ثقافة وفن

عودة الحياة إلى “كندي” اللاذقية

في خطوة مهمة وضرورية، تبعث على الأمل بوضعية سينمائية أكثر التصاقا بالجمهور، تسرب الفرح في شوارع اللاذقية، وهي ترى إزاحة الستارة وإعلان الانتهاء من عمليات ترميم وتأهيل صالة سينما “الكندي”، وذلك برعاية خاصة ولفتة مسؤولة من السيد وزير الثقافة، الذي أشرف على وضع الصالة تحت تصرف عشاق الفن السابع في “عروس الساحل”، وجاء في تصريح له بالمناسبة: “في رحاب هذه الصالة العريقة، التي نشأنا على متابعة أفلامها، اليوم نعاود افتتاح أبوابها من جديد، أمام كل محبي السينما، لا سيما وأنها الصالة الوحيدة في محافظة اللاذقية”.

المدير العام للمؤسسة العامة للسينما، الأستاذ مراد شاهين، كان حاضرا أيضا، وعبّر بدوره عن فرحه بهذا الإنجاز، فقال في تقديمه للاحتفالية: ” يسعدني أن أرحب بكم جميعا، ونحن نجتمع اليوم بمناسبة خاصة جدا، غالية على قلوب كل من ينتمي لتاريخ هذه المدينة العريقة، ألا وهي افتتاح صالة سينما الكندي في عروس البحر، لاذقية العزة والكرامة”.

ربما كان يقصد الأستاذ “مراد شاهين”، بكلمة “مناسبة”، الإعلان عن إطلاق عروض سينما الكندي، في إشادته بتقدير الجهود المتفانية والعمل الحميم للمشتغلين على المشروع، والتنويه بسرعة إنجاز العمل، ويضيف “شاهين”: ” هذا الافتتاح الذي يأتي بعد حوالي 5 سنوات من الإغلاق، والذي كان ضرورياً للقيام بالعديد من عمليات الصيانة، والتجديد والتحديث هذا عدا عن تقنيات العرض الحديثة جدا، التي استطعنا تزويد الصالة بها خلال هذه الفترة”.

الافتتاح الذي ينتظره الجميع بشغف، كان موفقاً في اختياره فيلم “دم النخل”، للمخرج “نجدت إسماعيل أنزور”، الفيلم الذي يروي واحدة من ملاحم بطولة الإنسان السوري، في مواجهته للحرب الإرهابية الظالمة التي تُشن عليه، وفي الإشادة بظروف إنجاز العمل، يضيف المدير العام للمؤسسة مراد شاهين قائلا: ” وهذا كله ما كان ليحدث لولا الهمة العالية والعمل الدؤوب لفريق عمل محب لعمله، راغب في التحديث والتطوير في وزارة الثقافة، تحت رعاية وإشراف كامل من وزير الثقافة الأستاذ محمد الأحمد، فلو أًتيح للحجر أن يتكلم، لسردت علينا حجارة هذه الصالة، بل لسردت كل زاوية وحائط وسرداب، من سراديبها الأف الحكايا والذكريات، ولتكلمت مقاعدها وقصت علينا، أحداث مئات الأفلام، التي عُرضت فيها، خلال فترة طويلة من الزمان”، ويرى البعض أن أهمية هذه الخطوة الآن، وهي إعادة افتتاح الصالة التي يقيت مغلقة ل 5 سنوات، حُرم فيها جمهور اللاذقية، من صالة واحدة في محافظته، فكانوا يستقبلون عروض السينما في المسرح القومي، عن هذه الأهمية يُشيد “شاهين” قائلا: “نعم هذه الصالة هي ليست مجرد مكان يجمعنا، بل هي ذاكرة عميقة تتقاسم نفسها معنا”.

الأستاذة “سناء الشوا”، معاونة وزير الثقافة،كان لها نصيب أيضاً من التقدير لجهودها،وأيضاً أعضاء المكتب الهندسي في الوزارة، وقد خصّهم المدير بالشكر فرداً فرداً، منهم الآنسة “رشا بركات” مدير الصالات سابقا في المؤسسة العامة للسينما، ومديرة المهرجانات حالياً استحقّت أيضاً وبجدارة الشكر على الجهد الكبير الذي أفضى إلى النجاح بترميم صالة خلال خمس سنوات فقط، وهذا ما قصده شاهين بقوله في حفل الافتتاح:”طاقة إيجابية تتحسس قوة تيارها الواصل إلى قلب كل منا، التارك فينا أثراً عميقا غامضاً يملأه الحب والتعلق، بلغة فريدة اكتسبناها من هذه الشاشة الكبيرة، التي علمتنا أنه في الحياة لا يوجد شيء اسمه المستحيل”.

افتتاح صالة الكندي بعد ترميمها في محافظة اللاذقية، التي تجمع بين جميع ألوان الطيف السوري، ففي جامعتها العريقة فقط، أكثر من 90 ألف طالب، أموها من المحافظات السورية، التي نالها ما نالها من هذه الحرب الضروس، و بين ضمة يديها الرؤوم، آلاف من الأسر السورية تعيش بين ربوعها، ومن مختلف أنحاء البلاد –أدلب-حلب، وغيرها- هو حدث يستحق التقدير والشدّ على أيدي أولئك الذين تفانوا في العمل خلال 5 سنوات منصرمات، لم يكن لأي عائق سواء ذاك الذي تفرضه طبيعة المرحلة والحصار المضروب على البلاد، من “شلة” –الناتو-، أو المتعلقة بالجهد الكبير المبذول في عملية الترميم وإعادة التأهيل، خطوة نتمنى أن تنسحب على باقي المناطق التي تحتاج لصالة عرض سينمائية نسبة إلى عدد السكان فيها، ونظرا لأهمية هذا الفن التوعوي والتربوي والتهذيبي، في كل من جبلة، القرداحة، بانياس، وغيرها من المناطق السورية، التي تحتاج بشدة لدور عرض سينمائية لائقة، تُقدم الفن والفكر والجمال، من خلال الأعمال السينمائية التي ستعرضها، فالفيلم السينمائي، ليس فقط للترفيه، إنه للتعليم والمتعة والتذكير والتنبيه، والخطوة المباركة التي خاضت بها المؤسسة العامة للسينما، بدعم لا محدود من وزارة الثقافة، ما هي إلا صخرة ثابتة، تتكسر عليها أمواج القبح والبشاعة، تلك التي ضربت شواطئ القلوب وذرت رمال الأرواح الهائمة بهذا الفن المرئي الأهم.

تغطية: تمّام علي بركات