ثقافة وفن

إيبلا نقيض ادلب اليوم

ملكت “إدلب”،  ضمن النصوص المكتشفة في مكتبة القصر الملكي في “إيبلا”  أقدم معاهدة سلام عقدت بين “ملك إيبلا وملك أبارسال (آشور)” في القرن 24 ق.م، تحدّد بموجبها الواجبات والحقوق المترتبة على طرفي المعاهدة.
إن “إدلب” حاليا و”إيبلا” قديماً، قبل خمسة آلاف عام اشتهرتا بالزيتون، وهما تقدمان في كل شجرة زيتون معاهدة سلام لكن بؤس السياسة لا يتفق دائما مع رسائل التاريخ.

وتميزت بنظامها التعددي  في “إيبلا”  في الألف الثالث ق.م الذي أجاز تعدّدُ الآلهة و عَبدَ سكان إيبلا آلهةً مختلفةً، منها الآلهة الكنعانية مثل “إيل ونيداكول ودجن” وإله الشمس، وككاب إله النجم، ورشف إله الطاعون والعالم السفلي، “وأشتار وعشتارت وليم وأدا (حدد) إله الطقس”، كما قدّسوا الأسلافَ والملوك، ووجد فيها نصوص أدبية أسطورية، بالإضافة لترانيم وتفسيرات دينية احتوت على آلهة من وادي الرافدين مثل : “إنكي، إنيليل، اوتو، إنانا، مردوخ، تيامات”.
لهذا يمكن اعتبار “إيبلا” البوتقة التي انصهرت فيها الأديان في سائر إقليم الهلال الخصيب، وهو ما يتناسب مع دورها كقلب حضاري، تلتقي فيه مجموعة شرايين حضارية تجارية، امتدت من نهر الفرات شرقاً حتى سواحل المتوسط غرباً، ومن طوروس حتى سيناء، فكانت مدينة ماري على الفرات شمال البوكمال خلال فترة من الفترات خاضعة لها، وكان ميناء أوغاريت على المتوسط تؤمّه السفن التي تحمل الذهب إلى إيبلا، فاجتمعت في أسواقها البضائع من كافة أرجاء الإقليم، بالتوازي مع تجمّع كافة عبادات الإقليم في معابدها.

ويالسخرية التاريخ أن “إدلب” اليوم، وعلى النقيض من “إيبلا”، تخضع لأصولية دينية متزمتّة بشكل قل نظيره في تاريخ البلاد قديما وحديثا، وتشكل مخزنا لتجميع العناصر المتطرفة من كافة أرجاء الشرق بما في ذلك متطرفي الإيغور القادمين من شرق الصين.