الشريط الاخباريمساحة حرة

مِسلَّة الكيماوي.. وعقدة النقص الأمريكية

معادلة بسيطة وسهلة تفتح امامنا الباب لتحليل السلوك الاميركي في الشرق الأسط عموماً وفي سورية بشكل خاص، وهي البحث عن أس المشكلة “اسرائيل” فاينما ولَّت اميركا وجهها فهو باتجاه اسرائيل قبلتها الدائمة في الشرق.

“ثمن باهظ” تريد أميركا أن تحصله من سورية التي ضيقت الخيارات أمام واشنطن وحلفها الستيني، فـ”داعش” يتقهقر، ويكاد يصبح أثراً بعد عين، وعقدة النقص الأمريكي أمام هذه النجاحات السورية تزداد.

بالتوازي يخسر “داعش” الموصل كما سيخسر الرقة ويفقد مواقعه في محيط دير الزور، وتخسر معه واشنطن ذريعتها الاساسية لاستمرار الحلف المزعوم، والحل هو استخدام مِسَلَّتَها التي ما فتئت تخيط بها منذ زمن اوباما، “الاستخدام المزعوم للكيماوي”، والذي لم يثبت الى اليوم بأي شكل من الاشكال ان الدولة السورية وحلفائها قد استخدموه في الحرب الدائرة.

ولِمَ لا يُصعِّد الامريكي وقد شارفت القوات السورية على السيطرة، وهي تتقدم بوتيرة متصاعدة بلا توقف رغم عمليات القصف الممنهج من قبل اسرائيل دعما لـ”النصرة” واستمرار التغذية التركية لـ”داعش” اضافة الى غطاء التحالف الاميركي جواً وبراً لقوات التنظيم الارهابي .

ورغم كل الدعم المقدّم للإرهاب، فما خشيت منه اسرائيل قد حصل، فالحدود السورية العراقية باتت مفتوحة شرقاً، بعد انقطاعها لسنوات ثلاث وبالتالي فمخاوف الكيان باتت واقع، عدا عن كابوس الحدود السورية لجهة الجولان المحتل وتواجد القوات السورية والحلفاء هناك والتي ترعب قادة الكيان الصهيوني، فالتصعيد الكيمياوي وثمنه الباهظ المتوقع لابد وان له اهداف تصب في خانة اضعاف قدرات القوات السورية والمقاومة للتخفيف عن “اسرائيل” واعادة النوم لاجفان قادتها.

بالمقابل يمكن للمتابع البسيط ان يطرح سؤالاً بديهياً: لو أن الدولة السورية قررت استخدام السلاح الكيماوي فعلاً فهل ستبقى على هذا القرار بعد هذه البروبغندا الأمريكية حوله؟؟ وهل ستكون الدولة السورية وحلفائها على هذه الدرجة من البساطة والسذاجة كي تستخدم مثل هذه الاسلحة أصلاً؟؟ هذا ان كانت تمتلكها بالأساس، فمن المعروف أن سورية لم تعد تمتلك مثل هذه الأسلحة، وﺃﻋﻠﻨﺖ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻟﺤﻈﺮ ﺍﻻﺳﻠﺤﺔ ﺍﻟﻜﻴﻤﺎﻭﻳﺔ ﺃﻥ ﺳﻮﺭﻳة ﻗﺎﻣﺖ ﺑﺸﺤﻦ ﺃﺧﺮ ﺩﻓﻌﺔ ﻣﻦ ﻣﺨﺰﻭﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﺍﻟﻜﻴﻤﺎﻭﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻋﻠﻨﺖ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻟﻠﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﻪ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺣﺴﺐ ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺍﻓﻘﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺩﻣﺸﻖ ﺍﻟﻌﺎﻡ 2013.

وفي المحصلة لا الظرف الدولي ولا الظرف الميداني الذي يميل ميلاناً حاداً لصالح سورية وحلفائها يدعوها لمثل هذا التصعيد، إلا ان أميركا ترغب من خلال هذه المزاعم ضرب القواعد الجوية السورية ” والشعيرات” بالذات أو التهديد بذلك أن توجه رسالة عسكرية بأنها قادرة على توجيه ضربات في أي وقت تريد، وأخرى سياسية بأنها لن تكون خارج اي حل قادم، وفيما لو حدث مثل ذلك الخرقوالعدوان –لا سمح الله- فلن يخدم الا “داعش” الذي أوجعه الشعيرات كثيراً، و”اسرائيل” التي ترعبها المقاومة، لكن لن تقف سورية، ولا روسيا ولا الحلفاء متفرجين في حينها.

إن البحث دوماعن مصالح “اسرائيل” في أي عمل تقوم به الولايات المتحدة بحث مشروع لنا، فأي استهداف يضعف القدرات العسكرية لسورية والمقاومة سيكون خدمة لـ “إسرائيل” وهو ما تسعى اليه اميركا، من خلال تفتيت وإضعاف دول المنطقة ودعم الارهاب فيها، ذاك الذي لا تخشى اسرائيل منه على نفسها بل وتقدم الخدمات الطبية للآلاف من افراده في مشافيها وتؤمن له سراً وعلانية كل الدعم اللازم بشكل مباشر أو غير مباشر، عبر اميركا ودول الخليج، لكن نار الارهاب في سورية بدأ أجيجها يخف، وباتت تستعر في عقر دار من نفخ فيها من الغرب والعرب وما تشهده دولهم خير شاهد ودليل، يقابله مستوى الأمن والامان الذي يزداد وتمتد رقعته على الأرض السورية وهو ما تؤكده تحركات الرئيس الأسد وعائلته في عدد من المحافظات السورية.

بلال ديب