مجتمع

في زمن الحجر الصحي…المرأة ضحية للعنف الأسري

انتشر فيروس “كورونا” وأرخى ظلاله حول العالم ففرض الحجر الصحي والبقاء في المنازل لفترات طويلة في مختلف أنحاء العالم، فكان الشرارة التي أدت إلى تزايد التوتر والضغط النفسي داخل الأسر، ما خلق بدوره عنفا متزايدا ضد النساء والفتيات، الأمر الذي دفع الأمم المتحدة لإطلاق تحذيرات من ارتفاع نسب العنف الأسري، داعية بذات الوقت لحماية النساء والفتيات من التعنيف الأسري، مطالبة القضاء في الدول مواصلة “مقاضاة المعتدين”.

فعلى المستوى العربي ارتفعت وتيرة العنف المنزلي خلال الحجر الصحي الذي فرضته الدول لمكافحة فيروس “كورونا”.

ففي تونس تضاعف معدل العنف ضد النساء خلال الحجر الصحي خمس مرات مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. حيث خصصت السلطات أماكن عزل صحي خاصة للنساء اللواتي تعرضن بشكل أو بآخر إلى التعنيف المنزلي. كما دعا كثر إلى التضامن بين سكان المباني عند سماع أصوات تشي بالعنف، مع التدخل لإيقاف ما يحدث والاتصال بالشرطة.

بينما أشارت تقارير صحفية في مصر إلى أن الفتيات يتشاركن حالة من الغربة والوحدة والخوف من العنف الأسري خلال فترة الحجر الصحي المفروض، كما يتشاركن حالة التأهب والمواجهة، للحفاظ على حريتهن.

في لبنان أكدت رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية كلودين عون روكز، على ارتفاع نسب تعرّض النساء والفتيات للعنف مغردة:  أنه “في ظلّ الحجر الصحّي، زادت نسبة الاتصالات بالخط الساخن 1745 المخصّص لتلقي شكاوى العنف الأسري بشكل كبير”.

بينما  تصدر اسم الشابة الأردنية “إيمان الخطيب” مواقع التواصل الاجتماعي بعد ظهورها في بث مباشر عبر فيسبوك، تتحدث فيه عن تعرضها للتعنيف والترهيب من قبل عائلتها، قائلة إن شقيقها طردها وابنها من المنزل، بعد تعرضها للضرب والعنف الأسري خلال فترة الحجر الصحي.

أما في السعودية، تم إطلاق هاشتاغ “#ليش_ما_بلغت” على تويتر، حيث شاركت نساء “سعوديات وغير سعوديات” تجاربهن مع العنف الأسري واللفظي والنفسي وصولاً للتحرش الجنسي والاغتصاب.

وشرحت المغرّدات عبر هذا الهاشتاغ الأسباب التي تمنعهن من إبلاغ السلطات عن العنف الذي يتعرّضن له كالخوف من إرسالهن لدور الرعاية وعدم ثقتهن بالجهات المختصة بمتابعة حالات العنف الأسري. ناهيك عن صعوبة التبليغ عن حالات العنف في ظل انتشار ثقافة لوم الضحية والانحياز إلى الرجل حتى لو كان معنفا ومتحرشا، وخاصة أن هناك الكثير من الحالات يكون المعتدي شخص مقرّب.

أما على المستوى العالمي فقد ارتفعت النسبة في فرنسا إلى ما يقرب الـ 36 % حيث أعلن وزير الداخلية كريستوف كاستانير عن إطلاق  نظام شكوى يمرّ عبر الصيدليات التي طُلب منها متابعة الشكاوى مع الشرطة حيث أصبح بإمكان النساء إرسال رسائل هاتفية على الرقم 114، خدمة مستحدثة لمد يد العون.

وأظهرت أحدث التقارير زيادة العنف ضد المرأة بنسبة 30 بالمائة في المتوسط في أوروبا، وفي الأرجنتين 25 بالمائة وسنغافورة 35 بالمائة.

بينما شهدت إيطاليا تراجعا كبيرا في البلاغات الرسمية عن العنف الأسري في ظل إجراءات العزل العام، بدورها أعلنت السلطات البريطانية أنها ستعتقل المتورطين في هذا النوع من الحوادث، أما  اسبانيا  فقد اتخذت حزمة من التدابير لمكافحة العنف ضد النساء والأطفال، منها خدمة الرسائل الفورية وتحديد الموقع الجغرافي عند تقديم الشكوى، بالإضافة إلى خدمة المحادثات الفورية مع مختصّين بالدعم النفسي.

في ألمانيا ذكرت وزيرة الأسرة الألمانية فرانتسيسكا جيفي أنها ترى خطر تزايد العنف المنزلي على خلفية أزمة جائحة كورونا في المدن على وجه الخصوص، مقارنة بالمناطق الريفية، ويؤكد الخبراء في الولايات المتحدة، أن من يعانون من العنف المنزلي لديهم موارد مهمة لمساعدتهم ودعمهم، وأن هناك الكثير من المتطوعين حول البلاد ينتظرون تلقي مكالمة أو رسالة إلكترونية لتلبية النداء.

وينصح الأخصائيون النساء بالاحتفاظ بوثائقهن الرسمية، مثل الهوية الشخصية والتأمين الصحي، بالإضافة إلى الأرقام الخاصة بالطوارئ في مكان قريب منهن، والتواصل مع أشخاص تثق بقدرتهم على تقديم المساعدة حين الحاجة، وتشير إلى أن توزيع المهام المنزلية على الأشخاص داخل الأسرة قد يساعد في الحدّ من تفاقم المشاكل الأسرية والضغوط النفسية، مؤكدين أن على النساء اللواتي يتابعن مع مؤسسات تعنى في قضايا العنف، الاستمرار بالتواصل مع الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين في حال تعرضهن لأي عنف أو ضائقة.

أخيرا نقول بأن ظاهرة العنف الأسري لا يمكن تجاهلها إذ أنها لا تدمر عائلات فحسب بل يمكن أن تفتك بمجتمعات كاملة، لأن الحقيقة التي ندركها جميعا بأن “ما قبل كورونا ليس كما بعده” لذا حري بنا الحفاظ على صحتنا النفسية قدر المستطاع لنتخطى وباء كورونا على خير ما يرام.

البعث ميديا||ليندا تلي