مجتمع

الأرملة…ومقولة “المجتمع لايرحم”

بالأمس كانت تعيش بكنف زوج يصونها ويحميها ويلبي طلباتها، واليوم بغياب رفيق العمر وانتقاله إلى عليين، تبدأ نظرات الشفقة التي تقتلها وكلام المجتمع الذي ينهش فكرها وعقلها، لتبدأ معركة نضالها وتصبح الأب والأم بآن واحد…إنها الأرملة..

فمن النساء اللواتي فقدن أزواجهن من تثبت صلابة وقوة بأس ورفضت الزواج ثانية لتتفرغ لتربية أطفالها، ومنهن من تقتلهن شفقة المجتمع ونظراته فتبدأن بالبحث عن يد حنونة تنتشلهن.

 

هذا ما جسده الفيلم الإيراني المترجم للعربية “أبي” للمخرج مجيد مجيدي الذي فاز بعدد من الجوائز في مهرجانات سينمائية داخل إيران وخارجها، والفيلم يروي قصة الأرملة “رباب” التي توفي زوجها تاركاً لها ثلاثة بنات وصبي، وقد عانت كثيراً في العمل بالأرض ما اضطر ولدها الصغير “مهر الله” للعمل في المدينة ليرسل النقود لأمه وأخته المريضة، لكن نظرات المجتمع وكلام الناس دفعها للزواج ثانية، ليكون لها سند وداعم في تربية أطفالها، وفي أحداث الفيلم يعود الفتى مبتهجاً بعد حين حاملاً النقود والثياب الجديدة لأمه وأخواته ليفاجأ بأن أمه متزوجة، يصدم “مهر الله” بالواقع ولا يتقبل أن يأخذ رجلٌ آخر مكان والده، وهنا تبدأ معاناة الأم في محاولة كسب ود ابنها وتقبله للواقع لكنه يأبى ويذهب ليعيش بمنزل أبيه المتوفي ليسترجع ذكرياته السابقة التي عاشها مع أبيه حين كان يعلمه ركوب الدراجة الهوائية، وكيف صدمتهم شاحنة في الطريق ما أدى لوفاة الأب أمام نظر ابنه ليبقى يعيش هذا المشهد المؤلم طوال حياته.

ولا تنتهي القصة هنا بل يبدأ التحدي والاستفزاز من قبل “مهر الله” لزوج أمه رغم أن كلّ منهما يقيم في منزل مستقل، إلى أن يقودهما الخلاف في آخر المطاف لملاحقة بعضهما في الصحراء فيتوهان وسط غبار العواصف الرملية وشحّ المياه، حينها فقط يسقط الشرطي “مرميا” زوج الأم الجديد على الأرض من العطش والتعب طالباً من الولد أن يتركه ويعود الى أمه، حينها فقط يبكي الولد بحسرة على ما فعله بزوج أمه فيحاول مساعدته وسحبه ولكن عبثاً يحاول فيسقط الولد هو الآخر بجانبه ليموتا معاً.

 

 

 

 

 

قصة الفيلم تجسد جانباً من معاناة أرمله دفعت ثمناً باهظاً لهروبها من كلام المجتمع الذي لايرحم، فـ “رباب” أصبحت أرملة مرة أخرى وثكلى بآن واحد، كُرمى ماذا؟؟ ربما تكون هذه القصة هي غيض من فيض ولكن الواقع يخبئ قصصاً وحكايا كثيرة كلها تحت عنوان “المجتمع لايرحم”.

البعث ميديا-ليندا تلي