الشريط الاخباريدوليسلايدسياسة

نور الدين لـ البعث ميديا: إحياء العثمانية الجديدة سبب مماطلة أردوغان في تنفيذ التزاماته

على مدى سنوات الحرب الإرهابية على سورية كانت تركيا بقيادة نظام رجب طيب أردوغان الإخواني البوابة الأخطر لدخول الإرهابيين من كل أنحاء العالم إلى سورية، والمرتكز في كل ما يجري من قتل وتدمير بحق الشعب السوري وأرضه وحضارته، وعلى الرغم من دخولها في مسار أستانة مع الحليفين الروسي والإيراني وتوقيعها العديد من الاتفاقيات التي تؤكد على وحدة وسلامة الأراضي السورية إلا أنها بفعل النزعات الطورانية لأردوغان وزمرته الإخوانية تواصل انتهاك السيادة السورية والتملص من الاتفاقيات التي وقعت عليها، والتي كان آخرها اتفاق موسكو لإعادة افتتاح أوتستراد اللاذقية حلب.

الدكتور محمد نور الدين الباحث والمتخصص في الشأن التركي في حديث لـ”البعث ميديا” تناول التدخل التركي في سورية وأسبابه قائلاً: سعت تركيا منذ بداية الأزمة في سورية عام 2011 لإيجاد موطئ قدم لها هناك وأن تكون لها هيمنة ونفوذ بأكثر من وسيلة، وبعد أن دعمت بكل الوسائل التنظيمات الإرهابية انتقلت إلى التدخل العسكري المباشر واحتلت أجزاء واسعة من سورية بين عامي 2016 و 2020 ولا تزال، ورغم كل المحاولات الروسية والإيرانية فإن تركيا لا تزال متمسكة بدعم الإرهاب واحتلال الأراضي، وبين الدكتور نور الدين أن أساس هذا العناد ليس مجرد أهواء شخصية لرئيس النظام التركي رجب طيب إردوغان فقط، بل كون هذا النهج تطبيقاً لمخطط استعادة تركيا للحدود التي رسمها البرلمان التركي في 28 كانون الثاني 1920 لتكون حدود تركيا الجديدة والتي عرفت بحدود “الميثاق الملّي” والتي كانت تحت الاحتلال الفرنسي والانكليزي وكانت تضم شمال سورية وشمال العراق، إن الرغبة والسعي لإحياء عثمانية جديدة تقع خلف المماطلة التركية لعدم تنفيذ اتفاقيات سوتشي وتفاهمات أستانا، مضيفاً، أنه لا شك هناك أهدافاً أخرى وراء هذه المماطلة مثل أطماع تركيا في الحصول على حصة في المستقبل السياسي في سورية أو توقيع اتفاقيات أمنية جديدة أو إقامة شريط نفوذ لها داخل سورية في حال انسحاب قواتها، لكن هذه الأهداف تقع في مرتبة ثانية بعد الهدف الاستراتيجي الأساسي في ضم شمال سورية وشمال العراق إلى تركيا الحالية.

وبخصوص الأوضاع الميدانية في الشمال السوري وهل نحن مقبلون على جولة تصعيد جديدة أوضح الدكتور نور الدين: أن تركيا لم تنسحب حتى الآن من أي نقطة احتلتها من سورية بل عملت حتى على عدم انسحاب الإرهابيين الموالين لها، وكل ما تحقق حتى الآن كان بفعل القوة التي استخدمها الجيش العربي السوري، لذلك من غير المتوقع أن ينفّذ أردوغان تعهداته ما لم يتعرض لضغوط ميدانية جدّية من الجيش العربي السوري، مؤكداً والكلام للدكتور نور الدين أنه بقدر ما يكون تصميم القيادة والجيش والشعب في سورية قوياً على التصدي للأطماع التركية وبقدر ما يتوثق محور المقاومة، بقدر ما تنجح سورية في إفشال كل المخططات التركية والأميركية والإسرائيلية التي تتكامل فيما بينها.

استقالة وزير الداخلية وعودته عنها تؤكد أن أردوغان يختصر العدالة والتنمية بشخصه

 

وفي الشق الثاني من الحوار سألنا الدكتور محمد نور الدين عن سياسية أردوغان الداخلية سواء في علاقته بباقي الأحزاب والمكونات السياسية التركية وانتهاء بحزبه العدالة والتنمية والعلاقات القائمة فيه فقال: من الواضح أن رجب طيب أردوغان استغل أزمة كورونا ليشن هجوماً على معارضيه، فعمل على منع أن يجمعوا المساعدات لمساعدة المحتاجين وأقال العديد من رؤساء البلديات المعارضة ولاسيما في المناطق الكردية وقام بتمرير صفقات ومشاريع مكلفة مثل قنال اسطنبول بين البحر الأسود وبحر مرمرة، أكثر من ذلك وحتى لا تصاب الحركة الاقتصادية بالشلل كان مستعداً لعدم اتخاذ تدابير مبكرة ضد تفشي الوباء مفضلا حماية مصالحه المالية على حماية أرواح الناس، لذلك تفشى المرض وفاقت أعداد الإصابات خلال فترة قصيرة المئة ألف إصابة، مضيفاً، لا شك أن فوز المعارضة ببلديات كبرى  كانت بيد حزب العدالة والتنمية منذ 25 عاماً مثل اسطنبول وأنقرة يعدّ مؤشراً مهماً على ما قد تكون عليه الخريطة السياسية المستقبلية، لكن هذا مشروط بحماية المعارضة لانتصارها والنجاح في عملها في البلديات وتقديم خدمات للناس، علماً أن الحكومة التركية تعمل ليل نهار على عرقلة عمل بلديات المعارضة، مع ذلك فإن الوقت مبكر لاتخاذ نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة معياراً لتوقع نتائج انتخابات رئاسية بعد ثلاث سنوات.

أما فيما يتعلق بالوضع داخل العدالة والتنمية والحديث المستمر عن محاولة أردوغان إقصاء منافسيه لحساب شخصيات مقربه منه فقال الدكتور نور الدين: لا شك أنه هناك دائما تباينات في الرأي والسياسات داخل حزب العدالة والتنمية وهو ما أدى سابقاً إلى تصفية كل من يعارض أردوغان من عبدالله غول وأحمد داود أوغلو وعلي باباجان ولم يبق أحد من القيادات المهمة، بل إن أردوغان لجأ إلى تفضيل صهره الشاب وعديم الخبرة زوج ابنته، برات البيرق وولاّه مسؤولية أهم ملف وهو الملف الاقتصادي، في الوقت نفسه كان نجم وزير الداخلية سليمان صويلو يتقدم بعد نجاحه في تنفيذ تعليمات أردوغان في مواجهة الأكراد وجماعة فتح الله غولين وغيرهم، وعليه فقد جاءت استقالة صويلو تحت الضغط لإضعافه في مواجهة برات البيرق من جهة وتحميله مسؤولية التقصير في مواجهة كورونا من جهة أخرى، لكن أردوغان تلاعب بوزير الداخلية وعاد وطلب منه العودة عن استقالته ليثبت للجميع أنه هو الآمر الناهي في الحزب، ولتؤكد أن أحداً داخل حزب العدالة والتنمية لا قيمة له وأن أردوغان يختصر الحزب بشخصه، مع ذلك فإن هذا النهج التسلطي لا يمكن أن يبقى من دون تداعيات داخل قاعدة حزب العدالة والتنمية والتي يمكن أن تظهر خلال الانتخابات النيابية والرئاسية المقبلة عام 2023.

وفيما يتعلق بالقيادات التي انشقت وأسست أحزاباً كأحمد داود أوغلوا وعلي باباجان قال نور الدين: كلا الرجلين له وزنه داخل الحزب وفي قواعده، كما إن الرئيس السابق للجمهورية عبدالله غول يدعم علي باباجان، وعلى هذا فإنه يفترض أن يأكل الحزبان الجديدان من قاعدة حزب العدالة والتنمية وليس من قواعد الأحزاب الأخرى، فإذا حصل ذلك فإن النسبة التي سينالاها في الانتخابات المقبلة مهما كانت صغيرة ستكون مؤثرة في نتائج الانتخابات الرئاسية خصوصاً أن أردوغان فاز في انتخابات الرئاسة السابقة كما في الاستفتاء على التعديلات الدستورية بفارق لا يتجاوز النقطتين في المئة، فلو فاز مثلا الحزبان الجديدان مجتمعين بنسبة لا تقل عن الأربعة في المئة ومن قواعد حزب العدالة والتنمية، فإنه يمكن الإطاحة بأردوغان وحزبه، لكن هذا مشروط أيضا بتوحّد المعارضة كلها دون استثناء خلف مرشح واحد وهذا غير مؤكد وغير واضح حتى الآن.

حوار: سنان حسن