الشريط الاخباريسلايدسورية

الجعفري: الفيتو الروسي أنقذ مجلس الأمن من التلاعب بآليات أممية

أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري في كلمة ألقاها بعد التصويت ضد مشروع القرار الأمريكي حول تمديد مهمة الآلية المشتركة للتحقيق باستخدام الأسلحة الكيميائية في سورية أن تصويت الاتحاد الروسي أنقذ مجلس الأمن من التلاعب بآليات أممية وحافظ على نزاهة أحكام ميثاق الأمم المتحدة.

وقال الجعفري  “كي تدركوا ما يدور اليوم في هذه القاعة من مناقشات مهمة أدعوكم إلى البحث عن تقرير نشرته صحيفة “ديلي ميل” البريطانية في كانون الثاني 2013 ثم سحبته حينئذ من التداول على موقعها الالكتروني والذي تضمن عرضا لرسائل الكترونية متبادلة بين مسؤولين كبار في شركة “بريتام ديفينس البريطانية” حيث عرض فيه مخطط وافقت عليه واشنطن آنذاك مضمونه أن قطر وبالتعاون مع تركيا ستمول وتدعم قوات المتمردين في سورية لاستخدام الأسلحة الكيميائية واتهام الحكومة السورية بذلك وهذا التقرير نشرته صحيفة بريطانية وليست صحيفة سورية عام 2013″.

وأضاف الجعفري “من المؤسف أن البعض في هذا المجلس يتعامل مع ما جرى من تبريرات باطلة لغزو وقح للعراق وليبيا وكأنه مجرد حدث عابر قابل للنسيان في ذاكرة هذا المجلس.. حدث قابل للتكرار اينما كان مع الإفلات من العقاب.. كلا كلا.. لحسن الحظ أن هناك في هذا المجلس بعض من لا تزال ذاكرته قوية لا تنسى”.

وتابع الجعفري “روسيا اليوم لم تعرقل عمل مجلس الأمن بل عملت على منع تكرار مأساة العراق وليبيا وحافظت على نقاء ونزاهة أحكام الميثاق في زمن لا نزاهة فيه ولا نقاء.. وتصويت الاتحاد الروسي ينقذ هذا المجلس من التلاعب باليات اممية يفترض برئيسها على الأقل أن يملك جرأة رئيسي لجنة الاينسكوم “راف ريكلس السويدي وريتشلد بلاتر الاسترالي” اللذين رفضا أن يشرعنا العدوان الأمريكي البريطاني على العراق”.

 

وقال الجعفري “إننا في الجمهورية العربية السورية الدولة العضو المؤسس في هذه المنظمة ما زلنا نعتقد أن للأمم المتحدة دورا أساسيا في إيجاد حلول للازمات عندما تلتزم الدول الأعضاء بمقاصد الميثاق وفي مقدمته صون السلم والأمن الدوليين وهي المهمة الرئيسية الموكلة لهذا المجلس”.

 

ولفت مندوب سورية الدائم إلى أن واقع الحال يؤكد مرة بعد أخرى أن هناك ثلاث دول دائمة العضوية تنتهج سياسات الهيمنة والعدوان ولا ترى في الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلا مكتبا إداريا وشركة تجارية لتحقيق أهدافها ولحسن الحظ أن في مجلس الأمن دولتين دائمتي العضوية تتصديان مع دول أخرى لجموح قوى الهيمنة والعدوان ولولا هذه الدول الحريصة على أعمال أحكام الميثاق لكان عالمنا قد شهد اليوم المزيد من الدمار والنزاعات والحروب مشيرا إلى أن حكومات هذه الدول الثلاث أوجدت “جبهة النصرة” منذ أن قررت أن تجعل من دعم الإرهاب وتمويله سلاحا في وجه كل من يعارض سياستها التدخلية.

 

وقال الجعفري “إننا في الجمهورية العربية السورية ما زلنا نعتقد أن مبادئ القانون الدولي ومقاصد الميثاق هي التي يجب أن تحكم العلاقات الدولية وما زلنا نؤمن أن الحق والقانون هما اللذان سيسودان في النهاية لأن البديل الوحيد منهما هو الفوضى وانطلاقا من ذلك تعاونت حكومة بلادي مع الأمم المتحدة وهيئاتها ولجانها ومبعوثيها المتعددين”.

 

وأضاف الجعفري “عندما ارتكبت المجموعات الإرهابية المسلحة جريمة خان العسل بتاريخ 19 آذار عام 2013 أول استخدام للكيماوي في سورية قرب حلب كانت الأمم المتحدة هي الجهة الوحيدة التي لجأت حكومة بلادي اليها لطلب المساعدة في التحقيق بجريمة استخدام مواد كيميائية في تلك البلدة والتقيت أنا شخصيا بعد ساعات فقط من وقوع تلك الجريمة بالأمين العام السابق بالأمم المتحدة بان كي مون حيث طلبت منه إرسال بعثة عاجلة لمساعدة الحكومة السورية في التحقيق في استخدام المواد الكيميائية السامة وتحديد الجهة التي استخدمتها”.

 

وتابع الجعفري “بعد عدة ساعات من لقائي بالأمين العام السابق قام بالتشاور مع الدول المؤثرة في هذا المجلس كما قال لي شخصيا وعاود الاتصال بي ليعلمني أن الأمم المتحدة ستساعد فقط في تحديد فيما إذا تم استخدام مواد كيميائية ولكنها غير قادرة على المساعدة في تحديد هوية مرتكبي تلك الجرائم ورغم موافقتنا فورا على هذه الولاية المنقوصة فقد استغرق الأمين العام مدة أربعة أشهر حتى يرسل لجنة للتحقيق برئاسة البرفيسور “سيلستروم” السويدي ورغم كل هذا التأخير غير المبرر لم تذهب اللجنة المذكورة حتى هذه اللحظة إلى خان العسل وذلك نتيجة افتعال حادثة الغوطة قبل دقائق من الموعد المحدد لانطلاق البعثة إلى خان العسل”.

 

وقال مندوب سورية الدائم “إنني أسرد أيها السادة على مسامعكم تلك الحادثة التي تكررت بعد ذلك عدة مرات لأنها كانت لحظة تاريخية فارقة تأكدنا عندها بأن الآليات واللجان التي تشكلها الأمم المتحدة للتحقيق في حوادث استخدام المواد الكيميائية في سورية لم يكن ليسمح لها بأن تصل إلى الحقيقة ولا أن تعمل بمهنية وشفافية وحيادية واستقلال لأن نوايا الدول الثلاث ووكلائها الإقليميين في المنطقة كانت كلها تركز على أمر وحيد وهو التواطؤ مع المجموعات الإرهابية المسلحة لافتعال جرائم استخدام مواد كيميائية سامة ضد المدنيين السوريين بغرض اتهام الحكومة السورية باستخدامها لأنهم لم يجدوا أخطر من ذلك سلاحا يستطيعون من خلاله تنفيذ أجنداتهم التدخلية الهدامة في سورية بعد أن استنفدوا كل ما في جعبتهم للقيام بذلك”.

 

وأضاف الجعفري “إننا في الجمهورية العربية السورية لا نعارض إنشاء آليات تحقيق مهنية ومستقلة ونزيهة لتحديد مسؤولية استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية على الاطلاق فسورية أول من بادرت بطلب المساعدة في هذا المجال ونحن نؤمن بأن مشروع القرار الروسي الصيني الذي عارضته منذ البداية الدول الثلاث كان يهدف إلى مساعدة آلية التحقيق المشتركة للنهوض بولايتها وفق المعايير المنصوص عليها بالمرجعيات الدولية ذات الصلة وذلك بعيدا عن التسييس والضغوط التي مارستها وستمارسها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وذلك بما يضمن تصحيح مسار عملها بشكل يساعد على الوصول إلى الحقيقة بناء على أدلة مادية حاسمة لا تقبل التأويل ولا التفسير ولا التزييف ولا التلفيق ولا التلاعب بها”.

 

وأوضح الجعفري أن أي مشروع قرار لا يراعي هذه المعايير والضمانات ما هو إلا محاولة يائسة للاستمرار بمسلسل خطر يعتمد على تحقيقات عن بعد وعلى شهود زور ومعلومات تقدمها “جبهة النصرة” المجموعة الإرهابية بحكم “تصنيفكم أنتم لها” وعلى مصادر مفتوحة تابعة لها مثل “الخوذ البيضاء” و”أجهزة إنذار مبكر” كما ورد في تقرير رئيس الآلية حيث أنها تتنبأ بالغيب ولديها القدرة على رؤية أسلحة كيميائية تحملها طائرات تحلق على بعد عدة كيلومترات.

 

وتابع الجعفري “هنا أذكر بمسارعة وفد الولايات المتحدة للطلب من المجلس تمديد آلية عمل التحقيق المشتركة قبل 48 ساعة من صدور تقريرها السابع الأمر الذي بين لاحقا أن تقرير الآلية كان قد أعد وكتب مسبقا في الغرف المظلمة في لندن وباريس وواشنطن ولم يكن على قيادة الآلية إلا أن تضع توقيعها وختمها عليه لتقدمه للمجلس يوم السابع من هذا الشهر دون أن تكلف نفسها عناء تدوين ملاحظات أعضاء المجلس والإجابة عنها خلال تلك الجلسة علما أنه كانت هناك ملاحظات فنية وعلمية وقانونية دحضت ذلك التقرير وكل ما ورد فيه حول طرق عمل الآلية والنتائج المزيفة التي توصلت إليها بخصوص حادثة خان شيخون”.

 

وقال الجعفري “لمن لا يعلم هناك خبير بريطاني أرسلته البعثة الدائمة لبريطانيا قد جال على العديد من البعثات الدائمة قبل صدور التقرير بأيام ليروج لذات النتائج التي احتواها التقرير وحين أقول ذات النتائج فالمقصود هو أنها كانت بحرفيتها وبنفس المصطلحات والمعلومات فأي آلية مستقلة.. وأي مهنية.. وأي حرفية مع وجود خبير بريطاني يروج لذات النتائج التي كانت ستصدر في التقرير”.

 

وبين الجعفري أن سورية تعيد التأكيد على انها التزمت باتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية نصا وروحا وأنه لم يعد لديها أي مواد كيميائية سامة محظورة بموجب الاتفاقية منذ انضمامها إليها في عام 2013 الأمر الذي أكدته رئيسة اللجنة المشتركة للتخلص من الأسلحة الكيميائية في سورية سيغريد كاغ في أيلول 2014 وفي هذا المجلس مجددا التأكيد أن سورية تعتبر استخدام الأسلحة الكيميائية عملا لا أخلاقيا ومدانا في أي مكان وزمان وتحت أي ظرف كان.

 

وقال مندوب سورية الدائم “إننا والعديد من حكومات الدول الأعضاء مؤمنون بأنه حان الوقت لهذا المجلس كي يضطلع بمسؤولياته في حفظ السلم والأمن الدوليين بكل نزاهة وتوازن وهو الأمر الذي يتطلب من بعض أعضاء المجلس تطابقا بين الكلمات والأفعال ولاسيما أولئك المتحمسين لتمديد عمل الآلية على الطريقة الأمريكية وليتفضل هؤلاء وليظهروا للعالم أجمع ذات الحماسة من أجل تطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب وبعضها تحت الفصل السابع والتحقيق في الانتهاكات المستمرة لها من قبل حكومات بعض الدول والتحقيق في مئات الرسائل التي وجهناها لمجلس الأمن حول الدعم والتمويل والتسليح الذي قدمته وتقدمه حكومات الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والسعودية وقطر وتركيا للمجموعات الإرهابية في بلادي وحول الدعم المستمر الذي تقدمه “إسرائيل” لـ “جبهة النصرة” في منطقة الفصل في الجولان المحتل والذي كان أحد نتائجه اختطاف عناصر من الوحدتين الفيجية والفلبينية العاملتين ضمن قوات الاندوف.

 

وأضاف الجعفري “لقد وجهت يوم أمس رسالة إلى رئيس مجلس الأمن أطلب فيها التحقيق في التقرير الموثق الذي نشرته هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” حول الدعم الذي تقدمه ما تسمى قوات التحالف الدولي لتنظيم داعش الإرهابي والذي من ضمن أهدافه تأمين الخروج والمأوى الآمنين لإرهابيي هذا التنظيم وعرقلة عمليات الجيش السوري وحلفائه ضده.. ونحن نتطلع إلى نفس الحماسة في التعاطي مع القضايا التي ذكرت”.