ثقافة وفن

يوميّات تفاعلية حرَّة (2)

 

د. معن النقري

السبت 17/11/2012 نهاراً:

سأعمد إلى تسجيل وتوثيق كثير من القضايا الهامة والمبتكرات التي لم تسنح الفرصة بتسجيلها سابقاً، ولاسيما منها قضايا لغوية ولسانية، والتي كان آخر تجليّاتها أول البارحة مع أحدهم، حيث عبَّرْتُ عن افتراضاتي في خصوص لغويات لفظةِ الحوت ß النون ß القيطْس وتبعات ذلك: يونس = ذو النون ß اليونان (كأن: تقول يونس ذو النون أو المنوَّن أو المُيَنَّن…) وكذلك القيطْسْ ß قيطْسْ ß قيْطْ ß كِيْتْ (في ولدى الانتقال إلى الفونيتيكا الأوروبية) ß ومن قيط = كِيْتْ أتتْ، على ما أفترض، هذه الكلمة الروسية بمعنى حوت، ومنها – أفترض – اشتُقت كلمةٌ أخرى هي «كِتايْ» اسم الصين باللغة الروسية، كأنك تقول البلد الكبير «الحوتي» (بحجم الحوت ضخامةً) أي كأنك تقول الكيتيّ أو القيطي أو «القيطسي» (رجوعاً إلى الأصل العربي الكلاسيكي)، مع إمكان افتراض بُعْد آخر للتسمية – عدا ضخامة الحوت – هو أيضاً وفرة وغزارة الحيتان في المحيط الهادي وعلى مقربةٍ من سواحل الصين في ذلك الزمان الذي واكَب نشوءَ الكلمة / المفهوم باللغة الروسية إذ لا يُستغرَب وفرة الحيتان هناك زمناً ما، ما دامت لا تزال وفيرةً وخزاناً غذائياً كبيراً في اليابان ولدى اليابانيين في المحيط الهادي ذاته غير بعيدٍ عن الصين وحتى الآن.

السبت 17/11/2012 نهاراً

من عناوين تُصادفها في صحافتنا هذه الأيام إعلان مديرية المسارح والموسيقا / المسرح القومي في اللاذقية عن تقديم مسرحية «سندريلا وأخواتها».. وقبل هذا منذ أيام في خطاب حسن نصر الله كلام حول «أيوب وأخواتُها وإخوانُها…» وشيءٌ كثير كهذا حول القضية أو المادة كذا (×) وأخواتها التي شاعت كثيراً في صحافتِنا ووسائطنا، لذا توجَّب التنبيه والتذكير أن هذا كلَّه هو ترداد وأصداء ما أسَّسْتُ وبدأتُ أعرفه وطقوسَه في دراستي  المنشورة في مجلة «المهندس العربي» العدد 271 قبل الأخير من أواخر العام الماضي وبدايات العام الحالي بعنوان «نحن والمعلومات وأخواتها» الذي ذهب عُرْفاً وأسلوباً تعبيريّاً في مجالات وميادين عديدة مختلفة، بل بات بعضُهم مؤخَّراً، وبصورة أحدث، يُنظّر في فلسفة العنوان وطريقة صياغته وتأثيره وقبضه على «رأس» المسألة: العنوان في الصحافة والخبر الصحفي بمثابة الرأس: هكذا ورد عند حسين إبراهيم في صفحته الأسبوعية في جريدة تشرين حول الوسائط media وهكذا وردَ لدى آخرين أيضاً.

السبت 17/11/2012 نهاراً – تابع

وقد لاحظت أن النشر في الدوريات يضمن الانتشار والتأثير أكثر من نشر الكتب بوضوح، إذْ أن فكرة «المعومات وأخواتها» منشورة عندي في كتب وفي أماكن معتبرة منذ سنوات لكنَّها لم تأخذ طريقها إلى الانتشار حينها كما فعلت الآن مع النشر في مجلة دورية هي «المهندس العربي» التي تصدر بعشرات آلاف النسخ ولا بد أن تجد سبيلها إلى المهتمين وأصحاب الشأن على اختلاف مَشاربهم واهتمامتهم.

وقد سبق ذلك نماذج عديدة من عناويني وعباراتي التي ذهبت مثلاً أو عرفاً أو طقساً كتابياً أو أسلوباً…إلخ، قد أجد الوقت لاحقاً لرصدها وتثبيتها وتوثيقها مع البيان اللازم، من ذلك مثلاً دراستي بعنوان «شؤونُ الطاقة وشجونُها» في مجلة «الشبكات» «الأكاديمية» الفصلية والتي صارت شؤوناً وشجوناً في سائر الميادين بعد ذلك وعلى مدى سنواتٍ وحتى الآن منذ صدورها أواسط أو أواخر التسعينيات؛ آخر استخدام لهذه الشؤون والشجون، كمثال عابر وبسيط من أمثلة يصعب حصرها، عنوان زاوية عبد الكريم الناعم في جريدة البعث مؤخراً – الصفحة الأخيرة – وهو باختصار وبساطة «شؤون وشجون» تماماً !! وإنْ يكُ المقصود فعلياً ورمزياً – على ما أعتقد – هو التذكير المسؤول بدراستي حول شؤون وشجون الطاقة، وأكثر من ذلك التثبيت المسؤول لشعوري القويّ في الأسابيع القليلة الماضية، من غير توثيق ذلك أو كتابتهِ، بصِلة الأحداث السورية المأساوية بقضايا الطاقة وشؤونها وشجونها، ليس فقط بالمعاني المتعارف عليها، بل وبالمعنى المذكور في دراستي تلك، وكذلك في دراساتي الأخرى حول الموارد الطبيعية الأخرى الكثيرة التي تشارك بحوث الفضاء والاستشعار عن بعد في رصدها واستكشافها سرَّاً في أكثر الأحيان، فتتحول إلى مؤامرات وانقلابات وتغيير أنظمة دون أن يَفطن أحد إلى الأبعاد الخفيّة المستترة وراءَ ذلك فعلياً وبلا تصريح أو توضيح للصلات والروابط السببيَّة بين بعض الاكتشافات الهامة والتغييرات الاجتماعية – السياسية في أماكن ومكامن هذه الثروات الطبيعية [تجد ذلك في كتابي: الطاقة والفضاء والعالم النامي – دار الشام القديمة 2000: في فصل استراتيجيات فضائية، ولاسيما: الاستراتيجية الأميريكية في مجال الفضاء…].

ومن النماذج الأُخرى التي ابتدعتُها فتعمَّمت: الهرولة: بَدأتُها بالحديث عن «الهروْلة» إلى نقل التكنولوجيا بدلاً من استيعابها وابتكارها وإنتاجها…إلخ، فإذا هي بَعْد حين قصيدة «المهرولون» لنزار قباني، ثم بعد حين آخر محور الجدال والنقار الرئيس في جلسات القمة العربية في عمَّان/ الأردن، ولاسيما بين عمرو موسى والملك حسين:

عمرو موسى: إنكم تهرْولون إليهم… (الغرب… إسرائيل..)! الملك حسين: لا أعرف من الذي هرول أولاً إلى اتفاقات كامب ديفيد…إلخ بتصرّف.

السبت 17/11/2012 نهاراً – تابع:

هذا النهج في الكتابة ريادي بمعنىً ما، لذا فالمتعة أكيدة في اختِطاطِهِ وانتهاجِه عدا الفائدة. ونهجٌ كهذا أوْ خطّ تجديديّ بهذه السِّمات سيحتاج مزيداً من الإنضاج والبلْورة والمعالجة/ التثقيف أصلاً.

منَ الكلمات / المصطلحات / المفاهيم التي استخدمتُها تأسيسيّاً بأبعاد فكرية وعلمية ومنطقية ثم صارت واسعة الانتشار والتداوُل بهذه الأبعاد العميقة جميعاً، وليس بالبعد السطحي المباشر، مصطلح المركَّب، وذلك بَعد استخدامي له من بدايات الثمانينيَّات في حقول معرفية ومنطقية واسعة شاسعة، وإذْ أنني منذ ذلك الزمن نهجْتُ سبيل التعريف بالمنْهج المركّب والمدْخل المركَّب(المقاربة المركَّبة)..إلخ. فصار هذا المركَّب على كل لسانٍ ثقافيّ الآن وحتى هذه اللحظة، مع العلم أنني واظبتُ واستدمْتُ على استخدام ونشر مصطلح المركَّب على مدى العقود الثلاثة الأخيرة الماضية بحيث يجوز الكلام على تشكُّل ذخيرة/خزينة/ من مفاهيم المركَّب الرديفة الغنيّة الواسعة: كلمة المركّب وأخواتُها.

من مؤشّرات تفريق عنوان «انطباعات واستيحاءات إعلامية/صحفية» عن عنوان «يوميَّات مفْصلية حرة» ليس فقط صلة الأولى بالإعلام والصحافة حتى ولو بخيطٍ شفيف، بل وكون الثانية على صلةٍ بابتكارات لم تنتشر بالضرورة أو تجد طريقها إلى الإعلام والخبر، لكنها تتمتع بأهمية معرفيّة أو ثقافية أو علمية وفكرية …إلخ.

كلمة شفيف من تلك التي أتذكّر جيداً أنها كانت مغْفلة غافية وغيْر حاضرة عربياً قبل أن أختطَّ نهْجَ ابتكارِها أو إحيائِها من رماد كمعنى ممكن لغوياً، ثم صارت واسعة الانتشار، ومثلها كلمة يَشي التي هي من صلب اللغة وقواميسها ومرجعياتها لكنَّ استخدامي لها فقط هو الذي  بعثها من جديد وأحياها أو أيقظها من سُبات، وعلى العموم أزعم – انطلاقاً من التجربة الواقعية والحقيقيّة أساساً وليس من شيء آخر – أن كثيراً جداً من الكلمات والمصطلحات والأعراف  اللغوية والأساليب التي أَخْتطُّها وأنهجُها تنتقل بسرعة البرق إلى ساحة الاستعمال والانتشار حتى لو كانت غائبةً تماماً قبل تبنِّيَّ لها كتابةً ونشراً، بل وحتى لِمجرَّدَ استخدامي لها بأي صورةٍ كانت شِفاهاً – أحلاماً – خواطر – تيارَ أفكار وصُوَر…إلخ.

وسأوضح هذه الجوانب بمزيدٍ من الحالات والأمثلة والنماذج لاحقاً وعلى نطاقٍ واسع للتعريف وتبرئة الذّمّة تجاه تجارب ووقائع حقيقية لم تدخل ساحة الوعي وفهم الممارسات الشفيفة الراقية حتى الآن وعلى الإطلاق تقريباً، من هنا أهمية وفائدة واستثنائية تجربتي الكتابية الحالية في اليوميات الحرّة والانعطافيّة / المفتاحية/ المحورية/ المفصلية، وضرورة نقل وتغميم هذه التجربة للتنوير وتعميم الوعي بها.

***

الخميس 22/11/2012 ظهْراً:

– 1 –

في اليوم التالي (أي الأحد) من تسجيلاتي الأخيرة (أي السبت في 17/11/2012) كانت الكلمة اليومية لنصر الله مساءً في الساعة 8، وقد رفد ملفَّ تسميات العناوين بلفْتةٍ إضافية هي «العنوان المفْتاحي» أي أن العنوان – المفتاح سمةٌ وتسميةٌ أخرى ممكنة أيضاً في ذاك المجال.

 

– 2 –

من برامج مجلة «روسيا اليوم» الفضائية كان منذ أيام برنامج «تُحَف على عجلات» والذي حمل أبعاداً رمزية أخرى غير عجلات السيارات «الأنْتيكا»، وذلك بالنظر لمعنىً آخر هو العجلة أي السرعة وبالتالي فالرَّمز المكنون أمكن أن يصبح: تُحَفاً على عجلة /أي بسرعة/ أو على الماشي بتعبير آخر، مما ينطبق – حسب تقييمي – على تجربتي الكتابية لهذا العام: منذ كتاب «من دفاتر الستينيَّات» الصادر أخيراً وحتى ممارستي الآن.

– 3 –

المحاور والموضوعات المطروقة هنا قابلة للمعالجة عادياً، أو بتقليصٍ وانضغاط، أو بتمديدٍ واسترسال واستطراد بحدود واسعة، وأعتقد أن بداية هذه التجربة الكتابية في معالجة محاور ومفاصل عديدة وكثيرة جداً قد تضطرني إلى الاكتفاء بالتلميح وإثارة المسائل فقط في البداية باقتضاب، مع إبقاء الباب مفتوحاً على إمكان الاسترسال والتوسِعة في أي وقت لاحِق عندما توضع الأسس والأركان العريضة للمحاور والمفاصل الأكثر أهميةً وإلحاحاً.

– 4 –

في جريدة الثورة / دمشق لعدد البارحة في 21/11/2012 ص23 – عرض الكتب، لَفَت انتباهي تماماً عرض كتاب تحت عنوان «فلسفة وإشكاليّات» وممّا ورد فيه تعريف بكتاب «المشكلات الفلسفية عند ابن حزم والبصري وابن رشد» لمؤلفه الدكتور بركات محمد مراد بشأن الحوار، وترد مجموعة من المترادفات المتشابهات للتعبير عن هذا الحوار منها: الجدل والجدال («يجادل»)، آداب الجدل العامة والخاصة عن ابن حزم الأندلسي، و«الجدل والمناظرة» في طريقته، الشروط والآداب العامة والخاصة «للمتناظرين» الممثلة لجوهر «المجادلة»…. المناظَرة، المجادَلة… وقد أعجبني تماماً تطرُّق كلاسيكييِّ العرب وتراثهم لهذا الموضوع. وكافة المعلومات الواردة هنا تعكس جزءاً من رأيي في هذه المسألة بالذات مما سجَّلْتُه منتصف الستينيات ونشرتهُ مؤخراً في كتابي «من دفاتر الستينيّات» في الجزء الأول ص25-26.

– 5 –

على مدى السنوات الماضية كنتُ قد استخدمتُ كثيراً تعبير المحوري قبل المفصلي والمفتاحي والانعطافي، أمثال: نحن والاتجاهات المحورية في عصرنا الراهن، ومحاضرات عديدة وفي أماكن كثيرة من سورية حول المحورية هذه، وقد عدْتُ وفطنْت لذلك عندما شاهدتُ في قناة ال- BBC بالإنكليزية برنامجاً مطوَّلاً تحت عنوان عريض، ويبدو أنَّه هام، هو HUB ولم أصادف هذه الكلمة من قبل وعند الاستعانة بالمعجم الأجنبي وجدتُ رسماً توضيحياً يُشير إلى محور العجلة في عربة واستنتجت أن اسم البرنامج يجب أن يكون المحور، بعيداً عن معاني الكلمة المحسوسة أصلاً والمحصورة كعادةِ كافةِ لغات العالم في معنى مِحور عجلة العربة الخشبيّة سابقاً، إذ يُفترَض أنها باتت المحور بوجهٍ عام وبمعنىً شامل.

وأُضيفُ إذاً مرادفَ المحورية لوصف هذه اليوميات والمذكرات كما وصفتُ به سابقاً ومنذ سنين الاتجاهات وغيرها، وقد وجد أصداءَه حينها على ما يبدو دون انتباهي أو توثيقي، ولكنه يعود إليَّ مجدداً بصورة غير متوقَّعة هنا.

الجمعة 23/11/2012 مساءً

-حجارة سجِّيل: رمز حرب غزة الأخيرة ← وصِلة ذلك بتفسيري لحجارة سجِّيل في حَرب الفيل في القرآن: مشاركة الأضعف والأصغر كمقدمة ومرحلة أولى مفْتَرضَة تحسم المعركة منذ البدايات.

–  شعبية تعبير: دروس وعبَر

–  الاتصالات قديماً وتفسيراْ: الإسراء والمعراج * يا سارية الجبل.

–  برنامج الآن ساْ 9 مساءً في التربوية السورية حول البيئة والتوازن البيئي في الطبيعة… إلخ. يشارك فيه د. علي البُراقي مِن كلية الزراعة ود.دارم الطباع مسؤول في جمعية حمايةِ الحيوان دولياً. وقد أَوْضَح د.دارم بنجاح ما سبق أنْ ذكرْتُه في نهاية مقالي المنشور حول “فرنسيس بيكون والعصر” في جريدة البعث حديثاً وأثَر الإنسان الهدّام في الطبيعة والبيئة رغم هشاشتِهِما (البيْئيوِّن والتفكيكيّون).