الشريط الاخباريسورية

الصباغ: منظمة حظر الأسلحة الكيميائية “مسيسة”

أكد السفير بسام الصباغ المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي أن اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية تمثل الإطار القانوني الذي أجمع عليه المجتمع الدولي للتعامل مع هذا النوع الخطير من أسلحة الدمار الشامل وشكلت منظمتنا حجر الأساس الفني في ضمان تنفيذ أحكام تلك الاتفاقية.

وقال الصباغ رئيس وفد الجمهورية العربية السورية أمام الدورة الاستثنائية الرابعة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية المنعقد في لاهاي في بيان له “منذ عام 2011 بدأت الولايات المتحدة الأمريكية بتنفيذ مخططها الجديد لمنطقة الشرق الأوسط والذي يشمل تغيير أنظمة الحكم فيها عبر اتباع سياسة تخريبية تمت تسميتها “بالفوضى البناءة” والتي نجحت في تقويض أمن واستقرار عدد من دول منطقتنا لكنها لم تنجح في تحقيق أهدافها في سورية على الرغم مما خلفته من إراقة لدماء سورية بريئة وتدمير للبنى التحتية وصرف لأموال طائلة إلى جانب التلاعب بمعايير العمل الدولي واستغلال جميع منابر الهيئات الدولية وتسخيرها لخدمة أهداف تلك السياسة وحينما لم تلب تلك الهيئات الدولية هذه الأهداف لا تتورع الولايات المتحدة الأمريكية عن الانسحاب منها وحتى مهاجمتها لاحقا عبر تحميل الآخرين المسؤولية لتغطية أبشع الانتهاكات حول العالم.

وأضاف الصباغ “ومع الأسف كانت هذه المنظمة إحدى ضحايا هذه السياسات الخبيئة إذ أن فشل المخططات الأمريكية في تحقيق أهدافها في سورية دفعها إلى استغلال موضوع الأسلحة الكيميائية واستخدام أدوات إرهابية تم تدريبها وتمويلها وتزويدها بهذه الأسلحة لافتعال حوادث استخدام لها تفيد في تأجيج الرأي العام العالمي وتأليبه ضد الحكومة السورية ومن ثم استخدام هذه المنظمة مطية لتحقيق أهدافها.

وتابع الصباغ “لقد عانت منظمتنا منذ عام 2014 وحتى الآن من تسييس واستقطاب صارخ أوصلها في بعض المراحل إلى درجة الشلل جراء محاولات حرفها عن مسارها التقني والسعي لتحويلها إلى أداة لخدمة مشاريع عدوانية وسياسات تخريبية.

وأوضح الصباغ أن الجمهورية العربية السورية اتخذت قرارا استراتيجيا في أيلول 2013 بالانضمام إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ونفذت بموجب ذلك التزاماتها في التخلص من برنامج أسلحتها الكيميائية وتدمير جميع منشآت إنتاج تلك الأسلحة وتعاونت بشكل تام ووثيق مع الأمانة الفنية في تنفيذ كل التزاماتها التي نشأت بموجب انضمامها إلى الاتفاقية ومن ثم بدأت بتصديها لجميع المحاولات الرامية إلى استغلال بعض الدول لحوادث استخدام مزعومة أو مفبركة للأسلحة الكيميائية في سورية.

وأكد الصباغ أنه في الوقت الذي عبرت فيه سورية عن إدانتها القاطعة لاستخدام الأسلحة الكيميائية في أي مكان ومن قبل أي كان وتحت أي ظروف سارعت إلى العمل الوثيق مع الأمانة الفنية للمنظمة لانشاء فريق لتقصي الحقائق للتعامل مع تلك الادعاءات لكن الدول الراعية للإرهاب على الارض السورية تمكنت ومنذ قيام فريق تقصي الحقائق بزيارته الأولى من حرف مهمته عبر دفع أدواتها على الأرض لتهديد سلامته وأمنه وإعاقة قيامه بعمله مباشرة وبالتالي منعه من زيارة المواقع التي ادعى بوقوع حوادث استخدام للأسلحة الكيميائية فيها وجمع العينات منها ومقابلة الشهود والاستعاضة عن ذلك بالقيام بهذه التحقيقات عن بعد في دولة مجاورة ومن خلال وسطاء مشبوهين على صلة وثيقة بالمجموعات الإرهابية المسلحة على غرار “منظمة القبعات البيضاء” مما قوض مصداقية ومهنية تلك التحقيقات وقاد الفريق إلى التوصل إلى استنتاجات خاطئة لا تستند إلى أي أدلة مادية ملموسة.

وقال الصباغ “لقد عبرت الجمهورية العربية السورية مرارا عن قلقها العميق إزاء استغلال بعض الدول الغربية تقارير فريق تقصي الحقائق لخدمة أجنداتها السياسية وذلك حينما لجأت تلك الدول إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لإنشاء آلية تحقيق مشتركة “جي اي ام” لتحديد المسؤولية عن حالات الاستخدام التي خلصت إليها استنتاجات تقارير هذا الفريق.

وأضاف “وعلى الرغم من التعاون السوري الكامل معها والمحاولات الحثيثة التي بذلتها روسيا الاتحادية لتحسين طرائق عملها فشلت آلية التحقيق المشتركة “جي اي ام” في القيام بعملها بشفافية ومهنية وتقديم استنتاجات ذات مصداقية ما أدى في نهاية المطاف إلى قيام الولايات المتحدة بقتل تلك الآلية عبر التصويت ضد تحديث طرائق عملها وضد جعلها أكثر حرفية وموضوعية”.

وتابع الصباغ “إن اليأس الأمريكي دفع بصانعي القرار في واشنطن إلى التصرف خارج إطار القانون الدولي والشرعية الدولية واللجوء إلى العدوان المباشر على سيادة الأراضي السورية سواء بشكل منفرد في نيسان 2017 أو من خلال عدوان ثلاثي انضمت إليها فيه بريطانيا وفرنسا في نيسان 2018 بعد أن استبقته بحملة مزاعم كاذبة ودون انتظار نتائج التحقيقات التي كانت تجري وبالتوازي عملت الولايات المتحدة الأمريكية على تكليف فرنسا بالدعوة إلى ما سمتها “مبادرة لمنع الافلات من العقاب” وذلك في التفاف واضح على عمل كل الهيئات الدولية المعنية بهدف إيجاد آلية منحازة بامتياز لخدمة أجنداتها.

وبين الصباغ أنه حينما وجدت أن هذه المبادرة لم تحظ بالدعم الكافي لجأت إلى اسلوب التلاعب بنصوص وأحكام اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية وكلفت هذه المرة المملكة المتحدة لطلب عقد هذه الدورة الاستثنائية لمؤتمر الدول الأطراف بهدف تفويض مدير عام المنظمة بانشاء آلية لتحديد المسؤولية عن استخدام الأسلحة الكيميائية وذلك من خلال استخدام وتفسيرات إما انتقائية أو مجتزأة أو خاطئة لنصوص الاتفاقية وفي تجاوز واضح لمهام ومسؤوليات مجلس الأمن.

وشدد الصباغ على أن مشروع القرار البريطاني المقدم إلى هذه الدورة هو أحد الأدلة الواضحة على ذروة أساليب التلاعب والاستغلال فعلى الرغم من حجم التضليل المخيف الذي مارسته الدول التي تقف وراء هذا المشروع وتغليفه بشعارات وادعاءات زائفة إلا أن كل ذلك يجب ألا يضع غشاوة امام أعيننا جميعا لكشف الأهداف الحقيقية له والمتمثلة في خلق آلية جديدة غير شرعية وخطيرة تضمن لتلك الدول تقديم استنتاجات تخدم أهدافها.

وأكد أن عدم اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بفشل مشروعها التدميري في سورية دفعها إلى شن المزيد من الحملات الهستيرية المعادية لسورية وإلى ممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية لفرض وجهة نظرها وسعت إلى اتباع كل أساليب التهديد والترغيب والتضليل لتأمين الدعم اللازم لمشروع القرار البريطاني ووصل بها الأمر غلى حد التطاول على معايير القانون الدولي والاستخفاف بمؤسسات الشرعية الدولية بهدف وحيد وهو تشريع المزيد من العدوان على سورية وإيجاد غطاء قانوني لتبرير انتهاكها للقانون الدولي وقد يكون هناك دول أخرى مستهدفة أيضا الأمر الذي لا يهدد فقط أمن وسلامة الأراضي السورية وإنما الأمن والسلم الاقليمي والدولي لأنه سيخلق نموذجا خطيرا سيطبق على أي بلد آخر حول العالم.

وقال الصباغ “لقد كان حريا بتلك الدول التي سارعت للدعوة إلى عقد هذه الدورة الاستثنائية وتقديم مشروع قرار ضد دولة طرف في الاتفاقية أن تركز جهودها نحو الخطر الحقيقي الذي يهدد اليوم جميع الدول الأطراف وهو تنامي أعمال الإرهاب الدولي ووصول الإرهابيين إلى المواد الكيميائية السامة واستخدامها كسلاح مضيفا “إنه كان ينبغي على تلك الدول حشد الجهود الدولية وراء مواجهة هذا الخطر وتركيزها على تنفيذ احكام الاتفاقية الكفيلة بقطع الامدادات والدعم للمجموعات الغرهابية بما في ذلك حظر نقل وحيازة المواد الكيميائية السامة.

وأوضح الصباغ أنه كنا نتمنى أن تتجه حماسة هذه الدول نحو تحقيق عالمية الاتفاقية وتخليص منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة الكيميائية عبر إزالة ترسانة الأسلحة الكيميائية التي بحوزة “اسرائيل” إلى جانب غيرها من أسلحة الدمار الشامل الأخرى.

وأكد الصباغ في ختام البيان أن الجمهورية العربية السورية تدعو جميع الدول الأطراف إلى التعامل بكل حذر ومسؤولية مع الأوضاع التي آلت إليها أجواء العمل في منظمتنا ونناشد جميع الدول تحكيم ضمائرها واتخاذها لقرار حكيم وشجاع برفض هذه المبادرة الهدامة والتصويت ضدها حرصا على هذه المنظمة وصونا لمستقبلها وحفاظا على مصداقية عملها.