مساحة حرة

مواقع التواصل الاجتماعي في سورية.. “منصات للفبركة والتشهير”؟

باتت مواقع التواصل الاجتماعي في الأوساط السورية مؤخراً منابراً لإبداء الرأي سواء أكان سلباً أم إيجاباً، وفسحة للتعليق على تلك الآراء ومدحها أو ذمها، لكننا وبالتزامن مع ذلك بتنا نرى فيها أداة لنبش المشكلات الاجتماعية بطريقة لا تفضي إلى الحلول بل تزيد نيرانها اشتعالاً، فالسؤال هنا، هل يستخدم السوريون “السوشال ميديا” بشكلها الصحيح؟!

منصات للتشهير

البعض ممن يمتلكون صفحات خاصة بهم تحتوي على عدد لا بأس به من المتابعين باتوا يستخدمونها كمنصة للتشهير بمن يمسهم قولاً وفعلاً متجاهلين أن المحتوى هو عام لا خاص، ومقدم لشريحة من رواد “السوشال ميديا”، بالمقابل فالجانب المشهر به هو العنصر المغيب في المشكلة والذي لا يمتلك صفحة على “فيسبوك” مثلاً يستطيع من خلالها الرد على من شهر به أولاُ.

أحد البائعين بالمفرق في طرطوس يروي لنا عن مشادة كلامية جرت بينه وبين بائع الجملة الذي يشحن له محله بالبضائع، ليصدم بائع المفرق بعد أيام من ذاك الخلاف أن بائع الجملة قد نشر منشوراً على صفحة منتوجاته العامة ذم فيها الأول، متهماً إياه بالغش والاحتيال، وقد لاقى المنشور رواجاً بين “المتصفحين” مما انعكس سلباً على مصالح بائع المفرق، وهذا التصرف ليس حكراً على التجار أبداً، فاستخدام صفحات الفيسبوك والانستغرام وغيرها تنسحب أيضاً على التشهير بالفنانين والكتاب والشخصيات المثيرة للجدل في مجتمعنا بشكل عام.

تصريحات مفبركة

أحد الصحفيين نشر على صفحته الشخصية تصريحاً لمسؤول وكان الأول قد أخذه نقلاً عن مقابلة إذاعية أجراها الثاني، لكن الصحفي وقع في خطأ نقل التصريح بصيغته الخاصة لا كما جاء بالعامية على لسان المسؤول مما استفز المواطنين الذين قرأوا الخبر وهذا طبعاً بعد أن تدولته أغلب الصفحات النشيطة فقط في النسخ واللصق دونما تحقق من صحة ماجاء في الخبر، وهذا ما استدعى العودة للتواصل مع المسؤول بغية توضيح فكرته التي أوصلتها مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مغلوط أثار استياء في الأوساط واستنكاراً لمحتواها الغير واضح.

ناهيك عن فوضى الأخبار وهذا ما تشهد عليه فترات احتدام المعارك في الجبهات السورية، فهنا تبدأ المسابقة بين من هم في منازلهم لا يعلمون عن الحرب إلا صوت رصاصها البعيد، يهمون لتحرير مناطق وحصار مناطق كما يحلو لهم، لكن هذه الفوضى لم تكن طويلة الأمد فقد كان يحسمها البيان العسكري في نهاية المطاف.

ماركات خلبية

وظف البعض مواقع التواصل الاجتماعي في خدمة التجارة، فصفحات هنا ومجموعات هناك استعرضوا فيها بضائعهم المختلفة، و”الحكي ببلاش” فقبل كل صورة هناك سطران من المديح بجودة المعروض والتفاني في طريقة إيصاله للزبون، هذا الزبون ذاته الذي يصدم بشكل القطعة حين تصبح بين يديه، فغالباً هي لا تشبه الصورة أبداً، والجودة التي أطال البائع حديثه عنها على الانترنت هي جودة خلبية.

وفي نهاية المطاف، لعل الداء الأكبر والفجوة التي تقف بيننا وبين حسن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي هي فجوة “التسرع”، تسرع في نقل الخبر ونسخه ولصقه وتداوله وترويجه ليصل إلى شريحة أكبر قبل التأكد من صدق محتواه، مما يحدث بلبلة لا حل لها إلا التروي.

 

رماح اسماعيل