مساحة حرة

 انتصارات خان شيخون ليست النهاية

لم يكن انتصار خان شيخون والريف الشمالي لمحافظة حماه ومحاصرة النقطة التركية التاسعة في مورك هو الهدف النهائي من المعركة التي يخوضها الجيش العربي السوري في الشمال السوري، بالرغم من أهمية هذا الانتصار ودلالاته العسكرية والسياسية على المستوى الاستراتيجي العسكري والسياسي، ونجاحه المتميز والسريع من خلال تنفيذ خطة تكتيكية محكمة وذكية كمرحلة أولى، بل جاءت المعركة العسكرية بأبعادها المختلفة كضرورة حتمية لإنهاء حالة المراوغة والتسويف التي يقوم بها النظام الإخواني في تركيا، وضع حد لاعتداءات التنظيمات الإرهابية وخروقاتها المتكررة لكل الاتفاقات بدعم مباشر من نظام أردوغان، وبالتالي إنهاء بروبغندا اللعب على وتر التناقضات في المنطقة، بعد ان تم كشف زيف الدور التركي الضامن الذي حددته اجتماعات أستنة واتفاقات سوتشي مع الجانب الروسي والإيراني، والذي فهمه رئيس النظام التركي وعمل على أنه ضامن لحماية أدواته العميلة من التنظيمات الإرهابية المتواجدة في تلك المنطقة واستمراره في دعمها بكل وسائل البقاء والحياة حتى تحقيق أهدافه العدوانية الخبيثة ضد سورية، بما يخالف جوهر الاتفاقات بين الاطراف الثلاثة وقرارات مجلس الامن الدولي ذات الصلة،الذي يتطلب من الجميع العمل المشترك لضمان وحماية وحدة واستقلال سورية أرضاً ودولة، لكن الكاذب لن يستطيع إخفاء كذبه إلى ما لا نهاية، فإن كل هذا اللف والدوران والمماطلة التي يُمارسها النظام التركي في تنفيذ ما اتفق عليه مع الشركاء في اجتماعات الأستانة وسوتشي، جعل الصورة واضحة ولا لبس فيها أمام القيادة الروسية، ولم يعد من المناسب السكوت عن هذا الدور التخريبي المتعمد الذي يُمارسه أردوغان رغم كل الفرص التي منحت له، لذلك كان الدعم الروسي في أعلى مستوى للحملة العسكرية من اجل فرض اتفاقات سوتشي بقوة سلاح بواسل الجيش العربي السوري.

السؤال الذي يفرض نفسه بقوة بعد هذه الانتصارات العظيمة التي حققها الجيش العربي السوري في ريف حماه الشمالي وريف إدلب الجنوبي، هو : ماذا بعد خان شيخون ؟ وهل هناك احتمال لوقف الحملة العسكرية باتجاه إدلب ؟ وماذا بعد إدلب ؟

ردة الفعل الأولى لأردوغان على انتصارات الجيش العربي السوري ومحاصرة النقطة التركية في مورك اعتباره أن ذلك يسبب كارثة إنسانية ويهدد الأمن القومي التركي، وانه سيتناقش مع الرئيس الأمريكي ” ترامب ” هذا الواقع ولم يقل مع الرئيس لروسي ؟؟

لقد سبق وأكدنا في أكثر من مناسبة، بأنه لدى الجيش العربي السوري خطة محكمة بدقة وفق تكتيك مرحلي لتحرير كامل تراب سورية من العصابات الإرهابية بكل ألوانها وأشكالها ومن كل المعتدين الغاصبين للأراضي السورية من أي جنس أو دولة، بما في ذلك القوات التركية والأمريكية وغيرها المتواجدة على الأراضي السورية بشكل غير شرعي، ومن دون موافقة الحكومة السورية الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري، وهنا نذكر بأنه ليس أمام النظام التركي في هذه الأيام العصيبة سوى سحب جنوده المتواجدين في نقاط المراقبة المنتشرة على مساحة محافظة إدلب وريفها، وإلا سيُلاقون نفس مصير العصابات الإرهابية المهزومة أمام جحافل الجيش العربي السوري، ولو استدعى الأمر صدام مباشر بين القوات السورية المتقدمة والقوات التركية المحتلة، وإن استهداف الرتل العسكري التركي الذي حاول دخول خان شيخون لدعم التنظيمات الإرهابية، من قبل سلاح الجو السوري قبل وصوله إلى مبتغاه، هو رسالة واضحة المعالم والمعاني، بأن معركة تحرير كامل سورية قد انطلقت، ولن تقف عند حد معين حتى إنهاء اغتصاب كل شبر من الأراضي السورية، والرسالة بنسختها الأصلية موجهة إلى الأمريكي قبل غيره عله يستوعبها ويقوم بسحب قواته من سورية، وإن إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من قلب قصر الإليزيه بفرنسا دعمه غير المحدود للجيش العربي السوري في معركته المباشرة ضد الإرهاب وداعميه هو بمثابة إعلان مواجهة حتمية لكل من يقف بوجه الجيش العربي السوري في معركة التحرير الشامل.

إن صفقة ( المنطقة الأمنة) بين النظام التركي وأمريكا وحلفائها من أصحاب الطموحات الانفصالية التي تورط بعض مكونات الشعب السوري بتحالف عسكري جديد معادي لسورية بقيادة أمريكية – تركية – كردية، على حساب احتلال أجزاء من الأراضي السورية وتعقيد الوضع الأمني والسياسي في المنطقة، بحسب السيناريو المرسوم بحجة محاربة الإرهاب، و ضمان الأمن التركي، وهذا جزء لا يتجزأ مما يسمى (صفقة القرن) الخبيثة، هذه الصفقة مخالفة لكل القوانين والأنظمة الدولية وقرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بسورية، كما انها مخالفة للتوافقات الناتجة عن اجتماعات الأستانة وسوتشي التي كان شريكا فيها النظام التركي، وتستهدف أمن واستقرار سورية والمنطقة برمتها، لذلك لم ولن تنجح هذه الصفقات في ظل الانتصارات العظيمة التي يُحققها الجيش العربي السوري على الأرض وما يرافقها من تحولات جيوسياسية، وإن سورية اليوم أكثر عزيمة وصلابة على إسقاط المؤامرات المتجددة والصفقات الخبيثة وإنهاء أي شكل لوجود الاحتلال الأميركي والتركي وأدواته الإرهابية وغيرها وبسط السلطة الشرعية على كل أراضي سوريا والحفاظ على سيادتها ووحدتها أرضا وشعبا.

نؤكد ثقتنا كسوريين واجهوا حرباً كونية على مدى قرابة التسع سنوات متواصلة، بأن النصر الكبير حليفنا لأننا أصحاب حق، وحقنا مصان بهمة وبسالة وتضحيات الجيش العربي السوري البطل والقوات الرديفة والحلفاء المخلصون، كما تتعزز ثقتنا في كل يومٍ جديد بحكمة وشجاعة قيادتنا السياسية وعلى رأسها السيد الرئيس بشار الأسد، وتتصاعد عزيمتنا ويزداد ايماننا بحتمية تحرير كل شبر من تراب سورية الوطني مهما كلف ذلك من تضحيات غالية، وإن غداً لناظره قريب…

 

محمد عبد الكريم مصطفى