ثقافة وفن

كيف أحب أحمد رامي أم كلثوم.. وما هي قصة الخاتم الفضي؟

في مرة قال عن حبه لأم كلثوم «إنني أحب أم كلثوم كما أحب الهرم، لم ألمسه، ولم أصعد إليه، لكنني أشعر بعظمته وشموخه، وكذلك هي أم كلثوم»، وأحمد رامي كان يكتب لأم كلثوم كأنه يكتب لجزء من روحه وقطعة من نفسه، وربما كان سبب عظمة وجمال أغاني أم كلثوم كلها، حيث كتب لها حوالي 137 أغنية لم يتقاضَ عنها أجراً، لدرجة أن أم كلثوم في مرة قالت له: «إنت مجنون»، فقال لها: «أنا مجنون بحبك والمجانين لا يتقاضون ثمناً لجنونهم»، وذات مرة قالت أم كلثوم: «أحب في أحمد رامي الشاعر وليس الرجل» فتألم منها وكتب لها أغنية تقول: «عزة جمالك فين، من غير دليل بهواك»، وقال لها في إحدى أغانيها: «صعبان عليّ اللي قاسيته في الحب من طول الهجران، ما اعرفش إيه اللي جنيته من بعد ما رضيت بالحرمان»، وذات يوم اشتد الخلاف بينهما، قالت له بين العاملين: «يا ريتني ما عرفتك يا شيخ» فحزن رامي وانفجر فيها وقال: «من أنت حتى تستبيحي كرامتي، فأهين فيك كرامتي ودموعي».

لقد كانت أم كلثوم عارفة ومتأكدة أن أحمد رامي كان يحبها، ولما تزوجت ازداد شقاؤه وتعاسته، وطلبت منه أن يكتب أغنية تقول: «شايف الدنيا حلوة لأنك فيها» للرجل الذي أحبته وتزوجته، غضب أحمد رامي جداً وقال لها: «أنا شايف الدنيا أشجارها تلطم، وأرضها تبكي» ورفض أن ينظم القصيدة التي طلبتها منه، وخاصمته أم كلثوم، وأصر رامي على ألا يجعل الدنيا تضحك وهو يبكي، وبعدما يئس من الحصول على أم كلثوم قرر رامي الزواج هو الآخر وتأقلمت زوجته على حبه لأم كلثوم.

لما سمع أحمد رامي بوفاة أم كلثوم في أول شباط 1975، بكى عليها، ونظر إلى خاتم فضي أهدته له أم كلثوم خلعته من إصبعها منذ 20 سنة أو أكثر وكأنه غير مصدق الخبر، وعندما ذهب إلى مجلس العزاء المُقام على روحها جلس في آخر صف العزاء، بينما كان طوال ثلاثين عاماً يخصص له مقعد في الصف الأول في حفلات أم كلثوم، سواء في حديقة الأزبكية أو سينما قصر النيل أو سينما ريغولي، لكنه هذه المرة اختار آخر مقعد.

ولم يحتمل كثيراً.. خانته دموعه وسط الناس فانصرف حزيناً يتوكأ على كتف أحد أصدقائه، ولما طلبه الرئيس السادات في حفل تأبينها عام 1976 في أول ذكرى لوفاتها قال قصيدته التي كتبها لها:

ما جاء في خاطري أني سأرثيها

بعد الذي صغت من شجى أغانيها

قد كنت أسمعها تشدو فتطربني

واليوم أسمعني أبكي وأبكيها

صحبتها من ضحى عمري

أدف شهد المعاني ثم أهديها

وقف رامي بكل حرارة يرثي حب حياته الذي استمر حبه لها لأكثر من نصف قرن، ومنذ لحظة وفاة كوكب الشرق لم يكتب قصيدة شعر واحدة، حتى مات هو الآخر في أول تموز 1981، ودُفن لوصيته وخاتم أم كلثوم في إصبعه، رحم الله المحبين أم كلثوم وأحمد رامي.

 

د.رحيم هادي الشمخي