اخترنا لك

رسالة “الصغيران” إلى الله

إنها لعنة الفقر، التي تحرم بعض الأطفال أبسط حقوقهم وتسلبهم طفولتهم البريئة، ليجدوا نفسهم في موقع مسؤولية يبحثون بشتى الطرق التي تمليها عليهم براءتهم ليكسبوا بعض النقود ليساهموا في مساعدة أهلهم.

 

براءة الطفولة جسدها بطلا الفيلم الإيراني “رسالة إلى الله” للمخرج مجيد مجيدي، طفلان صغيران يعيشان مع أبيهم وأمهم في بيت ريفي بسيط،

شاء القدر أن تمرض الأم وتحتاج لإجراء عمل جراحي ولكن أنّى لها ذلك،  فالأب لا يملك المال اللازم لإجرائها، ما دفعه للذهاب إلى المدينة علّه يجد من يقرضه المال من أصدقائه، في غياب الأب كان مسؤولية تلبية حاجات المنزل تقع على عاتق “محسن” ذو الـ7 سنوات، يوميا يذهب وأخته “معصومة” إلى المدرسة، وحين العودة إلى البيت يضع حقيبته المدرسية ويحمل الحطب من غرفة المؤونة ويحملها للداخل كي يعمّ الدفء في الجو الشتوي البارد، وبعدها يذهب كباقي أهل القرية وأطفالها لصيد البط لطهيه للطعام وما يزيد من الصيد يبيعه ليكسب قليلا من المال، إلى أن شاء القدر في أحد الأيام وهو جالس على مقعد الدراسة يصل عامل البريد ويعطي الأستاذ مكتوبا، وعينا محسن تراقبان عن كثب، ما أن يخلص الدوام حتى يذهب الى الحانوت ويشتري ظرفا وطوابع ويعود مسرعا الى البيت فيدخل غرفة المؤونة خارجا ويجلس هو وأخته “معصومة” ذات الـ 6 سنوات ويخطا رسالة، نصها التالي: “سلام يا الله أنا اسمي “محسن” وأختي اسمها “معصومة” أمنا مريضه حالتها سيئة للغاية لابدّ لأمي من الذهاب للمشفى للعلاج، والمشفى يطلب مالا كثيرا لذا قصد أبي المدينه بحثا عن شخص يقرضه مالا، وإذا لم يتمكن أبي من أن يأتي بالمال الكثير فلن تتعافى أمنا، قالت جدتي ونسوة الحي: إنّ الله يستطيع أن يفعل كل شيء، وأن الله يشفي المرضى دائما،  لذلك أنا و”معصومة” نكتب لك هذه الرسالة حتى  تقرأ رسالتنا وتأتي إلى بيتنا وتأخذ أمي إلى المشفى،  أنت حنون جدا، وأنت تحبّ الأطفال كثيرا،  ونحن نحبك كثيرا،  وإذا جئت لتأخذ أمي إلى المشفى فسنحبك أكثر، وإذا لم تأت فسنكون أنا و”معصومة” حزينين جدا، وسنبكي ولن نكلم أحدا أبدا،  أنا و”معصومة” لا نعرف أحدا غيرك أنت لنطلب منه أن يساعدنا، أنا و”معصومة” سنأتي كلّ يوم ونقف عند مدخل قريتنا “نرجستان”  وسنبقى ننتظر حتى تبعث إلينا أحدا معه سيارة ليأخذ أمنا  إلى المستشفى.

وفعلا كان للقدر يد في الموضوع حيث وقع المغلف بيد موظفة البريد وكان المغلف مفتوحا غير مختوم مما أثار فضولها لمعرفة العنوان المراد إيصالها إليه، فانهمرت دموعها واجتمع زملاؤها وأتى مديرها وأخذ الرسالة من يدها وقرأها بصوت عال أمام الجميع فكان الحسّ الإنساني لديهم كبيرا، فقرروا أن يرسلوا سيارة إسعاف إلى القرية ويأتوا بوالدة محسن للمشفى ليتم علاجها.

وهكذا استجاب الله لرسالة محسن ومعصومة وكأنه أوحى لموظفي البريد بأن يقدموا المساعدة الانسانية للأم المريضة، وبذلك تحققت أحلام الطفلين البريئين واسعفت الام الى المشفى، رغم اختلاف البيئة والثقافة والتقاليد والعادات واللغة بين مجتمع الفيلم ومجتمعات أخرى لكن سمات البراءة والعفوية والصفاء واحدة لدى جميع الأطفال.

 البعث ميديا – ليندا تلي