ثقافة وفن

ثلاثة في واحد..!!

تبتهج شاشاتنا المحلية الفضائية والأرضية في برامجها الصباحية شبه الموحدة عليها جميعاً، تبتهج وتحتفل و”ينطّ” معدوها ولا يقعدون عندما يجدون أخيراً ضيفاً يحل عليهم، وعلينا، وعلى قلوب المشاهدين!.. من أين يأتون بالضيوف، والضيف الواحد تراه متقافزاً بين هذا الاستديو وآخر بقربه، كل عائد لقناة، ليس المهم أن يكون لديه، أي الضيف، أية علاقة بما هو سبب حضوره الصباحي المبكر هذا، يعني ليس شرطاً إن كان مغنياً أن يكون صوته جميلاً، وإن كان عازفاً أن يعرف كيف يمسك آلته الموسيقية، المهم أنه موجود، و”كلو في حبك يهون”!.

بالنسبة إلى الألقاب، و”فخم” الأوصاف من قبيل: “الشاعر- الأديب- الكاتب- الناقد- المفكر”، فهي “ببلاش”، و”اللي ببلاش كتر منو” كما يقال، يتهيأ المتفرج ليستمع إلى قصيدة من شاعر الغبرة، فلا يجد قصيدة ولا من يحزنون، هذا عدا عن الأسئلة الغرائبية القادمة من عوالم مختلفة على مبدأ من كل بيدر “زيوانة”، والتي يرمى بها الضيف من قبيل: هل الشعر ضروري؟ وما أهميته لنا؟ كيف يصبح الشخص شاعراً؟ متى شعرت أيها الشاعر بنفسك أنك شاعر؟.. وهكذا، أسئلة لها علاقة بكل شيء إلا الشعر. رؤية الضيف منزوياً على نفسه ليس قادراً على الكلام أحياناً تشعر المتفرجين وكأنه قبض عليه متلبّساً.. لونه أصفر، ووجهه مكفهر، ورؤية مقدم- مقدمة- هذه الفقرات بهذه السطحية تُشعر المتفرجين بأنه “وحياة خالقك مو مفارقك”، أما كيف تشعرهم بهذا، فأترك لكم حسن التقدير والتدبير.

***

ما على الطلاب الراغبين بتعلّم الفنون في سورية إلا هجر مدنهم ومحافظاتهم وقراهم، والقدوم إلى العاصمة، فمن استطاع إلى ذلك سبيلاً سيكون له حديث آخر مع “الواسطة” التي ستيسّر له الأمر، ومن لم يستطع ذلك فما عليه إلا أن يبحث لمواهبه وشغفه عن منفذ آخر ربما يستطيع أن يعبّر به عنها، وإنه لمن الغريب والعجيب فعلاً أن تكتظ العاصمة بمختلف وسائل، وأدوات، وأساليب تعلّم الفنون، وفي مساحة جغرافية واحدة لا يتجاوز قطرها الـ 2كم، “من كلية الآداب في دمشق، مروراً بالتلفزيون، ودار الاوبرا، والمعهد العالي للفنون المسرحية في ساحة الأمويين، وليس انتهاء بدور السينما، والمسارح المتواجدة على مقربة من بعضها البعض، بينما مثلاً حلم طويلاً شباب الجزيرة السورية، بل وحتى المحافظات الوسطى بمعهد ولو “من قريبو” لتعلّم ما يريدون من الفنون.. الهيمنة الثقافية للعاصمة على حساب باقي المحافظات السورية الأخرى، وهذا الاحتكار الذي لم ينته للشأن الثقافي دفعنا ثمنه غالياً عندما انصرف العديد من أبنائنا إلى التعبير بعنف عن ميولهم،

***

تتعامل الدول التي تحترم مواطنيها وتعمل لأجلهم بصدق، مع صحافتها وكأنها كتابها المقدّس، صحافتها التي تنقل هموم الناس ووجعهم وأحوالهم، أفراحهم أتراحهم وكل ما يعنيهم، إلا أن مقولة “أذن من طين وأذن من عجين” هي ما نراه ونلمسه في سلوك بعض مسؤولينا الذين إما لا تعنيهم هموم الناس الني نقدّمها بدليل عدم التحرّك إلى حلها، أو أنهم تخلّوا عن عادة قراءة الجريدة المحلية واكتفى كل واحد منهم حيث هو في موقعه، بما يقدّمه له المكتب الصحفي الخاص بوزارته أو إدارته أو غيرها، وهذا المكتب الصحفي هو من يخاطب استفسارات الصحفيين والجهات المعنية، فتأتي أغلب أخباره وردوده ناشفة جافة نسخة واحدة متكررة بأسماء مختلفة وأسلوب “كليشة” اعتاد أن يرفعها هذا المكتب الصحفي العجيب للمسؤول ولاستفسارات الصحافة المحلية بآن. بدعة المكاتب الصحفية هذه لا تقدّم إلا الرماد الذي سيقود يوماً ما إلى العمى عن كل ما هو حقيقي!.

عزيزي المسؤول، اقرأ الجريدة الرسمية، ففيها أصوات لن تسمعها في الوصفة التي يقدّمها لك مدير المكتب الصحفي لدى حضرتكم.

تمام علي بركات