دولي

من هي “امرأة مدريد الحديدية” التي ستروّض كتالونيا المتمرّدة؟

هل هي أقوى امرأة في أوروبا وهل ستتمكن من ترويض إقليم كتالونيا الانفصالي؟ من هي هذه المرأة التي سارعت الحكومة الاسبانية للاستنجاد بها من أجل السيطرة على الإقليم الانفصالي الذي وضع مدريد في أسوأ أزمة سياسية تمرّ بها منذ عقود.

المرأة الحديدة أو “سورايا ساينز دي سانتا ماريا” هي سياسية إسبانية وعضو في الحزب الشعبي الإسباني، تعد ثاني شخصية في الحكومة الإسبانية بقيادة “ماريانو راخوي” أي أنها نائبة رئيس الوزراء الإسباني، وتعدّ من أقوى النساء السياسيات في أوروبا، ولهذا السبب سارعت السلطات الإسبانية لتنصيبها رئيسة للإقليم الانفصالي.

في الحقيقة لم يأت تعيين “راخوي” لها عن عبث وإنما أوكل إليها مهمة إدارة إقليم كتالونيا بعد خلع رئيسه الانفصالي “كارلس بوجديمون”، وذلك ليقينه بأنها ستكون الأفضل في ترويض هذا الإقليم المتمرّد.

ولو سلّطنا الضوء على سيرة حياة فتاة اسبانيا الحديدية، لأيقنّا أنها امرأة فولاذية أيضا، إذ ولدت “سورايا ساينز دو سانتاماريا” يوم 10 حزيران 1971 في مقاطعة بلد الوليد (فلادوليد) شمالي إسبانيا، متزوجة من محام بالدولة يدعى إيفان روزا، ولهما ولد. تخرجت في جامعة بلد الوليد عام 1994 بشهادة ليسانس في القانون، وكانت الأولى بدفعتها الأمر الذي لفت انتباه الحكومة إليها.

وفي بداية مشوارها السياسي اشتغلت بالمحاماة في وزارة العدل الإسبانية، وعُيّنت عام 2000 مستشارة قانونية عندما كان رئيس الوزراء الحالي راخوي نائبا لرئيس الحكومة السابق “خوسيه ماريا أزنار”.

انصهرت المرأة الحديدية بصفوف الحزب الشعبي الذي يعدّ الأقوى في اسبانيا، وانتخبت نائبة عن الحزب عام 2004، وبعد أربع سنوات وبالتحديد في 8 أبريل/نيسان 2008 عيّنها راخوي متحدثة باسم المجموعة البرلمانية للحزب، وجاء ذلك عقب الانتخابات البرلمانية التي أجريت في آذار 2008.

وعُيّنت المرأة الحديدية الاسبانية نائبة لرئيس الحكومة بعد فوز “الحزب الشعبي” في الانتخابات البرلمانية عام 2011، كما عُيّنت في نفس الوقت وزيرة شؤون الرئاسة والمتحدثة باسم الحكومة.

وحافظت المرأة الحديدة الشابة على منصبها ذلك حتى 4 تشرين الثاني 2016، حيث عينت بعدها وزيرة للرئاسة والإدارات الإقليمية، وهو منصب استحدث خصيصا لترويض كتالونيا المتمرّدة.

وإحدى أبرز صفات “سورايا” أنها تعدّ الذراع اليمنى لراخوي، حيث رافقته طوال 17 عاما من خلال المناصب التي منحها إياها، ويطلق عليها في إسبانيا اسم “المرأة الحديدية” بسبب صرامتها في التعاطي مع الملفات لاسيما الوطنية منها.

وعام 2016 وصفتها صحيفة “الباييس” بأنها المرأة الأكثر نفوذا في إسبانيا، غير أن هذا النفوذ مرهون بكيفية تعاطيها مع ملف إقليم كتالونيا الذي يمر بمرحلة صعبة، وهو الأمر الذي بات واضحا من أنها ستحكم سيطرتها على الإقليم.

ومنذ ثلاثة أيام كلّف رئيس الوزراء الإسباني مُنقذة حكومته “سورايا” بإدارة إقليم كتالونيا بعد إقالة رئيس الإقليم “كارلس بوجديمون” وأعضاء حكومته وكبار المسؤولين، وذلك بموجب المادة 155 من الدستور الإسباني التي وافق عليها مجلس الشيوخ بعد أزمة أنهكت مدريد منذ حوالي عدّة أشهر.

وكانت قد تحدثت وكالة رويترز عن “ماريا” بصفتها مرأة الأزمات التي يصدرها راخوي دائمًا في أي أزمة لتنقذ بلاده من مآزق انفصالية.

وعن أهمية كتالونيا.. فهي تعدّ من الناحية الاقتصادية من أهم مقاطعات إسبانيا البالغة 17 مقاطعة، حيث يعادل حجم اقتصادها، حجم الاقتصاد البرتغالي، ويمثل نسبة 17% من إجمالي الاقتصاد الإسباني المقدر بنحو 1.232 ترليون دولار. وتساهم المقاطعة سنوياً بحوالي 267 مليار دولار في الدخل الإسباني العام، حسب آخر إحصائيات يورو ستات.

يشار الى أن الحكومة الإسبانية كانت قد بذلت جهودا حثيثة خلال الشهور الماضية بهدف منع إستفتاء كتالونيا بشتّى السبل، من بينها تضخيم الخسارة التي ستتكبدها المقاطعة من الانفصال، ومساومة حكومة المقاطعة على زيادة الدعم المالي الذي ستحصل عليها من الميزانية المركزية لمدريد، علاوة على التهديدات المباشرة ومداهمات الشرطة الإسبانية للناشطين في حملة الاستفتاء. ولا تزال وزارة الداخلية الإسبانية تنشط في المداهمات ومنع أدوات الاستفتاء وإغلاق مراكزه إلى أن أحكمت سيطرتها في نهاية المطاف على الإقليم الانفصالي.