الشريط الاخباريدولي

تقارب جديد بين الكوريتين يبشر بانفراج سياسي في شبه الجزيرة

حالة من الهدوء والإنفراج تشهدها شبة الجزيرة الكورية عقب استئناف كوريا الديمقراطية وكوريا الجنوبية محادثات ثنائية غابت عن المشهد السياسي أكثر من عامين لم تفوت خلالهما الولايات المتحدة أي فرصة لتأجيج حدة التوتر بين الكوريتين بهدف تحقيق أطماعها التوسعية في شرق آسيا.

محادثات الكوريتين التي بدأت في التاسع من الشهر الجاري أصبحت واقعا رغم سياسة عدائية أصرت واشنطن على انتهاجها بهدف زرع القلاقل في شبه الجزيرة الكورية وتهديدات متكررة اطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد بيونغ يانغ لرفضها الانصياع للإملاءات الخارجية وتمسكها بحقها في الدفاع عن أمنها القومي في مواجهة الاستفزازات الأمريكية المتواصلة بما فيها المناورات العسكرية في كوريا الجنوبية ونشر منظومة ثاد الصاروخية.

كوريا الديمقراطية التي أكدت مراراً استعدادها للحوار لحل الأزمة في شبه الجزيرة الكورية على أساس احترام سيادتها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية واصلت محادثاتها مع سيئول اليوم حيث اتفق الجانبان خلال اجتماع في منطقة بانمونجوم الحدودية على أن يضم الوفد الكوري الديمقراطي فرقة فنية خلال مشاركته في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية التي تستضيفها كوريا الجنوبية خلال شباط المقبل.

ويضم الوفد الكوري الديمقراطي إلى الألعاب الأولمبية الشتوية كوون هيوك بونغ المسؤول في وزارة الثقافة وهيون سونغ وول نجمة مورانبونغ التي تعد من أشهر الفرق الغنائية في كوريا الديمقراطية بينما يضم الوفد الكوري الجنوبي مسؤولين من فرقة الأوركسترا .

وفي ظل التقارب الواضح بين الكوريتين وتواصل المحادثات بينهما اقترحت سيئول أن تسير فرق من كوريا الديمقراطية وكوريا الجنوبية معا خلال حفل افتتاح الألعاب الأولمبية إضافة إلى تشكيل فريق مشترك نسائي للهوكي على الجليد.

وسيشكل الدخول المشترك لوفود الكوريتين خلال حفل افتتاح الألعاب الأولمبية التي اطلق عليها اسم أولمبياد السلام حدثا مهما للغاية يبشر لرمزيته بفتح صفحة جديدة من العلاقات بين البلدين والتخفيف بشكل كبير من حالة التوتر في شبه الجزيرة الكورية.

الرئيس الكوري الديمقراطي كيم جونغ أون كان أول من أعلن عن إمكانية إرسال وفد إلى كوريا الجنوبية للمشاركة في الألعاب الأولمبية كما أبدى تأييده لتحسين العلاقات بين الكوريتين مؤكدا “الحاجة إلى تحسين العلاقات المجمدة بين الشمال والجنوب وجعل هذا العام نقطة تحول في التاريخ الوطني الكوري”.

وردا على ذلك اقترحت سيئول عقد مفاوضات على مستوى عال مع بيونغ يانغ وهو ما جرى بالفعل في التاسع من كانون الثاني الحالي في اجتماع بانمونجوم وسبقه إعلان كوريا الديمقراطية أنها ستعيد فتح خط الاتصال الساخن مع جارتها الجنوبية وسط ترحيب كبير من الأخيرة حيث أكد رئيس المكتب الصحفي للرئاسة الكورية الجنوبية يو يونغ شان أن “إعادة العمل بالخط الساخن أمر مهم جدا” مضيفا إن “هذه الخطوة تخلق أجواء تسمح بالاتصال بين سلطات الكوريتين في كل الأوقات”.

وشملت المحادثات التي جرت بين الكوريتين حتى الآن مجالات عدة أهمها الاتفاق على إجراء محادثات عسكرية ومن المتوقع أن يجتمع وفدان من الكوريتين مع اللجنة الأولمبية الدولية السبت المقبل في مدينة لوزان السويسرية لمناقشة مشاركة كوريا الديمقراطية في الألعاب الأولمبية الشتوية.

ومع التفاؤل في انفراج الأزمة في شبه الجزيرة الكورية وتعزيز لغة الحوار تبدو تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لكوريا الديمقراطية وتأكيده أن “زمن الصبر ولى” تجاهها مجرد مواقف فارغة تدل على قصر نظر سياساته وعدم رغبته في التوصل إلى حل سياسي للأزمة في تلك المنطقة من العالم.

وهذا ما أكدته كوريا الديمقراطية بعد جولة ترامب في عدد من الدول الآسيوية في شهر تشرين الثاني الماضي عندما وصفت الرئيس الأمريكي على لسان المتحدث باسم خارجتيها بأنه “مدمر للسلام والاستقرار العالمي وأنه يتوسل حربا نووية في شبه الجزيرة الكورية بهدف حرمان كوريا الديمقراطية من قوة الردع النووي الدفاعي الذي تمتلكه”.

وعمل ترامب منذ تسلمه الرئاسة الامريكية على توجيه التهديدات إلى كوريا الديمقراطية بحجة برنامجها الصاروخى وتجاربها النووية في حين تؤكد بيونغ يانغ باستمرار أنها تدافع عن نفسها ضد المخططات الأمريكية.

ولم يجد ترامب في ظل التقارب الجديد بين الكوريتين خيارا لإنقاذ ماء وجهه سوى التخفيف من حدة تهديداته الاستعراضية حيث أعلن مؤخرا استعداده لإجراء محادثات مع الرئيس الكوري الديمقراطي ولكن بشروط مسبقة زاعما أنه “يأمل بأن تؤدي المحادثات المرتقبة بين الكوريتين إلى خفض التوتر في شبه الجزيرة الكورية”.

وأمام التهديدات الأمريكية وسياسة استعراض القوة التي يتبعها ترامب تحافظ كوريا الديمقراطية على موقفها الثابت الرافض للتدخل الأجنبي في شؤونها الداخلية وسيادتها وعزمها الاستمرار في تطوير برنامجها النووي وصواريخها الباليستية كخيار لا بديل عنه للدفاع عن نفسها في مواجهة السياسة العدائية للولايات المتحدة.