دولي

روسيا في البلقان: طيفُ تنافسٍ استراتيجي

هدف السياسة الروسية الاستراتيجي في البلقان هو الحفاظ على مركزها في منطقتها الحضارية، والتي شملت تاريخياً المنطقة السلافية الجنوبية، وتتضمن تلك التكتيكات خلقَ بيئةٍ مريحة للشركات الروسية (وخصوصاً تلك التي تعمل في مجال الطاقة) وموازنة نفوذ الناتو في المنطقة، وعلى المدى البعيد، قد يكون الهدف التكتيكي إدراجاً كاملاً أو حتى شروعاً في حلٍّ متعدد الأطراف لـ “قضية البلقان” عبر تنظيم مؤتمر دولي.

وقام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 17 كانون الثاني بزيارة رسمية لصربيا، وكان أكثر المواضيع إثارة للاهتمام في جدول أعمال الزيارة هو التأثير المحتمل على المحادثات بين بلغراد وألبان كوسوفو بشأن وضع كوسوفو، وقدّم بوتين في خطابه الرسمي نقطتين بخصوص هذه القضية، أولهما أن أي مفاوضات واتفاقات تتم بين بلغراد وبريشتينا مسألةٌ ينبغي أن يقررها الطرفان، وينبغي أن يشعر الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش بالراحة تجاه هذه النقطة، والنقطة الثانية هي أن القرار يجب أن يتم “على أساس قرار مجلس الأمن رقم 1244″، وهو أمر لا يحبذه فوسيتش، فقد أُثير احتمال توقيع اتفاق بشأن ترسيم الحدود بين كوسوفو وصربيا (تبادل أراضي) مراراً منذ عام 2018، ولكن هذا يعني انتهاكاً لقرار مجلس الأمن، ومع ذلك، وبحلول نهاية عام 2018، واجهت المحادثات بين بلغراد وبريشتينا طريقاً مسدوداً، وشرَع الرئيس الصربي يُعلن أن قضية كوسوفو لا يمكن حلها حالاً “هنا والآن”، وحالياً، يُعدّ سؤالاً بلاغياً ما إذا كان سبب ذلك اتفاقاً مع موسكو أو لأغراض سياسية داخلية بحتة، ومن المرجح أن تظهر الإجابة بحلول ربيع عام 2019.

رسمياً، ركز الجزء المفتوح من الزيارة على الاقتصاد، رغم أن الاتفاقيات وبروتوكولات إعلان النوايا الموقعة من الجهة المالية ليست بتلك الأهمية، حيث ستبلغ 600 مليون يورو في المستقبل وهي الآن 200 مليون في الحقيقة، للأسف، فشل الجانبان في التوصل من خلال زيارة الرئيس الروسي إلى اتفاقية في التجارة الحرة مع الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، ولصالح الشركاء الأوروبيين لصربيا، كما يوفر عددُ ونوعية الاتفاقات الموقعة لبروكسل فرصةً لإظهار مدى وضوح الدور الاقتصادي لروسيا في المنطقة.

ومن منظور أخلاقي، فمستوى الاجتماع وحدَّته تُمكن الناتو والدول الأعضاء فيه من زيادة الضغط على بلغراد، وتعزيز التعاون العسكري الفني وقابلية التشغيل البيني، وإطلاق حملة إعلامية ضد روسيا في المنطقة، ومن غير المرجح أن يكون لهذه الزيارة تأثير خطير على آفاق عضوية صربيا في الاتحاد الأوروبي، بل ستستخدم بدلاً من ذلك في توبيخ بلغراد في اللحظة المناسبة.

الكاتب: إيكاترينا إنتينا

عن موقع “فالداي”

ترجمة: علاء العطار

http://valdaiclub.com/a/highlights/russia-in-the-balkans-the-shadow-of-strategic-riva/