الشريط الاخباريسلايدسورية

معبر «البوكمال – القائم» أهمية استراتيجية وثمرة انتصار

بعد مد وجزر من المفاوضات أضحى معبر (البوكمال-القائم) بين الجانبين السوري والعراقي في الخدمة رسمياً، يوم الإثنين الماضي.

هذا المعبر الذي لم تبقى أي وسيلة اعلامية إلا وتحدثت عن الامكانيات الهائلة التي يمكن ان يقدمه للدولتين.

وفي سياق الحرب الارهابية التي شنت على سورية, من الواجب ربط أي انجاز بالتقدم العسكري الذي حققه الجيش العربي السوري والقوات الرديفة على مختلف جبهات القتال الممتدة على مساحة الجغرافية السورية وتحديداً (البوكمال).

ففي الـ 19 من تشرين الثاني عام 2017 تمكن الجيش العربي السوري من استعادة السيطرة على مدينة البوكمال “الاستراتيجية” من تنظيم “داعش” الإرهابي, بعد معارك عنيفة كبد فيها الجيش التنظيم الإرهابي خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد رسمت نهاية الطريق أمام حلم “دولة داعش”.

هذا النصر الاستراتيجي مكّن الدولة السورية من حصر وجود “داعش” في الجيب الممتد من شمال المدينة إلى جنوب الميادين، مع مساحات ضيقة غرب وشرق نهر الفرات، بخط طوله حوالي 60 كلم, يشمل قرى عدة، (منها: العشارة، أبو حمام، هجين، الجلاء وسوسة) على ضفتي الفرات, التي تقع تحت سيطرة ميليشيات “قسد” المدعومة من الاحتلال الأميركي.

وأتاح تحرير المدينة السيطرة على عقدة طرق تبدأ من جنوب المدينة إلى معبر التنف الحدودي الذي يبعد 200 كلم عن المدينة, إلى الشمال باتجاه الميادين ودير الزور, فغرباً حيث يتفرع من عقدة مواصلات الى الداخل السوري الى مدينة تدمر والى الطريق الدولي حمص – دمشق حتى الحدود اللبنانية الشرقية.

أما الخط الثاني ينطلق شمال غرب البوكمال باتجاه مدن الميادين، دير الزور، بحيرة الأسد فحلب.

الأهمية الاستراتيجية

هذا التشعب والامتداد الكبير لهذه المدينة سرّع وتيرة العمليات العسكرية في بادية الشام وريفي حلب وحماة, وصولاً إلى إدلب, ما أمن للجيش سهولة نقل العتاد والقوى والذخائر والتعزيزات, ووضع المناطق التي تنتشر فيها التنظيمات الإرهابية بكافة مسمياتها بين فكي كماشة, بخطة محكمة وقوية ارتسمت معالمها في التحرير والتقدم السريع ضمن المناطق التي سقطت تباعاً بيد الجيش, فضلاً عن كون البوكمال منطقة مرتبطة بدير الزور ومنطقة غنية بالبترول والغاز حيث تصب فيها الانابيب النفطية السورية.

وفي ظل الحديث عن المخططات الأميركية وأهدافها في حصار الشعب السوري جاء افتتاح معبر (القائم – البوكمال) ضربة موجعة للطموح الصهيوأمريكي الذي يعلم تماماً الأهمية الزمانية والمكانية لهذا المعبر.

الأهمية الاقتصادية

تحظى خطوة افتتاح المعبر بأهمية خاصة لدى الجانب السوري، لكونها تُسهم في فتح بوابة اقتصادية مهمة، تساعد في توفير الاحتياجات المهمة من المحروقات وسواها، بالإضافة إلى تنشيط حركة التصدير البري, بالإضافة لتخفيف آثار الحصار بشكل كبير، وتمكين سورية من توفير احتياجاتها الطارئة من مستلزمات إعادة الإعمار للمناطق المحررة، بالإضافة إلى المساعدة في دخول كميات من القطع الأجنبي إلى البلاد.

أما العراق بحاجة إلى الكثير من السلع والبضائع السورية، مع تأكيد رغبة رجال الأعمال العراقيين لدخول السوق السورية.

النقطة الأهم في افتتاح المعبر من الجانب الاقتصادي هو التواجد الثلاثي السوري العراقي الإيراني الحدودي المتداخل, وبالتحديد عند المحطة الثانية T2 التي تعتبر نقطة هامة لنقل النفط والغاز السوري من آبار دير الزور باتجاه وسط سورية والبحر, فسورية يمكن أن تؤمن معبراً لنقل الغاز والنفط من هذه الدول إلى أوروبا عبر البحر, وهذا ما سيتحقق بعد تحرير البوكمال واستكمال مشروع أنبوب الغاز الإيراني المتفق عليه بين حكومات كل من العراق وسورية وإيران “الاتفاقية وقعت قبل خمس سنوات”، و تقتضي بربط الدول الثلاث بخط نقل للغاز الإيراني إلى سورية عبر العراق، أنبوب النقل هذا من الممكن أن تضاف إليه موسكو أيضاً، ما يؤمن لها نقلاً للغاز عبر سورية إلى أوروبا.

ومجمل القول أن فتح المعبر سيؤدي إلى انتعاش الحركة الاقتصادية والتجارية في سورية والعراق.

أهمية سياسية

تكمن الأهمية السياسية لإعادة فتتاح المعبر في نجاح أطراف محور المقاومة بتجديد التواصل الجغرافي فيما بينها، في سياق تصاعد المواجهة مع الولايات المتحدة وإسرائيل وقطع الطريق على أي مشاريع انفصالية تهدف إلى تقسيم المنطقة، أو عزل سورية.

سبب التأخير

كل هذه الأهميات وغيرها لم تغب عن اذهان الإدارة الأمريكية وأذرعها في المنطقة التي حاولت مراراً وتكراراً تأخير افتتاح المعبر عن طريق استهدافه تارة او التهديد والوعيد تارة أخرى.

ففي الأيام القليلة الماضية تصدت الدفاعات الجوية السورية لطائرات معادية في محيط معبر (البوكمال/ القائم) السوري العراقي جنوب نهر الفرات أقصى شرق البلاد.

حيث أفادت وكالة “سبوتنيك” ان طائرات حربية يرجح أنها إسرائيلية، شنت في وقت متأخر من مساء الجمعة غارات على مواقع عسكرية شمال شرق البوكمال بـ 12 كلم، مضيفة إن: الدفاعات الجوية السورية تمكنت من إسقاط معظم الصواريخ التي أطلقتها الطائرات المعادية على الموقع، في حين تمكنت بعض الصواريخ من إصابة أهدافها”، مؤكدة أن لا خسائر بشرية أو إصابات نجمت عن الغارات وإنما اقتصرت الأضرار على الماديات”.

وتحدثت وكالات عن قيام طائرات تابعة للتحالف الأمريكي المزعوم بشن 4 غارات على منطقة معبر البوكمال الحدودي بين سورية والعراق، مستهدفا عدة نقاط تابعة لقوات الحشد الشعبي في 17 من شهر أيلول.

كما فعّلت الإدارة الأميركية دور بقايا خلايا “داعش” في بادية الشام, لإظهار ان الوضع الأمني في المنطقة لا يسمح للعراق باستكمال اجراءات افتتاح المعبر, حيث قامت مجموعة من تنظيم “داعش” الإرهابي بالهجوم على نقاط للجيش ومحاولة السيطرة على طريق دير الزور- حمص, إلا أن الهجوم باء بالفشل وتكبد التنظيم خسائر كبيرة.

وذكرت تقارير منذ عدة أشهر ان واشنطن قامت بتركيب “كاميرات حرارية” بالقرب من الحدود العراقية.

كل تلك المحاولات الأمريكية لم تجدي نفعاً أمام إرادة البلدين الشقيقين سورية العراق، وبات المعبر الآن نافذة هامة لدول المنطقة لتستعيد نشاطها التجاري والاقتصادي، وهو فرصة هامة للشعوب قبل الحكومات، على كافة الأصعدة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وهو اثبات جديد لعدم قدرة الأمريكي على فرض هيمنته على العراق وسورية، بانتظار أن تتخذ دول عربية أخرى خطوات مماثلة لما اتخذته العراق.

 

مجد عمران || البعث ميديا