الشريط الاخباريمساحة حرة

وترجل الفارس تاركا شهادات ونهجا

من لبنان الى سورية الى العراق وإلى دول عديدة بقي السفر إليها سرا، كان الجنرال قاسم سليماني، فدائيا ومستشارا وجنديا وأخا ورفيقا، حارسا ثوريا يلبي نداء الحلفاء، سامحا للإعلام ومحبيه أن يصوروا تحركاته ويلتقطوا معه صورا للذكرى، لا يهاب عدوا والأعداء كثر يترصدونه، أي صورة وأي تصريح له يكون دائما موضوعا مفتوحا للنقاش والتحليل ومبعثا للخوف الصهيوني أيضا.
من قائد فيلق “41 ثار الله” خلال الحرب الإيرانية العراقية الى واحد من أهم القادة في الحرس الثوري ومحور المقاومة. أمس الخميس قيل أنه زار بلدين مجاورين، وفجر الجمعة وصل إلى العراق، وفي المطار ابى رفاقه المقاومون الا أن يستقبلوه في المطار لكن سعادتهم باللقاء لم تكتمل، فالعدو الأمريكي كان يترصد خطواتهم، فغدر بهم فجرا باعتداء جوي.
منذ 2003 والاحتلال الأمريكي ينتظر الفرصة لاغتيال سليماني الذي وقف وراء الكثير من العمليات أودت بحياة المئات من الأمريكيين الذين غزوا العراق، وهو نفسه الذي وقف ضد “داعش” التي احتلت الموصل في 2013 وكان من خيرة المستشارين لقوات الحشد العراقي الذي وقفوا بدورهم الى جانب الجيش والأمن العراقيين في سبيل تحرير بلادهم من الهمجيين، وهو أيضا الذي ارعب العدو الصهيوني، كيف لا وهو الجنرال الوفّي لفلسطين الذي لم يكل لعقدين كاملين داعما ومستشارا للمقاومة الفلسطينية، بينما تمر فلسطين المحتلة في لحظة تاريخية ومفصلية حرجة.
هو كان أيضا رفيق الشهيد عماد مغنية والسيد حسن نصر الله، وفي حرب تموز 2006 شارك في خطط رد العدوان الصهيوني عن لبنان، وهو أيضا من تجول معه السيد حسن في بيروت في ليلة صيفية من ليالي الحرب وتناولا “البوظة” في أحد الشوارع!
رجل عاهد الله وصدق، كان مخلصا لبلده وجيشه وشعبه ومحور المقاومة، وفي سورية كان الضابط الرديف المستشار الخبير، وقف الى جانب الجيش العربي السوري وكان واحدا منهم يتنقل من منطقة لأخرى وفي قلبه حب للشهادة.
رحل “الرجل القوي” كما يسميه الغرب، المقاوم الذي اختلف الأمريكيون في عملية استهدافه، الديمقراطيون خائفون ناقمون ناقدون للتصرف غير المسؤول لرئيسهم الجمهوري الهائج دونالد ترامب بإقدامه على اغتيال سليماني وتحذيرهم من خطورة التصعيد.
يعتقد ترامب ربما أنه باغتيال اللواء سليماني، قد سيطر على الوضع في العراق أو كبح قوة إيران وكبّلها، صحيح أن فقدان رجل بحجم سليماني خسارة لا يمكن تعويضها، ولكن هذا الرجل، القادم من عائلة فقيرة تعمل في الفلاحة، قد ترك “نهجا سيبقى خالدا” كما قال الرئيس بشار الأسد، فمنذ 1998 وهو قائد لفيلق القدس وقد أعدّ المئات من الجنود المقاومين الذي ينتظرون إشارة للرد، ومثلهم لا يعرفون الا النصر أو الشهادة، فقد كان الحاج قاسم المغوار آسرا لقلوبهم وعلى دربه ملتزمون.
ارتقى اللواء سليماني شهيدا، تاركا قيادة “فيلق القدس” للعميد إسماعيل قاآني وهو واحد من أبرز قادة الحرس الثوري وعلى خطى سليماني سائر، كما قال السيد الخامنئي “الخطط هي ذاتها المعتمدة في عهد سليماني”.

سلوى حفظ الله