مساحة حرة

سلطان بعقل الذبابة ؟؟

لم تكن معركة تحرير ادلب وليدة الساعة، وقد بدأت منذ أكثر من عام وجاء التريث باستكمالها لفتح الطريق أمام تنفيذ اتفاقات أستنة وسوتشي بخصوص مناطق خفض التصعيد ومن ضمنها ادلب وريفها، وتفاهمات بين الدول الضامنة من أجل إنجاز مصالحات على غرار ما حصل في الجنوب وغيرها من المناطق التي تم تحريرها وفق تسويات، سيما وأن مناطق خفض التصعيد هي مجرد كيانات مؤقتة لمدد محدودة تم الاتفاق عليها كخطوة أولية في طريق الحل السياسي الشامل وإنهاء الوجود الإرهابي من الجغرافيا السورية ، وعلى الجانب التركي الراعي الفعلي للتنظيمات الإرهابية في سورية ان ينفذ التزاماته تجاه هذه الاتفاقات ، لكنه كعادته استمر في المماطلة وتقديم الدعم للإرهابيين بكل الوسائل الممكنة، علماً أن تنظيم ” جبهة النصرة ” المدعوم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا وغيرهم من دول المحور المعادي لسورية هو المسيطر في الواقع على أغلب مناطق إدلب وريفها ، ويجب القضاء عليه وعدم المساومة في ذلك مهما تغيرت الأسماء والألوان وهذا ما أكده وزير خارجية روسيا ” سيرجي لافروف ” في آخر تصريح له : “على ضرورة القضاء على الإرهاب في محافظة إدلب مشيراً إلى أن تركيا لم تف بتعهداتها بموجب اتفاق سوتشي وعليها تنفيذها ..وان إرهابيي ” جبهة النصرة ” المدرجة على قائمة مجلس الأمن للكيانات الإرهابية ينتشرون في إدلب ويستهدفون المدنيين في المناطق المجاورة ومواقع الجيش السوري وقاعدة حميميم “.

من هنا جاءت معركة إدلب لإنهاء الوجود الإرهابي من هذه المنطقة وإعادة سلطة الدولة السورية إليها ، وإن الوجود التركي في تلك المنطقة هو احتلال غير مبرر وخارج عن الشرعية الدولية والقانون الدولي ومنطق علاقات الجوار ، وعلى النظام التركي أن يسحب قواته وأدواته العميلة دون أية شروط ، وإن تهديداته وجعجعته الفارغة لن تجدي نفعاً مع الإصرار السوري على تحرير كل شبر من الأراضي السورية بما فيها إدلب وأريافها وهذا حق لا يستطيع أحد في هذا العالم منعه ، وإن معركة القضاء التام على الإرهاب بكل أشكاله وألوانه في الجغرافيا السورية مستمرة رغم كل الأجندات المعادية المخادعة والداعمة للإرهاب ، مع الإشارة هنا إلى أن أطماع أردوغان وخيالاته الطوباوية ومخاطر سياساته الرعناء تجاوزت الحدود السورية إلى الفضاء العربي كاملاً ، وأن دوره التخريبي في ليبيا خير دليل على ذلك ، ومهما برر تدخله السافر في شؤون الدول الأخرى هذا لن يعطيه الحق باستمرار فرض سياساته المعادية للدول الأخرى وتنصيب نفسه سلطاناً بعقل الذبابة على العالم الإسلامي معتبراً ذاته الخليفة الذي سيقود الشارع الإسلامي إلى الخلاص على مستوى العالم باستثمار مجموعة من الإرهابيين ، ومعتبراً الطاغية هتلر مثله الأعلى في القيادة وأفكار السيطرة على الشعوب الأخرى، حتى بات هو وفكره المتخلف عبئاً حقيقياً على بلاده وعلى دول الجوار اولاً وعلى العالم بأسره ثانياً .

إن نجاح الجيش العربي السوري في معركة إدلب وتحرير مواقع استراتيجية هامة ، هو حلقة من مخطط متكامل لتحرير كل شبر من سورية ، التي سيكون لها الأثر المباشر في تغيير الخارطة الجيوسياسية للمنطقة والعالم ، وستشكل ضربة من العيار الثقيل وربما قاضية للنظام الإخواني في تركيا وشركائه في المحور المعادي لسورية أولهم الكيان الصهيوني الغاصب الذي يُحاول مساندة الإرهاب في سورية بكل الوسائل بما في ذلك الاعتداءات المباشرة ، بأوامر عملاتية من الولايات المتحدة الأمريكية الراعي الحقيقي للإرهاب الدولي العابر للحدود ، وهذا ما عبر عنه أردوغان شخصياً في آخر كلمة له ، حيث قال : ” إن الهزيمة في سورية ستكون أثمانها عالية جداً ..” وهو يعي تماماً المصير الأسود الذي ينتظره ونظامه العفن نتيجة هزيمته القريبة في سورية ، وهي مؤكدة بكل المقاييس العسكرية والسياسية ، وإن مطالبته الدول الضامنة بفرض هدنة محددة لن يُجدي نفعاً بعد نفاذ كافة الفرص التي منحت له ولعصاباته الإرهابية ، وإن المعركة مستمرة بدعم من الحلفاء والشركاء بغض النظر عما يُطرح من أفكار من قبل البعض ، وذلك بتحديد مناطق آمنة منزوعة السلاح بعمق 10 – 15 كم ضمن الأراضي السورية يتم تجميع التنظيمات الإرهابية والنقاط التركية فيها تمهيداً لاستمرار اللقاءات المشتركة ، هي بالأساس مجرد ذر الرماد في العيون لإخراج النظام التركي من عنق الزجاجة وهي مرفوضة جملة وتفصيلاً ، وإن الحد الأقصى مما يُمكن أن تناقشه الحكومة السورية ، هو القبول بتنفيذ اتفاقية أضنة الأمنية الموقعة بين الجانبين التركي والسوري في ثمانينات القرن الماضي ، والتي يتم بموجبها تحمل مسؤولية حفظ الحدود ومنع دخول العناصر والتنظيمات الإرهابية على الدولة من كلا الجانبين بشكل متكافئ ومنسجم ، هذا بعد أن يتم انتشار الجيش السوري على كامل الحدود الدولية مع تركيا وتسلم المنافذ الحدودية والمعابر والنقاط الأمنية بالكامل ، وإن أي طروحات أخرى مخالفة لمبدأ السيادة والاستقلال مرفوضة بالمطلق من قبل الحكومة السورية ، ويتكفل الجيش العربي السوري والقوات المسلحة السورية بالتعامل معها وفك شيفرتها وفق أجندة التحرير المعتمدة والمستمرة .

 

 محمد عبد الكريم مصطفى – البعث ميديا