعود ريعها لذوي شهداء وجرحى الجيش العربي السوري.