اخترنا لك

حرس الثورة على قائمة الإرهاب .. الصهيونية والاستغلال البشع لجنون ترامب

 

يبدو لأن نوبات الجنون ما انفكت تُطبق على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بعد أن كانت تنتابه بين حين وآخر، فلا يكاد يخرج من نوبة حتى يدخل في أخرى، وزاد من توالي هذه النوبات، فشله في تحريض العالم ضد الجمهورية الإسلامية في إيران، بعد قراره الأخرق في الخروج من الاتفاق النووي.

قرار ترامب في نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، وقراره الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان، وقراره بالاعتراف بسيادة الكيان على الجولان السوري المحتل، وتسريب معلومات عن احتمال إصداره قرارا بالاعتراف بأجزاء من الضفة الغربية للاحتلال، كلها قرارات حصلت عليها الصهيونية العالمية من أمريكا مستغلة حمق ترامب ونوبات جنونه.

آخر نوبات الجنون الترامبي تمثلت في قرار إدراج حرس الثورة الإسلامية الإيرانية على لائحة الإرهاب الأمريكية، وهو قرار يعتبر إعلانا رسميا بعجز إدارة ترامب الغارقة بالفوضى، في مواجهة الجمهورية الإسلامية، بوصفها العمود الفقري لمحور المقاومة، الذي أفشل كل مخططات الإدارات الأمريكية المتلاحقة على مدى أربعة عقود، في منطقة الشرق الأوسط.

صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية كشفت، دون أن تدري، أن قرار ترامب حول حرس الثورة الإسلامية، جاء ضمن نوبات جنون الرئيس الأمريكي التي تُستغل صهيونيا، عندما ذكرت أن وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” و وكالة الاستخبارات “السي آي إيه”، شككتا في جدوى هذا الإجراء، الذي ينطوي على دلالات رمزية كبيرة بالنسبة لإدارة ترامب.

اتهم ترامب في قراره حرس الثورة الإسلامية بدعم “الإرهاب”، ومن المؤكد أن الإرهاب الذي يقصده ترامب ليس القاعدة ولا “داعش” ولا “النصرة”، ولا كل الجماعات التكفيرية التي تفرخت عنها، بل يقصد فصائل المقاومة التي تقارع الصهيونية والهيمنة الأمريكية كحماس والجهاد وحزب الله والحشد الشعبي، والأمر الذي كشف عنه وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، تعليقا على قرار رئيسه، عندما حمل حرس الثورة الإسلامية مسؤولية مقتل الجنود الأمريكيين في المنطقة، أي انه برأ ساحة الجماعات التكفيرية الإرهابية من دم الجنود الأمريكيين.

لسنا نحن من يتهم أمريكا بأنها هي التي صنعت القاعدة وما تفرع منها حتى الآن، بل إن الأمريكيين أنفسهم هم الذين من كشفوا عن هذه الحقيقة، فالجميع يتذكر، في ذروة الحملات الانتخابية في أمريكا، عام 2016، عندما نشر موقع “غلوبال ريسيرش” الأمريكي مقطع فيديو للمرشحة هيلاري كلينتون، وهي تعترف أن الجماعات التكفيرية، التي تقاتل الآن في العراق وسورية والمنطقة، هي جماعات مولتها أمريكا منذ 20 عاما، وقد أتت بها أمريكا من العديد من دول العالم وعلى رأسها السعودية لهزيمة الإتحاد السوفيتي السابق.

رغم أن قرار ترامب جاء رضوخا للصهيونية العالمية، وإرضاءً لليمين الأمريكي المتصهين، ولقاعدته العنصرية، قبيل بدء الحملات الانتخابية الرئاسية في أمريكا، في تشرين الثاني القادم، جاء كذلك دعما لرئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو، الذي تلاحقه الفضائح وهو على أبواب الانتخابات “الإسرائيلية”، إلا أن إيران، ومن اجل تحويل قرار ترامب، لحبر على ورق، ردت فورا وبدون إبطاء، بإدراج القيادة المركزية الأميركية، وكل القوات المرتبطة بها في غرب آسيا، على لائحتها للإرهاب، وبذلك ستتحول حياة القوات الأمريكية في هذه المنطقة إلى كابوس، في حال تجرأت وهددت الأمن القومي الإيراني للخطر، وهو أمن ما كانت أمريكا لتتركه هكذا، لولا علمها أن التعرض له سيكون باهض الثمن جدا.

من الواضح جدا أن قرارت ترامب الجنونية، تصب في مصلحة الصهيونية العالمية أكثر منها في مصلحة أمريكا، بل إن أكثر هذه القرارات على النقيض من المصلحة الأمريكية، فهي عادة ما تأتي بأوامر من الصهيونية العالمية، فهذا نتنياهو يخاطب ترامب، بعد إعلان الأخير قراره حول حرس الثورة الإسلامية، قائلا :”شكراً أنك استجبت لطلب مهم لي باعتبار الحرس الثوري منظمة إرهابية”، فالقرار جاء استجابة لطلب صهيوني وليس حاجة أمريكية، الأمر الذي يفسر رفض البنتاغون و”السي اي ايه” القرار لما فيه من مخاطر على المصالح الأمريكية.

على عقلاء أمريكا الحذر من تداعيات استغلال الصهيونية العالمية لجنون ترامب، فالرجل اثبت، ومنذ دخوله البيت الأبيض، أنه لا يعاني من عدم اتزان نفسي فحسب، بل جنون صريح حوله إلى لعبة بيد منفذي السياسة الصهيونية في البيت الأبيض، ويكفي مشاهدة فيلم حفل توقيع ترامب على قرار الاعتراف بالسيادة “الإسرائيلية” على الجولان السوري المحتل، مرة واحدة، للوقوف على هذه الحقيقة، حيث يظهر الفيلم ترامب وهو محاط بمجموعة من عتاة الصهيونية، أمثال نتنياهو، ونائب الرئيس الأمريكي الإنجيليي مايك بينس، ووزير الخارجية مايك بومبيو، وسفير ترامب في الكيان الصهيوني ديفيد فريدمان، وصهره جاريد كوشنر، وعندما ينهض ترامب بعد توقيعه على القرار ويهم بالانصراف، يقوم نتنياهو بسحبه من ذراعه ليوقفه، من أجل أن يُدلي بتصريح، فاستجاب ترامب دون أي اعتراض، على عكس ما هو معروف عنه من صلف ووقاحة وعنجهية، فالعالم كله شاهد كيف قام بدفع رئيس وزراء الجبل الأسود، دوتشكو ماركوفيتش، بخشونة ليحل مكانه في الصف الأول خلال مشاركته في قمة حلف الناتو، في بروكسل عام 2017، فعلى هؤلاء العقلاء أن يعلموا أن مثل هذه القرارات لا قيمة لها على الإطلاق، ولن تغير من واقع الأشياء على الأرض، وإنها ستموت برحيل ترامب عن البيت الأبيض، هذا إن لم تكن قد ماتت فعلا، إلا أنها ستعرض مصالح أمريكا، لا محالة، للخطر، الأمر الذي يتطلب وقف نتنياهو والصهاينة المحيطين بترامب، ومنعهم من استغلال جنونه قبل فوات الأوان.

نقلا عن موقع قناة العالم: لـ ماجد حاتمي