سلايدمساحة حرة

السّجن الكبير!

مازالت ممارسات رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان مثار سخط عالمي يستنكر المقصلة الجائرة بحق الشعب التركي، فجاءت محاولة الانقلاب ضده لتكون ذريعة للتمادي في طغيانه الذي لم يتوقف عند كم الأفواه وكبت الحريات على مختلف الصعد، ومن مختلف الأوساط الصحافية والحقوقية والثقافية، بل تعدّى ذلك، إلى أن يطال شخصيات سياسية وحزبية حاولت التعبير عن رأيها، وهو ما تبدّى في إصدار النظام التركي، مؤخراً، حكماً ضد الرئيس السابق للحزب الديمقراطي الشعبي، فيجن يوكسكداك، بالسجن لمدة سنة ونصف بتهمة إهانة أردوغان.

الرجل العثماني نسف خلال حكمه المسار التي حاولت السياسة التركية، في مرحلة ما، اتّباعه، من خلال تصفير المشاكل أو الأعداء، وخلق بسياساته الفاشلة الأعداء من كل حدب وصوب، وحتى من داخل البيت التركي.

سراب أحلام السلطة لأردوغان ما زالت تلاحقه ومازالت هواجس السيطرة تطبق عليه، لدرجة أن أي تحرك من أي نوع كان، وحتى إن كان جملة نقد على مواقع التواصل الاجتماعي، تكون كفيلة أن يجند لها عناصر الأمن لملاحقة من كتبها ومحاسبته بتهمة إهانة أردوغان، ممارسات غير مسبوقة جعلته يتبوّأ مكانة “الأسوأ في العالم”، حين حاز مطلع العام الفائت على المركز الأول في فئة زعماء العالم الذين لا يتحملون الانتقاد.

مؤخراً، نشر مركز ستوكهولم للحريات، تقريراً فضح خلاله مدى التضييق الإعلامي الذي يمارسه النظام التركي على الصحافة التركية والشعب التركي عموماً خلال العام المنصرم، حيث قام بحذف آلاف المقالات وتشديد المراقبة على منصات التواصل الاجتماعي.

وأوضح التقرير أن عدد المقالات التي حذفتها السلطات التركية من الإنترنت وصل إلى 2950 في سنة 2018 وحدها، مشيراً إلى أن السلطات حظرت 77 تغريدة على موقع “تويتر”، و22 تدوينة و5 مقاطع فيديو في موقع “فيسبوك”، و10 مواقع إلكترونية.

يأتي هذا التقرير بعد عشرات التقرير التي تحذر من الوضع المقلق للحريات في تركيا التي يعاني فيها ما يقرب من ثلث عدد الصحفيين المحبوسين على مستوى العالم أقسى أنواع القمع الممنهج.

الأمر الذي دفع منظمة العفو الدولية لدق ناقوس الخطر في تركيا، واصفة إياها بالسجن الكبير، مؤكدة على ضرورة توقف تركيا عن استخدام حالة الطوارئ كذريعة للتضييق على الصحفيين والمعارضة والحقوقيين وقادة المجتمع المدني.

وأتت التصريحات الزائفة التي أطلقها أردوغان مؤخراً في قضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي لتكشف مدى الازداوجية والتناقض لديه، ففي الوقت الذي ينادي بحرية الصحفيين والدفاع عنها خارج بلاده، هو يمارس أسوأ انواع الكبت والتضييق داخلها.

ورغم الانتقادات الدولية الكثيرة والمتكررة لسياسات أردوغان، إلا أن ذلك لم يزده إلا استبداداً بالشعب التركي الذي أصبح أسير معاناته تحت وطأة الاعتقالات والترهيب السياسي والاقتصادي بكافة أشكاله.

البعث ميديا- هديل فيزو